شهدت محافظة درعا في اليومين الأخيرين عودة التصعيد بالقصف الجوي من قبل طائرات نظام الأسد وطائرات العدوان الروسي، بعد غيابها لنحو ثمانية أشهر عن سماء الجنوب السوري، منذ توقيع اتفاق “خفض التصعيد” في تموز/ يوليو الماضي.
التصعيد تزامن مع تداول أنباء عن تحضير فصائل الجيش الحر لمعركة في المحافظة، قيل أنها تهدف للتخفيف عن الغوطة الشرقية، التي تشهد أسوأ كارثة إنسانية بعد أن نجحت قوات الأسد بتقسيمها إلى ثلاث قطاعات في حملة عسكرية وحشية بدأتها قبل ثلاثة أسابيع وراح ضحيتها نحو 1200 مدني.
وتواصل “حرية برس” مع عدد من فصائل الجيش الحر في درعا، إلا أنهم رفضوا التعليق حول الموضوع.
وقالت (قناة قاعدة حميميم المركزية) إن “انتهاء التواجد الارهابي في الغوطة الشرقية أصبح امراً محتوماً بشكل واضح جداً، نسعى بعد تأمين محيط العاصمة دمشق إلى القضاء على الإرهابيين المتواجدين جنوبي البلاد”.
لكن القناة الناطقة باسم قوات العدوان الروسي في سوريا قالت لاحقاً إن الضربات الجوية لطائرات الأسد في درعا لا تمثل إعلاناً ببدء المعركة هناك، نافية في الوقت ذاته مشاركة طائرات روسية في التصعيد.
جسّ نبض
يرى الكاتب والمعارض السوري غسان المفلح أن التصعيد يهدف للضغط على درعا والأردن والولايات المتحدة الأميركية، بغرض تخفيف الضغوطات الواقعة على الروس بشأن الغوطة الشرقية، وهو في الوقت ذاته رسالة من إيران، مفادها أن اتفاقيات خفض التصعيد لا تعنيها.
ويضيف المفلح أن الروس يتبعون منذ البداية سياسة التصعيد من أجل الحصول على مكاسب أكبر، لكن هذا يبقى في إطار المناورات الآنية والتكتيكية بين الأطراف، ويقول: “الحقيقة تكمن في أن هنالك جسّ نبض روسي وايراني مستمر من أجل معرفة إلى أي حدّ ستتغاضى الولايات المتحدة عن تماديهما، هذه خلفية دائمة للمشهد”.
مصلحة أردنية
على عكس ما يشاع بأن هدنة الجنوب مصلحة إسرائيلية، يرى الكاتب أن اتفاق خفض التصعيد في درعا مصلحة أردنية، وكشف أن الأردن بذل جهوداً لأكثر من عام بغية إقناع الروس والأميركان من أجل تهدئة الأوضاع على حدوده وهو أكثر طرف يريد التهدئة.
ويعتقد المفلح أن القصة تتعلق بخوف أردني حقيقي من وصول إيران إلى حدود البلاد، ويرى أن وضع الأردن الداخلي “ملغوم” نظراً لوجود تنظيمات فلسطينية تمتلك علاقات جيدة مع طهران، إضافة إلى قسم من الأخوان المسلمين في الأردن، وهو ما تأخذه واشنطن بعين الاعتبار، كما أن اسرائيل معنية بالوضع في الأردن من الزاوية ذاتها.
ويرجح الكاتب السوري أن اتفاق التهدئة في الجنوب سيصمد في الوقت الحالي، وفي هذا السياق أبدى اعتقاده أن الاجتماع الذي جرى في الأردن بدعوة أميركية كان للتأكيد على سريان الاتفاق، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الروس لن يقفوا عند أي اتفاق إذا ما لمسوا تراخٍ من قبل الولايات المتحدة والأردن وحتى اسرائيل.
سيناريوهات محتملة
يعتقد المفلح أن روسيا قد تخرق الاتفاق لحسابها كلياً، مع مراعاة شرط الأردن بإبعاد قوات الأسد والمليشيات الإيرانية لمسافة 30 كم عن الحدود، ونشر قوات من الشرطة العسكرية الروسية، مع حضور شكلي لعناصر من شرطة نظام الأسد، لكنه يعتقد أن روسيا ليست على استعداد للتصعيد مع الولايات المتحدة والأردن من أجل تلك المنطقة إلا إذا تم التوافق على وجود قوات روسية حصراً.
ويستبعد المفلح بدء الثوار لأي معركة في الوقت الحالي، ما لم يتأكدوا من صلابة الموقف الأميركي والأردني، أو في حال بدأت قوات الأسد والمليشيات الإيرانية وروسيا هجوماً برياً نحوهم، وعزا ذلك إلى أن المشهد في الجنوب أكثر من معقد، بحسب وصفه.
وفي هذا السياق، لم يستبعد الكاتب بدء قوات الأسد والمليشيات الإيرانية هجوماً برياً في درعا، ويعتقد أن الاجتماع الأخير في الأردن له علاقة بهذا السياق، معتبراً أنه لم تعد هناك منطقة آمنة في سوريا في ظل الموقف الأميركي المتهافت.
وعن خيارات الثوار، يؤكد المفلح أن خيارهم الوحيد هو المقاومة، أو إيجاد حلّ مع الروس فقط وبضمانات أردنية أمريكية، لأن الأسد وإيران يريدون تهجير من تبقى إلى الاردن في حال تمّ لهم ذلك، وهو ما يدركه قادة الجيش الحر هناك.
Sorry Comments are closed