باحث مصري ينجح بإعادة تدوير رقائق الألمنيوم المستعملة

فريق التحرير16 ديسمبر 2017آخر تحديث :
اعادة تدوير رقائق الألمنيوم الملوثة تخفض كثيراً من حجم التلوث – الصورة عن سيديف نت

استحق الباحث أحمد إبراهيم عثمان الثناء والإشادة، عندما نجح في تحويل لفائف الألومنيوم الرقاق، التي تُلقى مهملةً بعد اتساخها في المطبخ، إلى واحد من أهم الحفازات المستخدمة في الصناعة، ألا وهو ’الألومينا‘.

تتحدث جامعة جنوب الوادي المصرية بفخر عن إنجاز علمي غير مسبوق لابنها، الذي تخرج فيها، ويعمل بها، وعن اهتمام وسائل الإعلام العالمية العلمية. في حين تستأثر بالمنجَز جامعة الملكة في أيرلندا، حيث أخرجه الباحث من جنبات معاملها، وتعده إبداعيًّا وواعدًا وفاتحًا للآفاق.

سبب الاهتمام أنه من المعلوم بالضرورة، أن الأوساخ التي تعلق برقائق الألومنيوم تصعِّب جدًّا عملية تدويرها، فيؤول مصيرها إلى الدفن أو الحرق، وكلاهما ضار بالبيئة.

وقبل ذلك فإن زيادة الطلب على الألومنيوم الذي يُستخرج من خام البوكسيت، لزيادة المنتَج منه والمستهلك، تُكسِب الجهد الذي بذله عثمان وزملاؤه أهميةً بالغة، وتحتِّم الالتفات إلى الدراسة التي تضمنت نتائجه منذ أن نشرته دورية التقارير العلمية الصادرة عن نيتشر.

فواقع الأمر كما ورد في تقرير أصدرته هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية، أن المناجم تعيَّن عليها القفز بتعدين 270 مليون طن متري من الخام عام 2015، بعد أن كان 183 مليونًا عام 2006.

وقد واكب هذا الإنتاج قفزات في استهلاك العالم من الألومنيوم، إذ لم يتجاوز في عام 2006 من ملايين الأطنان المترية 45، في حين بلغ 120 مليون طن متري عام 2015.

من هنا تبرز أهمية جهد عثمان، إذ وفق الحسابات التي أجراها، فإن تدوير كيلوجرام واحد من رقائق الألومنيوم، يوفر 8 كيلوجرامات من خام البوكسيت، و4 كجم من الكيماويات المستخدمة في الاستخراج، و4 كيلووات من الكهرباء، كما أورد في دراسته.

ناهيك بما يصحب عملية التعدين والإنتاج من نفايات، أخطرها الحمأة الحمراء، وانبعاثات أضرها غازات ثاني أكسيد الكربون وفلوروكربون، المسببين للاحتباس الحراري، فضلًا عن الرصاص والزرنيخ السامين اللذَين يُلقَيان في المجاري المائية.

ولا يجب أن نُغفِل أن عملية تكرير البوكسيت مكلفة للغاية، ومستهلكة للطاقة بشدة. والألومنيوم يدخل في معظم المجالات، وأغلب الصناعات، وأكثر المنتجات، ولا يبدو في الأفق غنى عنه، ولا يمكن، وهو أوفر معدن في القشرة الأرضية مطلقاً.

ومن حسن الحظ، أن عثمان وزملاءه سلكوا طريقاً سهلة في تحويل تلك الرقائق المتسخة إلى أكسيد ألومنيوم فائق النشاط، أو “الألومينا”، المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي، وهو يواصل أبحاثه لتجويدها.

والأمر بدأ عندما هال عثمان وهو يتجول في أرجاء الكلية، وما حولها، كمية رقائق الألومنيوم الملقاة، ووفق ما ذكر فإن المملكة المتحدة دفنت وحدها 20 ألف طن منها عام 2012. ما يكفي لمدها بين الأرض والقمر مرتين.

حضر عثمان الألومينا من هذه الرقائق في مختبره، فبدأ بإذابتها في حمض الهيدروكلوريك، وهذا حل كل المشكلات ذات الصلة بالعالق بها من أجبان وصلصات ودهون وزيوت وخلافه، ”وهي عملية طاردة للحرارة، ينتج عنها غاز الهيدروجين الذي يمكن استخدامه وقودًا، أي أن النواتج الثانوية للعملية لها قيمة في حد ذاتها“، وفق عثمان.

من ثم يتحول الألومنيوم الصلب بعد عملية الذوبان إلى أيونات ألومنيوم ذائبة 100%، بعدها يُترك المحلول ليجف مكونًا أملاح الألومنيوم على هيئة بلورات صلبة نقية جدًّا من هيدرات كلوريد الألومنيوم، تصل درجة نقائها إلى 100٪، ثم تعاد عملية البلورة أكثر من 3 مرات، يعقبها عملية الترسيب لإنتاج أكسيد الألومنيوم، أو الألومينا (العامل الحفاز).

وتُستخدم الألومينا عاملًا حفازًا لنزع الماء من الميثانول لإنتاج إيثر ثنائي الميثيل، أكثر البدائل المطروحة وعدًا للاستخدام وقودًا في القرن الحادي والعشرين، حتى سُمي وَقودَ المستقبل، كما أنها تُستخدم في صناعات عديدة أخرى.

يوضح عثمان أن تكلفة الكيلو المتداول تجاريًّا منها تصل إلى 305 جنيهات إسترلينية، في حين أن تكلفة إنتاجها من مخلف الألومنيوم بطريقته لن تزيد على 120 جنيهًا إسترلينيًّا للكيلو.

لكن ثمة مشكلة قادت عثمان إلى دراسة تالية، هي أن ”الماء الناتج في عملية إنتاج الإيثر ثنائي الميثيل ، يسمم الألومينا ويقلل من فاعليتها، وذلك لأنها مادة محبة جدًّا للماء“.

لاحقًا، حل عثمان المشكلة، وبيَّن كيف عالجها في بحث نُشر بدورية الكيمياء الفيزيائية.

يقول عثمان: ”معالجة الألومينا بالفضة يجعلها كارهة للماء، وبالتالي تزيد كفاءتها في إنتاج الوقود الحيوي“.

ويعزو الباحث ذلك إلى أن ”الفضة تكوِّن طبقة صغيرة جدًّا (بضعة نانومترات)، تغطي سطح الألومينا فتمنع مرور الماء“.

يشير عثمان إلى أنه من الممكن استخدام هذه المواد الكارهة للماء لإنتاج سيراميك لا يلتصق به الماء، ومن ثَم يجنِّب إصابات الانزلاق.

مجددًا، ينال الجهد الثناء، وهذه المرة من خالد محمدي، مهندس سابق في شركة مصر للألومنيوم. ويؤكد أنه ”إنجاز كبير“.

يقول محمدي: ”يمكن توفير حوالي 400 مليون دولار تنفق سنويًّا على استيراد ’الألومينا‘ التي تدخل في صناعة الألومنيوم“.

حاليًّا، يُجري عثمان مداولات خاصة لتوقيع عقد، مع نهاية ديسمبر الجاري، بين جامعة الملكة وإحدى الشركات الأسترالية المتخصصة في إعادة تدوير النفايات، لتطبيق التقنية الجديدة بمشروعاتها في أستراليا واليونان.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

المصدر سيديف نت
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل