كشفت مصادر سياسية وعسكرية على علاقة بملف الأزمة السورية لأوساط إعلامية أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أو على الأقل أحد كبار مسؤولي الوكالة، اتصل بنظيره السوري، قبل نحو أسبوعين، لبحث ترتيبات منطقة خفض التوتر على المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن.
وأضافت المصادر أن الاتصال تشعب إلى العديد من الملفات ذات الطابع الأمني، بعضها على علاقة بمستقبل المجموعات العسكرية المنتشرة في تلك المنطقة، وبقواعد فك الاشتباك ومنع الاحتكاك بين قوات النظام والقوات المدعومة من واشنطن التي تقاتل تنظيم داعش في المنطقة وصولاً إلى محافظتي دير الزور والرقة.
ووصفت الأوساط ذاتها هذا الاتصال بغير المسبوق، وأن تداعياته السياسية والأمنية ستكون كبيرة جداً على مستقبل الأزمة السورية برمتها، مضيفة أن تلك الاتصالات سبقت وتلازمت في الوقت نفسه مع الاتصالات الأميركية الروسية، التي تناولت مستقبل العلاقة مع إيران وتنظيماتها العسكرية وميليشياتها المنتشرة على طول الحدود السورية، سواء مع العراق أو الأردن أو إسرائيل.
وقالت إن النظام السوري تجاوب على الفور مع طلب الاتصال، لما يحمله من أهمية ورمزية بالنسبة إلى شرعيته ومستقبله، مما اعتبر اعترافاً غير مباشر بالتغييرات الميدانية، التي شهدتها الأزمة السورية.
وأضافت أن تلك الاتصالات جرت بتنسيق تام مع إسرائيل، التي كانت أبدت ملاحظات سلبية على اتفاق وقف إطلاق النار الصامد منذ نحو شهرين على الحدود الجنوبية لسورية امتداداً من الأردن إلى القنيطرة، والذي أسفر عن سحب الميليشيات الموالية لطهران إلى مسافة 20 كلم، بينما تطالب تل أبيب بأن تبتعد بنحو 40 كلم.
ومع قرب إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجيتها لكبح وتطويق نفوذ طهران في المنطقة، قالت تلك الأوساط، إن القيادة العسكرية والاستخبارية الأميركية تعمل على تجزئة وتقسيم خطتها وتنفيذها تدريجياً، بما يأخذ بعين الاعتبار طبيعة ومستوى تورط طهران في أزمات المنطقة، ويضمن تطويق هذا التدخل في الدول البعيدة نسبياً عن مناطق الاشتباك المباشر مع تنظيم داعش، كما هي الحال في العراق وسورية، أي في اليمن والبحرين وقطاع غزة.
وأوضحت أن القرار، الذي صدر أمس الأول عن مجلس الأمن الدولي حول الأزمة الكورية، كشف عن قواعد لعب استراتيجية جديدة في علاقات الولايات المتحدة مع القوى الدولية الأخرى، الأمر الذي أعاد الاعتبار إلى موقعها وقيادتها وإلى حقيقة عدم قدرة اللاعبين الآخرين على مواجهة خياراتها الكبرى، بعدما بدا واضحاً أن المثلث القيادي المتمثل في وزير الدفاع جيم ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون ومستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر بدأ يمسك بملفات السياسة الخارجية بشكل وثيق.
وتوقعت الأوساط ذاتها أن يبدأ ظهور نتائج تلك السياسات مع إيران، والتي من المرجح أن تتلقى ضربات سياسية في أكثر من منطقة، وخصوصاً في اليمن، عبر سلسلة من الإجراءات، ستستهدف تمويلها وشحناتها من الأسلحة إلى الحوثيين، ووقف تدخلاتها في دول الخليج، وحماية مصر، وفك ارتباط قطاع غزة معها نهائياً.
وفيما يتعلق بسورية والعراق، كشفت الأوساط أن القوات الأميركية لا ترغب، على الأقل الآن، في حصول اشتباك مباشر مع القوات المدعومة إيرانياً، غير أنها بدأت تسيير دوريات عسكرية على طول الحدود العراقية وصولاً إلى الأردن، وهي جادة في زيادة قواعدها العسكرية في تلك المنطقة، وكذلك بسورية.
وفي وقت رجحت الأوساط أن تكون التدريبات العسكرية، التي تجريها إسرائيل على الحدود مع لبنان رسالة ضغط مباشر على إيران لمنعها من المناورة بالنسبة إلى تطبيق قواعد فك الاشتباك وخفض التوتر التي تم توقيعها بالتنسيق مع روسيا، لكنها حذرت من أن تتحول إلى أكثر من رسالة، تعمل القوى الدولية والإقليمية على محاولة وضع حد، ولو مرحلياً، للأزمة في كل من سورية والعراق، لاسيما أن الأخير يقف في هذه المرحلة على مفترق طرق بالغ الحساسية بالنظر إلى الخلاف مع الأكراد حول قضية الاستفتاء على الانفصال عن بغداد، رغم التوقعات بأن يتحول إلى حدث من دون مفاعيل سياسية وقانونية.
عذراً التعليقات مغلقة