هل يمهد بوتين وأردوغان وروحاني لكتابة الفصل الأخير في الأزمة السورية؟

فريق التحرير19 نوفمبر 2017آخر تحديث :

بزخم غير مسبوق، تُجري روسيا وتركيا وإيران مباحثات على أعلى المستويات خلال الأيام المقبلة من أجل بحث المسألة السورية مع التركيز على ملفات إدلب وعفرين واتفاقيات مناطق خفض التصعيد وصولاً لبحث إمكانية الانتقال للمسار السياسي والتمهيد لكتابة الفصل الأخير في الأزمة السورية المتواصلة منذ أكثر من 6 سنوات.

وحسب التأكيدات الرسمية، من المقرر أن يجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني في مدينة سوتشي الروسية يوم الأربعاء المقبل، وتحضيراً لهذه القمة من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية البلدان الثلاثة اليوم الأحد في مدينة أنطاليا التركية.

وعلى الرغم من توافق الدول الثلاث على ضرورة الإسراع في خطوات إنهاء الأزمة السورية التي أنهكت جميع الأطراف، ما زالت الخلافات تبرز بينهم حول العديد من الملفات ومنها طريقة إنهاء الجماعات المتشددة في إدلب، وإمكانية السماح لتركيا بالدخول إلى عفرين والحفاظ على الهدوء ووقف القصف على مناطق عدم الاشتباك وطريقة الانتقال للمسار السياسي وطبيعة مشاركة ممثلي الأكراد في الحل النهائي بما لا يغضب أنقرة، وغيرها من الملفات الشائكة.

وزارة الخارجية التركية أعلنت، الجمعة، أن وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو، سيجتمع بنظيريه الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف، الأحد، في مدينة أنطاليا، جنوب غربي البلاد وذلك «في إطار التحضير لقمة تجمع قادة الدول الثلاث، مقرر عقدها الأربعاء المقبل، في منتجع سوتشي في روسيا (جنوب غرب) لبحث الأزمة السورية والتطورات في المنطقة».

المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أوضح أن القمة ستبحث الملف السوري وأن «قادة البلدان الثلاثة سيتبادلون وجهات النظر حول التقدم المتعلق بخفض العنف في سوريا الذي أتاحته اجتماعات أستانا، والأنشطة في إطار اتفاق مناطق خفض التوتر»، فيما أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن «القمة ستجمع البلدان الضامنة لعملية التسوية السورية وسوريا ستكون الموضوع».

وزير الخارجية التركي أوضح أن «الزعماء الثلاثة سيبحثون الأعمال التي تم إنجازها في إطار مباحثات أستانة، والخطوات التي يتوجب اتخاذها في المرحلة المقبلة»، لافتاً إلى أن «مباحثات وزراء خارجية الدول الثلاث، ستبحث سبل تحقيق التكامل بين مباحثات أستانة ومفاوضات جنيف حول سوريا».

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن اجتماعه بنظيريه، التركي والإيراني، بمثابة تحضير لقمة زعماء الدول الثلاث، وأضاف: «الاجتماع للتحضير لقمة سوتشي وبحث آخر المستجدات على صعيد مباحثات أستانة، منذ انطلاقها»، مضيفاً: «الدول الثلاث، تمكنت من تحقيق تقدم على صعيد المباحثات بين النظام السوري والمعارضة، من خلال مسار أستانة»، معرباً عن أمله أن تتمكن القمة المرتقبة من إنهاء الاشتباكات في سوريا، وإقامة حوار مباشر بين طرفي الأزمة.

حل نهائي

رغم التشابكات والتعقيدات التي تتركب منها الأزمة السورية ورأي الكثيرين أنه ما زال من المبكر الحديث عن إمكانية قرب حلها نهائيا، إلا أن الكثير من التطورات التي شهدتها خلال الأشهر الأخيرة تشير إلى إمكانية اقتراب القوى الكبرى من التوصل لحل قريب ينهي الحرب في سوريا.

وأبرز هذه التطورات تمثلت في قرب القضاء بشكل تام على تنظيم «الدولة» في سوريا، فبعد نزع المدن الكبرى منه وأبرزها (العاصمة) الرقة، وما لحقها من تراجع التنظيم في دير الزور، تجري حالياً عمليات تصفيته في آخر معاقله قرب الحدود العراقية ما يشير بشكل واضح إلى قرب إنهاء تواجد التنظيم في سوريا بشكل كامل.

ومع تقدم قوات النظام السوري وتفوقها عسكرياً بشكل عام، وإنهاء تنظيم «الدولة» وإضعاف الجيش الحر وفصائل المعارضة المعتدلة، بالتزامن مع محاصرة مسلحي النصرة وهيئة تحرير الشام في إدلب وإمكانية الضغط عليهم بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة ضمن اتفاق مناطق خفض التصعيد، فإن فكرة بدء التمهيد لحل سياسي نهائي تبدو أقرب للواقع من أي وقت مضى.

هذا الأمر برز بشكل واضح، خلال الاجتماع الذي جرى قبل أيام فقط بين بوتين وأردوغان الذي أكد بدوره «توافق الرأي بين بلاده وروسيا بخصوص التركيز على إيجاد حل سياسي للأزمة السورية»، فيما أكد بوتين وجود «تطابق في الأفكار مع أردوغان على زيادة الدعم لحل الأزمة السورية سياسيا»، واعتبر أن «الشروط اللازمة لإنشاء حوار بين الأطراف في سوريا برعاية الأمم المتحدة بدأت تتبلور».

تصريحات أردوغان وبوتين التي أشارت بوضوح إلى إمكانية الانتقال من مناقشة الملف العسكري والميداني (الأستانة) إلى بحث الملف السياسي والحل النهائي (جنيف) جاءت قبل أيام من الإعلان عن تفاهمات أمريكية روسية جديدة حول مستقبل الوضع في سوريا.

وعقب لقاء بين بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فيتنام، أعلن الطرفان أنهما اتفقا على أن «لا حل عسكرياً» للأزمة في سوريا، وحسب البيان المشترك اتفقا على حث الأطراف المتحاربة على المشاركة في محادثات سلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف.

ورغم أن اللقاء كان عابراً ولم يستمر إلا لفترة وجيزة إلا أن المصادر الأمريكية لفتت إلى أن الاتفاق الجديد بين بوتين وترامب حول سوريا جاء بعد أشهر طويلة من النقاشات المكثفة بين وزيري خارجية البلدين وجرى فقط وضع اللمسات الأخيرة عليه على هامش قمة آبيك التي عقدت في فيتنام.

وفي هذا الإطار، يبدو أن الرئيس الروسي الذي لم يمر على اجتماعه السابق مع أردوغان عدة أيام طلب اجتماعاً جديداً مع تركيا وإيران لإطلاعهما على فحوى الاتفاق الذي جرى مع ترامب، والتوصل لتفاهمات مع البلدين تتوافق مع ما وقعت عليه روسيا مع الإدارة الأمريكية.

مؤتمر «شعوب سوريا» في سوتشي

سوتشي التي ستحتضن القمة الروسية التركية الإيرانية كان من المفترض أن تستضيف أمس السبت مؤتمر «شعوب سوريا» التي خططت له موسكو، لكن اعتراض أطراف دولية وتركيا ورفض المعارضة السورية المشاركة فيه دفعها لتأجيله إلى بداية الشهر المقبل حسب ما أكد نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف.

وبينما تخشى أطراف دولية أن تكون روسيا تحاول من خلال المؤتمر الالتفاف على مباحثات الأمم المتحدة في جنيف، وهي المخاوف التي تشاركها المعارضة السورية، أغضبت دعوة روسيا لممثلين عن الوحدات الكردية في سوريا تركيا التي اعترضت بقوة على الأمر.

ولا يعرف حتى الآن إن كانت موسكو ستنجح في إقناع تركيا أو الضغط عليها من أجل القبول بمشاركة ممثلين عن الوحدات الكردية في المؤتمر، أم أن أردوغان سيتمكن من إقناع بوتين باستبعادهم، وشدد جاويش أوغلو على أن تركيا «لن تقبل دعوة أي مجموعة إرهابية إلى المؤتمر».

روسيا التي حاولت طمأنة جميع الأطراف قال نائب وزير خارجيتها إن «هدف روسيا من (مباحثات) أستانة ومؤتمر الحوار الوطني السوري، تسريع التسوية السورية وليس خلق بديل عن مفاوضات جنيف»، لافتاً إلى أن موسكو تدعم مبادرة الرياض لعقد لقاء جديد للمعارضة السورية.

ومن المقرر أن تستضيف العاصمة السعودية الرياض اجتماعاً موسعاً للمعارضة السورية بين يومي 22 و24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، سيركز على محاولة دمج ما يعرف بمنصتي موسكو والقاهرة في الهيئة العليا للمفاوضات للمشاركة في وفد موحد في اجتماعات جنيف.

ومن المقرر عقد جولة ثامنة من مفاوضات جنيف يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، حسب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا.

ومجدداً من المتوقع أن تبدي تركيا ليونة أكبر في معظم الملفات الأخرى المطروحة مقابل الحصول على ضوء أخضر روسي إيراني من أجل التدخل عسكرياً ضد وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين وهو ما هدد به أردوغان مراراً طوال الأشهر الماضية، وذلك في مسعى لمنع توسع هذه الوحدات وربط مناطق سيطرتها شرق وغربي نهر الفرات وبالتالي إعاقة إقامة الكيان الكردي على الحدود السورية مع تركيا وهو ما تعتبره أنقرة التهديد الأكبر لأمنها القومي.

وفي آخر تصريحاته حول الموضوع، قال أردوغان، الجمعة: «يتعين علينا تطهير مدينة عفرين (شمالي سوريا) من عناصر (ب ي د)»، لافتاً إلى أن «عفرين واقعة على الحدود التركية مباشرة، وفيها أكثر من 50 في المئة من السكان العرب وقسم من الأكراد، والتركمان» وأشار إلى أن «النازحين العرب في المخيمات يريدون العودة إلى منازلهم».

وشدد أردوغان على أن تركيا «ينبغي أن تكون في موقع المسيطر في منطقة إدلب، وإلا ستحتلها تنظيمات إرهابية أخرى» في إشارة إلى الوحدات الكردية.

مستقبل إدلب

وحسب أردوغان، فإن «السبب الرئيسي لعقد القمة هو مسألة إدلب ونريد أن يكون وقف إطلاق النار دائما في العملية التي سميناها منطقة خفض التوتر».

وقف إطلاق النار الذي تحدث عنه الرئيس التركي والذي جاء بموجب مباحثات أستانة واتفاق مناطق خفض التصعيد وعلى الرغم من نجاحه حتى الآن فعلياً، إلا أنه لا يكفي بالنسبة لروسيا وإيران اللتين تهدفان إلى إنهاء تواجد التنظيمات المسلحة في المحافظة.

وعلى الرغم من نجاح تركيا طوال الأسابيع السابقة في تنفيذ الاتفاق وإدخال وحدات من جيشها وإنشاء نقاط المراقبة داخل المحافظة من دون تسجيل أي اشتباك مع الفصائل المسلحة هناك، إلا أن روسيا ستعود للضغط على تركيا من أجل وضع خطة لطرد المسلحين أو على الأقل «العناصر المتشددة» وخاصة أعضاء جبهة النصرة السابقين المصنفين من قبل الدول الثلاث إرهابيين.

وعلى الأغلب ستشهد القمة توافقات نهائية حول إدلب وعفرين يمكن أن تتمثل في تحركات عسكرية جديدة على الأرض تطبيقاً لمقررات الاتفاقيات المتوقعة عقب القمة.

المصدر القدس العربي
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل