فشلت ملايين الدولارات التي تعهدت بها قادة العالم لمنح الأطفال السوريين فرصة التعليم، وقد زعم الباحثون أنها وصلت متأخرة جداً أو لا يمكن متابعتها بسبب سوء التوثيق.
بعد تتبّع التعهدات التي قُطعت في مؤتمر لندن بشأن سوريا في العام الماضي، صرحت “هيومن رايتس ووتش” أنه هناك “تناقضات كبيرة” بين تمويل المانحين المكرّس للتعليم وبين المبلغ الذي وصل لتحقيق هذا الهدف.
وقد أُشيد بالمؤتمر الذي حضره كل من المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، ورئيس الوزراء البريطاني السابق “ديفيد كاميرون”، و وزير الخارجية الأميركي السابق “جون كيري” ، حيث تم جمع المزيد من المال أكثر من أي مرة سابقة في جمع التبرعات. ومن بين 12 مليار دولار التي تم جمعها، فإن 1.4 مليار تم تكريسها لتمكين الأطفال السوريين من الالتحاق بالمدارس، ومنع تكوّن “جيل ضائع” . إلا أن عدم توفر كل من الوقت المناسب و التمويل الشفاف قد أدى إلى حرمان أكثر من 530000 طفل سوري في _لبنان وتركيا والأردن_ من الالتحاق بالعام الدراسي 2016_2017 ، وفقاً لما ذكرته “هيومن رايتس ووتش” .
وقال “سايمون راو” كاتب التقرير “إن المانحين والدول المضيفة وعدوا بأن الأطفال السوريين لن يكونوا عبارة عن “جيل ضائع”، ولكن هذا بالضبط ما يحدث. إن المزيد من الشفافية في التمويل كفيل بأن يساعد على الكشف عن الاحتياجات التي لا يتم تلبيتها حتى يمكن معالجتها وتسجيل الأطفال في المدارس”.
وقد تابع “راو” تعهدات التعليم من قبل أكبر 6 مانحين (الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، ألمانيا، النرويج، المملكة المتحدة، اليابان) في ثلاثة بلدان مضيفة. وقد تعهد الوزراء والمسؤولون من البلدان المانحة والبلدان المضيفة في مؤتمر لندن بمنح “التعليم الجيد” بحلول العام الدراسي 2016_2017 وتوفير الأموال اللازمة لجميع الأطفال السوريين اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والخامسة عشرة.
وقالت المنظمة أن جميع البلدان لم تحقق هذا الهدف، وبحلول ديسمبر/كانون الأول سيكون 530000 طفل _أي ما يقارب ثلث الأطفال السوريين اللاجئين_ لا يتلقون أي تعليم.
وقد أبلغ أكبر 6 مانحين باحثي المنظمة أنهم قد وفروا في عام 2016 تمويلاً تعليمياً بأكثر من 1.5 مليار دولار لسوريا والمنطقة.
وقال الباحثون أن التقارير عن مقدار التمويل والاستلام مختلفة بشكل كبير، وإن كل من الأردن ولبنان تتلقى أقل بكثير من تمويل التعليم الذي وعد به المانحون.
ووفقاً لما ذكرته المنظمة فإن كثير من الأموال التي تم إرسالها لم تصل حتى بداية العام الدراسي، أي بعد فوات الأوان لتسجيل الأطفال الذين كان من المفترض أن تشملهم.
وقد نشرت كل من ألمانيا _التي تبرعت ب 249 مليون دولار_ ، والولايات المتحدة _التي تبرعت ب 81 مليون دولار_ أرقام مطابقة للمبالغ التي وثقتها “هيومن رايتس ووتش”.
إن الافتقار إلى التقارير الشفافة والمنسقة يعني أنه غالباً ما يكون من المستحيل تحديد مقدار ما قد يتلقاه أو يتوقعه البلد المضيف.
وقال “راو”: ” على الرغم من القلق العالمي إزاء الأطفال السوريين اللاجئين لايزال من المستحيل العثور على إجابات عن الأسئلة الأساسية حول ما إذا يتم تلبية احتياجاتهم التعليمية الأساسية. وينبغي على المانحين إصلاح انعدام الشفافية التي تخفض الدعم الخاص بهم للأطفال السوريين الذين لا يستطيعون الانتظار لفترة أطول للعودة إلى المدرسة”.
و خلص إلى أنه ثمة حاجة إلى المزيد من المعلومات التفصيلية لتحديد ما إذا كانت الجهات المانحة تحقق الأهداف المرجوة، و أن يتم تقديم المساعدات في الوقت المناسب، وفي ما إذا كانت الأنشطة التي يتم تمويلها تعالج العقبات التي تعيق تعليم الأطفال السوريين.
وأضاف التقرير أن “الوضوح حول المساعدات يمكن أن يساعد في تحديد الأسباب التي تجعل من مئات الآلاف من الأطفال السوريين يفتقرون إلى التعليم”.
وقد وافقت الجهات المانحة على تقديم 250 مليون دولار للتعليم في الأردن ، و 350 مليون دولار للتعليم في لبنان في عام 2016. وتم الاتفاق على أن معظم المساعدات يجب أن يتم تسليمها قبل بدء العام الدراسي، حتى يتم توظيف المدرسين، وشراء الكتب، وتسليم الطلاب برنامج المقرر الدراسي مسبقاً. ولكن مع بداية العام الدراسي لم يحصل الأردن إلا على 31% فقط من التمويل الموعود، في حين أن لبنان تعدى النصف.
وذكرت “هيومن رايتس ووتش” العقبات التي تعترض التعليم في البلدان المضيفة الثلاثة، بما في ذلك السياسات التي تجعل التكاليف الباهظة المتعلقة بالمدرسة على عاتق اللاجئين، بالإضافة إلى الضغوط على الأطفال للعمل أو الزواج.
عذراً التعليقات مغلقة