بسام الرحال ـ حمص:
إن قيام الإعلام العسكري بشرح تفاصيل الخيارات العسكرية بطرق مختلفة يمكن أن يرفع أو يضعف المعنويات للمدنيين والعسكريين، ويساهم إذا تم استخدامه بكفاءة عالية في صناعة قيم جديدة للانتصارات أو الخسائر في معارك قائمة أو ستتم.
فبعد المعارك الأخيرة لقوات الأسد في الغوطة الشرقية ونجاحها في السيطرة على معظم المنطقة، عبر استخدامه لسياسة الأرض المحروقة وبدعم من طائرات العدوان الروسي، لجأت قواته إلى إتباع أسلوب الحرب النفسية بمعاركها ضد فصائل الثوار في ريف حمص الشمالي، بغية تشتيت الثوار وكسر معنويات المقاتلين، بالإضافة إلى إخافة المدنيين من خلال وعود الترهيب التي يطلقها عبر هذه المناشير.
إذ ألقت مروحيات تابعة للنظام يوم أمس، مناشير تطالب فيها عناصر الثوار بتسليم أنفسهم لنظام الأسد، وتدعوا المدنيين إلى إخراج “الإرهابيين” من مناطقهم، وتحثهم على العودة إلى “حضن الوطن الدافئ”، حسب وصفهم، حيث تأتي هذه المناشير التي حملت توقيع قيادة الجيش العربي السوري ( ج.ع.س)،ضمن الأساليب النفسية التي يتبعها نظام الأسد ضد الأهالي في المناطق المحررة.
وفي تصريح لـ “حرية برس” قال “سامر سليمان” وهو صحفي وناشط إعلامي من مدينة الحولة: “إن المناشير التي تلقيها طائرات النظام واجهت ردة فعل عكسية من جهة الثوار على عكس بعض المناطق، حيث أنها أكدت للثوار بأن النظام فاشل وعاجز عن الحسم العسكري ولذلك لجأ إلى هذا النوع من الحرب النفسية وعرض الهدن، فبعد عدة عمليات عسكرية فاشلة لقوات النظام على الريف الحمصي من محاور مختلفة، لجأ مؤخراً الى الحرب النفسية ظانناً منه أنها ستقلى قبول عند الثوار، ومن ثم ينتقل الى عقد الهدن واتفاقيات المصالحة كما حدث في باقي المناطق”.
“محمد الفارس” من سكان مدينة كفرلاها في ريف حمص الشمالي يقول : “بعد سنوات من الحصار من قبل قوات الأسد على ريف حمص، بدأ مؤخراٌ يعمل على الحرب النفسية وضرب الحاضنة الشعبية للمقاتلين مستغلاٌ حاجة الناس وظروف الحرب القاسية التي أنهكت معظمهم، بالإضافة لسيطرته على بعض المناطق في باقي المحافظات السورية، لكن من خلال مشاهدتي لرأي الناس بالشارع فأنا على يقين أن أسلوب النظام هذا سيفشل كما فشلت سياسة الحصار من قبل، لأن المدنيين مصريين إصرار كامل على عدم الرجعة عن مطالبهم مهما كانت التضحيات”.
ويضيف “الفارس” قائلاٌ: ” إن استخدام النظام لسياسة الحرب النفسية باتجاه المدنيين أو حتى المقاتلين، هو دليل فشل ذريع للحل العسكري، حيث أن هذا الأسلوب هو بمثابة الورقة الأخيرة التي يستخدمها النظام، ولكن ما حصل للمدنيين من قصف وقتل وتشريد تجعل هذا الورقة لا تأثير لها، ولن يسمحوا للنظام من أن ينال من عزيمتهم وإراداتهم، وأن أسلوب إلقاء المناشير والحرب النفسية لن تنجح، فمعظم المناشير والأوراق التي ألقيت على ريف حمص الشمالي استخدمت لمسح زجاج السيارات أو العاب للأطفال، حيث يصنعون بها طائرات ورقية أو استخدمت للحرق والطهي عليها”.
يقول العقيد المتقاعد “جهاد المصري “في حديثه مع “حرية برس” حول إتباع النظام هذا النوع من الحروب النفسية: “إن استخدام النظام لهذا الأسلوب دليل على وجود قيادة عسكرية ذو كفاءة، ولا أستبعد أن تكون هذه القيادة ضباط روس أو إيرانيين، ففي العلم العسكري الحديث أدرك العسكريون ومنذ بدء الصراعات المسلحة بين البشر أهمية العمليات النفسية، و وجدوا أن الإنسان يقاتل بشجاعة أحيانا، ويصاب بالجبن أحيانا، ويستبسل في ظروف معينة، ويتقهقر في ظروف أخرى نتيجة العوامل النفسية التي تشكل الطبيعة البشرية، وهو ما دعا الكثير من المخططين العسكريين للاتجاه للتركيز على التأثير في الميدان من دون الدخول في المعارك”.
وأشار العقيد “جهاد” قائلاً: ” أن الحرب النفسية تظل وسيلة لتحقيق استراتيجية الدولة وهي أخطر أنواع الحروب، لأنها تتم عبر تدمير عقل وفكر السكان المدنيين والعسكريين المقاتلين في الميدان، وبالإضافة إلى أثار اقتصادية واجتماعية على المجتمع ككل، والنظام مدرك تماما لهذا الكلام، لاسيما مع وجود قيادات أجنبية لدول كبرى تقاتل معه وتقوم بإعداد الخطط والتي قد تصل بهذه القيادات أحيانا كونها مركز القرار العسكري في سوريا”.
يذكر أن مناطق ريف حمص الشمالي تعرضت خلال فترات سابقة لمحاولات اقتحام عدة من قبل قوات الأسد، من جبهات “تيرمعلة” و”جوالك وسنيسل” و”حربنفسه”، حيث بائت جميعها بالفشل على الرغم من الدعم الجوي الكثيف التي كانت تقدمه طائرات العدوان الروسي.
عذراً التعليقات مغلقة