تحدي البقاء: تأمين المياه في ريف حمص الشمالي

فريق التحرير8 ديسمبر 2017آخر تحديث :
حفر الآبار مكلف للغاية خصوصاً مع انخفاض منسوب المياه الجوفية – عدسة اسماعيل الأحدب

إسماعيل الأحدب – ريف حمص الشمالي – حرية برس:

في ريف حمص الشمالي تزداد صعوبة الحياة المعيشية يوماً بعد يوم في ظل حصار عصيب وقصف عنيف تشهده أرجاء المنطقة ككل، حيث تتفاقم أزمات الريف المحاصر شيئاً فشيئاً وأصابع الاتهام تشير إلى رأس هرم النظام وما تحته.

ولعل أبرز الصعوبات المعيشية التي يعاني منها السكان هو قلة المورد الرئيسي للحياة (الماء).

وتعود أسباب شح المياه إلى قطع النظام لمياه الشرب عن الريف عامة وسد منافذ مياه السواقي التي تروي أراضي الريف الحمصي قاطبة. ولما استيأس الفلاحون من عودة المياه إلى سواقيها اتجهوا إلى آبارهم ليرووا محاصيلهم الزراعية بمياهها.

ولأن (المصائب لا تأتي فرادى) قطع النظام المجرم التيار الكهربائي وهو المشغل الرئيسي للغطاسات التي تستخرج مياه الآبار، كما وأخذت مياه الآبار تنضب شيئاً فشيئاً حتى جف معظمها.

يقول محمد عباس وهو خريج كلية الجيولوجيا، لحرية برس: إن الآبار في الريف الحمصي كانت تعتمد في تغذية ينابيعها الجوفية على مياه موسمين فصليين(…) حيث تمتص طبقات القشرة الأرضية مياه الأمطار في الشتاء وما يتبقى من مياه سقاية الأراضي الزراعية التي تروى عن طريق سواقي الري في الصيف.

ويضيف عباس: إن مستويات المياه الجوفية الثابتة كانت تتراوح من ثلاثة وثلاثين إلى سبعة وأربعين متراً، ولما انقطع المورد المغذي الثاني لينابيع الآبار (سواقي الري) انخفضت مستويات المياه الجوفية إلى ما دون المئة متر.

كل تلك الصعوبات والعوائق وضعت المزارع أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما أن يحفر بئراً عميقاً يلبي حاجاته المائية في الشرب والري أو شراء مياه الشرب من الصهاريج والاعتماد على الزراعة البعلية فقط.

ويتحدث عن ذلك أحمد الضاهر وهو أحد مزارعي قرية المكرمية حيث يقول: “إن ما دفعه إلى حفر بئر في أرضه هو قلة إنتاج المواسم الزراعية البعلية والحصول على مياه الشرب التي أثقل ثمن تعبئتها كاهلي وكاهل إخوتي، فقمت وأشقائي بتقاسم تكاليف البئر الباهظة وبتنا الآن نستخدم مياهه في الشرب والري وأصبحنا نزرع أرضنا موسمين سنوياً”.

ويشير أحمد إلى أن بعض المحاصيل الزراعية ينتهي بها المطاف إلى الخسارة المادية. ويعيد أسباب تلك الخسارة إلى ارتفاع أسعار المازوت (الوقود المشغل لآليات استخراج المياه الجوفية) وأن أسعار اللتر الواحد تتراوح ما بين أربعمائة إلى خمسمائة ليرة سورية.

قلة قليلة من الناس التي تملك المال اللازم لحفر بئر في أراضيهم خصوصاً مع تضاعف أسعار حفر الآبار وزيادة مستلزمات البئر مع تزايد أعماقها والصعوبات الأخرى التي تحدث مع الحفر.

ويوضح لنا خليل عليشي وهو صاحب أحد الحفارات العاملة في ريف حمص الشمالي: “إن سعر حفر المتر الواحد يتراوح ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية بحسب طبيعة الأرض الصخرية شرط أن يتولى صاحب البئر دفع ثمن المازوت (الوقود المشغل للحفارة).

ويعلل خليل سبب ارتفاع الأسعار إلى صعوبة الحفر في طبقات الأرض الصخرية دون الخمسين متراً والتي يأتي معها زيادة الأعطال الميكانيكية والحركية في الحفارة. وكذلك مشكلة استعصاء النقار والتي تنتهي غالباً بخسارة النقار أو خسارة البئر حتى.

وعلى حد قول خليل: “إن الآبار العميقة بحاجة إلى قميص داخلي خوفاً من انهيار جوانب البئر وسقوطها في القعر، وأن سعر القميص يصل إلى أكثر من ثلاثمائة ألف ليرة سورية”.

ويشار إلى أن صاحب البئر يحتاج إلى غطاس كهربائي لاستخراج المياه الجوفية، كما يحتاج لمولد كهربائي كبير يكفي لتشغيل الغطاس وتبلغ أسعار المولدات حوالي نصف مليون ليرة سورية.

والجدير بالذكر أن معظم سكان ريف حمص الشمالي المحاصر يقومون بتعبئة خزانات مياه الشرب عن طريق الصهاريج ويبلغ سعر تعبئة الخزان بسعة ألف ليتر من المياه ثمانمئة ليرة سورية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل