سوزي الصغيرة
قصّة قصيرة في أربع فصول – للأديب: أحمد فاروق عموري
القصة الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة أفرابيا
كلُّ شيءٍ بدأَ عندَ الصَّرخَةِ الأُولى..
أو هكذا كانَ الأمرُ بالنِّسبَةِ لسوزي الصغيرة التي لم تَسمَعْ أُمَّها تصرُخُ من قَبَلُ. شدَّتِ الغِطاءَ بقوَّةٍ لتُدارِي وجهَهَا، فَقَدْ كانت وَحشِيَّةُ الضَّوءِ الذي غَمرَ غُرفتَها أكبرَ من أنْ تحتَمِلَهُ براءَةُ روحِها، فاستَلقَت بسكونٍ تحتَ غطائها الأحمر مفتوحَةَ العَينين تُراقبُ الضوءَ وهو يزدَادُ شَرَاسَةً. ورَغمَ معرفَتِها بأنَّ الأمانَ الذي تنشُده لن يمنحه لها الغطاء، إلّا أنّهُ كانَ كلَّ ما تملِكُ بتلك اللحظةِ فازدادَت تَدَثُّراً به وهي تَرتَجفُ بينما قَدّرَتْ أنَّ صوتَها سوفَ يضيعُ بين عاصِفَةِ الأصواتِ التي اجتاحَتْ غُرفتَهَا، فارتَعَدَتِ الكلماتُ في ثَغرِها وفرّت خائفةً قبلَ أنْ يتسنَّى لسوزي الصغيرة معرفةُ ما كانت تريدُ قولَهُ.
في اللَّحظةِ التاليةِ، سَمِعَتْ صوتَ البابِ يُفتَحُ بِعُنْفٍ، فأغمضَت عينيها تلقائيَّاً لتَشعُرَ حالاً بيدَين تَحمِلانِها من سريرِها. لم تَحتَجْ سوزي الصغيرة لِفَتحِ عينيها لتتَعرَّفَ منقذَها ممَّا بَدَا وكأنه كابوسٌ، فقدْ ميَّزتِ الرائحةَ الزرقاءَ كما أَسمَتْهَا، فَأبْقَت عينيها مُغلقَتيَن؛ ولكن بطمأنِينَةٍ هذه المرَّةِ، وجَذَبَتِ الغطَاءَ بيدِها.
عندما فتَحَتْ عينَيهَا وجدَتْ نفسَها في السَّاحةِ المُقابِلَةِ للمَنزِلِ. الضوءُ ذاتُهُ يمْلأُ السماءَ، والجَميعُ يفرّون منه إلى مكانٍ ما. هناك أشياءٌ تتساقَطُ من السَّماءِ، تُشبِهُ تِلكَ الشُّهبَ التي طالَمَا حَمَّلَتها سوزي الصغيرة أُمنياتِها وأسرارَها، لكِنّ هذه الأشياء كانت مختلفة تماماً مع ذلك.
وبينما كانَت والدَتُها تَحزمُها لمِقعَدِها في السَّيَّارَةِ، لمَحَت سوزي الصغيرة طفلاً لَطَالَما شاركَها اللَّعِبَ في ذاتِ السَّاحةِ. كانَ سريعَ الحَركَةِ ولم تستطع يوماً مُجاراتَه عندَما يَجري بعيداً عنْها؛ ولكنَّه الآنَ أكثَرَ سُكونَاً منَ الأرضِ التي يَرقُدُ عليها.
هذا كلُّ ما تَطَلَّبَهُ الأَمرُ حتَّى تَفقِدَ سوزي الصغيرة طفولَتَهَا إلى الأَبَدِ.
***
ثَلاثَةُ شُمُوسٍ وأَربَعَةُ أَقمَارٍ..
كانَ حاصِلُ عَددِ الأيَّامِ على كُلٍّ من يدَيّ سوزي الصغيرة؛ الأيَّامُ التي أمضَتْها بين الأشجارِ بصُحبَة رجالٍ ونساءٍ وأطفالٍ آخرين. في الوقتِ الذي ظهرتْ فيه الشَّمسُ الأولى، كانَ كُلّ شيءٍ قد تَغيَّر تَمامَاً عَمَّا كان عليه قبلَ قليلٍ؛ الرِّجَالُ توقَّفوا عن الحَركةِ في المكانِ، النِّساءُ تَوقَّفنَ عنِ الكَلامِ، والأطفالُ مُنِعُوا منَ اللَّعبِ. رائحةٌ سوداءُ لرجلٍ شريرٍ كثيرِ الصُّراخِ حَرصَتْ على أنْ يفقِدَ الجَميعُ أيَّ تقديرٍ لذوَاتِهِم.
عندما ظهرَ القمرُ الرَّابعُ، كانَ بعضُهم قَدْ بَدَأَ يتذَمَّر من المَللِ، والبَعضُ الآخَرُ قد بَدأَ يصرُخُ من الجُوعِ؛ ولكنَّها لم تفعلْ حتَّى الآن سِوى النَّظرِ في عُيونِ الأطفالِ المَكسورةِ فقد شَعَرَت أنَّهم وحدَهُم يَحقُّ لهم أنْ يعرفُوا بِما تَشعُرُ؛ هو سِرُّها الذي لن تبوحَ به إلَّا لِمَن يُقدِّرُه.
كانَ الجميعُ نيامَاً، أو هكذا بدو، بينَما كانَت سوزي الصغيرة مُستلقيةً تتأملُّ القمرَ الذي بدَا لها وحيداً، غريباً؛ لا ينتمي لهذا المكان، وبَدا وكأنَّه يُرسلُ أشعَّتَه البيضاءَ البريئَةِ في كلِّ مكانٍ باحثاً عَمَّن يُشارِكُهُ كينُونَتَهُ، فأخَذَت تَرسُمُ مِنَ النُّجومِ أصدقاءً له، عندَما أتَى الرَّجُلُ الشرِّيرُ مُسرِعَاً وهو يَركُلُ بقدَمِه كُلَّ مَن في طَريقِه قَبلَ أنْ يُشيرَ لِمَنِ استيقَظَ أنْ يلحَقَ رَجُلاً آخَر بِصَمْتٍ. لم تفهمِ السَّبَبَ؛ ولكنْ منَ الواضِحِ أنْ لا أَحَدَ يستطيعُ أنْ يقولَ “لا” للرَّجُلِ الشريرِ؛ فَعنْدَ إشَارَتِه، بدأَ الجَميعُ يسيرونَ بِخُطىً مُتثاقِلَةٍ ورؤوسٍ مَحنِيَّةٍ إلى الأمامِ وقد شَكَّلوا خَطَّاً واحِدَاً في طريقٍ كان يحتَوي منَ الظَّلامِ الشيءَ الذي لم يستَطِعِ القَمَرُ وأصدقاؤه تَبْدِيدَهُ.
لم تعتقدْ أنَّ البَرْدَ يمكِنُ أنْ يكونَ بمثلِ هذه القَسوةِ، بينَما وَجدَتْ لسَعَاتُ مياهِ البحرِ طريقَها لتسرِقَ أنفاسَها كلَّ حينٍ. بحثَتْ عنِ الدفءِ في يَدِ والدَتِها التي غَدَتِ الآنَ امتداداً ليدِها ذاتِها، ولكنَّ البردَ كان قد تمكَّنَ منها أيضاً. وبالرَّغمِ من أنَّه لمْ يسبقْ لها أنْ كانت بمكانٍ أكثرَ ازدِحَاماً، إلَّا أنَّها لم تَكنْ أكثرَ وَحدَةً ممَّا هي عليه الآن. عادت برأسِها للخَلفِ تبحثُ بعينيها عنِ القمرِ الوحيدِ؛ لكنَّها لم تَجدْهُ. هل تخلّى عنها هو أيضاً؟ لا، إنَّه الرَّجُلُ الشريرُ، كان يقفُ هناكَ في المُقدِّمة وقد حَجَبَ القمرَ برأسِهِ الكبيرِ، بينَما كانت أشعَّةُ القمرِ البيضاءَ مازالت تحاولُ التَّسلُّلَ من محيطِ رأسِه سامحةً لها أنْ ترى قليلاً في الجِوارِ، عندَما رَأَتْ شَخصاً آخَرَ قد وَقَفَ وهو يشيرُ بيديهِ بغَضَبٍ باتِّجاهِ الرَّجُلِ الشرِّيرِ الذي سُرعانَ ما أَخرَجَ عَصاً ضَخمَةً من مِعطَفِه وضربَه على رأسِه فسَقَطَ بالمَاءِ من فَورِه. ومن مكانِه في المَاءِ، شَاهدَهَا وهي تَبتَعِدُ بينَما شَاهَدَتْهُ وهو يَغرَقُ. شاهَدَهَا وهي تَصمِتُ بينَما شَاهَدَتْهُ وهو يَصرُخُ.
تلكَ كانَتِ الصَّرخَةُ الثَّانِيَة.
***
كَانَتِ الشَّمسُ في كلِّ مكانٍ ووقتٍ..
ولم تَجدْ سوزِي الصغيرة مَكَانَاً تَختَبئُ منْها؛ بَدَا وكأَنَّ الشمسَ قد فرضَتْ سُلطَانَها على هذا المَكَان المُخيف الذي لا تَذكُرُ كيف انتهَت إليه. وبالرَّغمِ من أنَّها اعتَقَدَتْ أنَّها ستشعُرُ بالرَّاحةِ لغيابِ الرَّجُلِ الشِّريرِ، إلّا أنَّ صوتَ تَكَسُّرِ أمواجَ البَحرِ على الصُّخورِ أعادَ إليهَا منَ الذِّكرَياتِ القَدرَ الذي جَعَلَها تُدرِكُ أنّه لا شيءَ أقسَى على الرُّوحِ من ذِكرَى سَيِّئَةٍ.
كانتِ الشَّمسُ قد بَدأتْ بالرَّحيلِ عندَمَا أنزَلَت سوزي الصغيرة زُجَاجَةَ مِياهٍ فارِغَةٍ عن شفَتَيهَا. كادَتْ تَطلُبُ المزيدَ إلَّا أنَّ نظرةً واحِدةً على شَفَتَي والِدَتِها أخبَرَتْها بِمَا لَمْ تَكُنْ تُريدُ مَعرِفَتَهُ. انتَصَبَتْ على قَدَمَيهَا وقَدْ أَتَتْهَا الجُرأَةُ أخيراً لتتَفَحَّصَ تَفاصِيلَ مُحيطِها، فَمَشَتْ بِخُطُواتٍ ثَقيلَةٍ وعينيها تُطالِعُ الآخرين وقد اتَّخذُوا منَ الحِجَارَةِ أَسِرَّةً لهم. لم تَمشِ القَدْرَ الذي قدّرَت أنَّها ستَمشِيهِ، فَرحلَتُها الاستِكشَافِيَّةِ انتَهَت بذاتِ السُّرعَةِ التي انتَهَتْ فيه من أَكلِ آخِرِ قِطعَةِ بِسكويت كانت بِحَوزَتِها، فالمَكانُ لم يَزِدْ عن كَونِه شاطئاً صغيراً أحاطَتْ بِهِ جبالٌ عِملَاقَةٌ من الجهات الثَّلاث.
عندَمَا اختَفَتِ الشَّمسُ تَمَامَاً، أحسَّت سوزي الصغيرة بأضلاعِها تتكَسَّرُ وهي ترتَجِفُ بينَما تَقَوقَعَ جَسدُها الصغيرُ على نفسِه في محاولَةٍ منهُ للحفِاظِ على القَليلِ الباقي منَ الدِّفءِ. أحسّت بِغِطَائِها الأحمر يُرفَعُ عن جَسَدِها بتأنٍّ وبِجَسَدٍ يستَلقِي على الحِجَارَةِ خلفَها، فَبَدَأَ جَسدُهَا بالاستِكَانَةِ تدريجيَّاً عندما شعرت بالرائِحَةِ الزَّرقَاء تَتَسَلَّلُ بين ضلوعِها؛ لتَمنَحَ سوزي الصغيرة ما كَانَ ينقُصُهَا.
لم يستَطِع جِفْنَا سوزي الصغيرة حَجْبَ ضوءِ الشَّمسِ أكثرَ، ففتَحَتْ عينيها بصعوبَةٍ وسَعَلَتْ سُعَالاً جَافَّاً، وقد شَعَرَتْ وكأنَّ شوكةً كبيرةً قد زُرِعَت في حَلقِهَا. نهضَت تَتَحَسَّسُ عُنُقَها بينَما عينَاها تبحثَان عنْ والِدَتِها التي ما إنْ رأتْها تتحَرَّك، حتَّى هَرَعَتْ لتَجْلِسَ عندَ قدَمَيهَا، ووضَعَت راحَةَ يدِها على خَدِّها وهي تُخبِرُها بأنَّ عليهَا الذهابَ لبُرهَةٍ. الوهن الذي أحسّت به سوزي الصغيرة في صوتِ والدَتِها سَلَبَها قُدرَتَها على الكَلامِ فبَدَأَتْ تَشعُرُ بقوَّتِها تختَفي وبأمانِها يتَلاشَى؛ لتَتَجَمَّعُ في عينيها العسليَّتين الكبيرتين دموعٌ تستَجدِي والدَتَها ألَّا تَترُكَها وحدَها. لكنَّ والدتَها أغمَضَتْ عينَيهَا بِأسَىً ورحلَت بعيداً برفقَةِ آخرين. نظرت في عينَي طفلٍ كان بجانِبِها وكأنَّها تبحثُ عن إجَابَةٍ، ولكنَّها وَجَدَتْ روحاً ضعيفةً تَسألُ: “لماذا؟” فانطوَت سوزي الصغيرة على نفسها تحت غطائها الأحمر وصَرَخَتْ بِصَمْتٍ.
تِلكَ كانَتِ الصَّرخَةُ الثَّالِثَة.
***
ظِلالٌ عَديدَةٌ اتَّخَذَها اللَّونُ الأخضَر..
ولم تكنْ سوزي الصغيرة تَعرفُ أنَّها تستطيعُ تمييزَ ذلك العَدَدِ من ظِلالِه الذي اختار كلٌّ منهُم جزءاً مُعيَّناً ليصبِغَهُ بلونِه الخاصّ ليُشَكِّلوا جميعاً هذا المكان الجميل. الناسُ هنا مُختَلفون عن أيِّ مكانٍ آخر مَرَّت به من قَبْلُ؛ بِشُعُورِهم الصَّفراء وعيونِهم الزرقاء وقد لاحظَتْ سريعاً أنَّهم جميعاً يرتَدون ابتساماتٍ دافئةً كما يَرتَدونَ أي شيءٍ آخر.
جلستْ في زاويةِ المَكانِ تتأمَّل الجميعَ بِعيونٍ فُضُولِيَّةٍ إلى أنْ التَقَتْ نظراتُها بنظراتِ فتاةٍ شقراءَ فأخفضَت عينيها بارتباكٍ؛ لكنْ سُرعاَنَ ما أحسّت بأصَابِعَ ناعِمَةٍ ترفَعُ وجهَهَا، وبعينَينِ زَرقَاوَينِ يبتَسِمَان لها ابتسامَةً أعادَت لها طمأنينةَ طفولتِها المسلوبَةِ، فَتَاقَتْ عيناها بالدَّمْع في اللَّحظَةِ التي أَحَسَّت فيها بالأمانِ يُلامِسُ روحَها للمرَّةِ الأولى منذُ مُدَّةٍ لا تجرؤ سوزي الصغيرة على التَّفكِيرِ بِطولِ أمَدِها.
كلُّ شيءٍ آخر مرَّ بسرعةٍ إلى أنْ طَغَى إحساسُ الوَحدَةِ عليها. لم تكن وحيدَةً بالمَعنى الصَّحيحِ، فالمَكَانُ مازَالَ يَعُجُّ بالنَّاسِ؛ إلا أنَّها لم تستَطِعْ منعَ ذلكَ الشُّعورِ بأنَّها غريبَةٌ في مكانٍ غريبٍ. فأعادَت تثبيتَ غِطَائِها الأحمر على كَتِفَيهَا عندما أَخَذَتْها قِشَعريرَةٌ اجتاحَتْ جَسَدَها، ثم شعرَت بشيءٍ ثقيلٍ يُوضَعُ على جَسَدِهَا وبذِرَاعَينِ تحضناها بقوّة؛ إنها زرقاءُ العينين مرّةَ أخرى تُحاولُ حِمايَتِها من بَرْدٍ غير موجودٍ، وكيف لها أنْ تعرِفَ شعورَ أن تكونَ وحيدةً وبردُها ينبُع من داخِلِها؟
تعايشَتْ سوزي الصغيرة وعاشَتْ من الكَوابيسِ القَدْرَ الذي يجعلُ أيَّ شيءٍ آخرَ يبدو حُلُماً شِرِّيراً يسرقُها من واقِعِها المريرِ للحَظَاتٍ ثم لا يلبَثُ أنْ يُعيدَها إليه بِقُوّةٍ أكبَر؛ ولكن كانَ لِجَمَالِ هذا المَكانِ منَ الأَثَرِ أنْ يجعلَ سوزي الصغيرة تعتبرُ أنَّ سلسلَةَ الكوابيسِ قدِ انتَهَت فِعْلاً، إلَّا أنّها بالرَّغم من ذلك لم تستطعْ أنْ تَجِدَ ذاتَها في أيَ منهُ. أخذتْ تنظُرُ مَلِيّاً للمَرجِ الذي امتدّ طويلاً أمامَها في مُحاولَةٍ منها بأنْ تَجِدَ الحديقَةَ التُّرابِيَّة التي اعتادَت أنْ تلعبَ فيها أمامَ منزِلِها؛ ولكنَّها وَجَدَتْهُ خالياً من أيِّ روحٍ. حاولت أن تسمعَ أصواتَ ضَحِكِ أصدقائِها وشِجَارِهم وصخَبِهِم، ولكنَّها لم تسمَعْ سوى صَمْتَ الرِّياح. جلسَتْ على الأرجوحَةِ وبدَأَتْ تتأرجحُ باستِكَانَةٍ إلى أنْ سَمِعَتْ صوتَ صَريرِ جنزيرِ الأرجوحَةِ؛ ذلك الصوت القَصير الذي أخَذَ بتِكرارِ نفسِهِ بحَلَقَةٍ مُتَّصلَةٍ وبإصرارٍ لا ينتهي، وكأنَّه يُلِحُّ عليها باستعادَةِ ذكرَياتِها المفقودَة، إلى أنْ بَدَأَ المَرجُ تحتَ أقدامِها بالتحوُّلِ لأرضٍ تُرابِيَّةٍ سُرعَانَ ما أحَاطَتْ بِهَا، وفيها شَاهَدَتْ صديقَها في اللَّعِبِ وهو يركض بعيداً عنها كعادَتِه. نادَتْهُ فتوقَّفَ وابتَسَمَ لها قبلَ أنْ يتابِعَ جَرْيَهُ. شَعَرَتْ سوزي الصغيرة بلُطفِ أشعَّةِ الفَجْرِ الصَّفراء وهي تَغمُرُهَا بالدِّفءِ، فبدأتِ التَّأرجُحَ بحماسٍ وتركَتِ غطائها الأحمر ينسَدِلُ عن كَتِفَيهَا بدونِ اكتِراثٍ منها، وقد سالَت ِالدموعُ على وجنتَيها غزيرةً.
تلكَ كانتِ الابتسامَةُ الأُولَى.
** * **
Sorry Comments are closed