اعتاد سكان ريف اللاذقية على الاعتماد على الأخشاب في جميع أعمالهم، فالغابات المنتشرة بشكل كبير سمحت لهم بامتهان عدد من الحرف التي تعتمد على الاحتطاب كمصدر للرزق لعدد كبير من أهالي الريف الذين يقطنون غابات جبال اللاذقية ومحيطها منذ ما قبل بداية الثورة.
وعمل معظم سكان جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية في مهنة التفحيم أو ما يطلق عليها محلياً: (المشحرة)، حيث يقومون بجمع الأخشاب وتقطيعها ليتم بعد ذلك وضعهم بشكل هرمي وحرقها بطريقة تضمن تفحم الخشب، ليتم بيعه فيما بعد، وكانت هذه المهنة الأكثر انتشاراً بين سكان جبلي الأكراد والتركمان، بالإضافة الى العمل في قطع الأخشاب وبيعها إلى مناطق أخرى مثل، ادلب وحلب وغيرها من المدن الكبرى، إلا ان هذه المهن تراجع انتاجها بشكل كبير بعد الثورة، نتيجة التضيق من قبل الفصائل العسكرية الثورية، التي توجه لبعضها اتهامات بالتجارة بالحطب والأخشاب المقطوعة من الغابات، فيما يرى قادة فصائل أخرى في هذه المهنة تهديداً بيئياً وأمنياً يتوجب معه حظرها.
قرار الفصائل الثورية منع الاحتطاب الجائر لم يثر استياء الاهالي بقدر ما ساءهم قرار منع قطع حطب التدفئة، فمع اقتراب موعد قدوم فصل الشتاء وإعلان فصائل عسكرية ثورية منع قطع الحطب للتدفئة يشعر عدد كبير من سكان المخيمات بالاستياء البالغ، ويجدون في هذا القرار أمراً يزيد من جحيم حياتهم، فهم لا يعرفون ولا يجدون وسيلة أخرى يحتمون بها من برد الشتاء القاسي.
يقول الناشط الإعلامي مجد الشيخ لموقع “حرية برس”: “كان قطع الحطب أمر عادي بنظر جميع الفصائل الموجودة وجميع المدنيين الذين كانوا بحاجة إلى الحطب من أجل مواجهة فصل الشتاء، اي من اجل التدفئة، لكن ظهور تجار الحطب وهم مجموعة من الذين استغلوا قطع الأشجار للمتاجرة به دون التفريق في قطعهم بين الخشب الاخضر واليابس، هو ما دفع بالفصائل العسكرية إلى اتخاذ قرار منع قطع الحطب”.
ويضيف مجد الشيخ: “في هذه الجبال القريبة على الشريط الحدودي يوجد مقرات عسكرية، فكل قائد فصيل وضع له عدة مقرات عسكرية في هذه المنطقة القريبة على الغابات، وقاموا بنشر الأوراق المكتوبة مكتوب عليها (ممنوع قطع الحطب هنا يوجد منطقة عسكرية) لكن ما هو ذنب هؤلاء المدنيين المهجرين الذين يعيشون في مخيمات هي أصلا غير مجهزة لتحميهم من أيام الشتاء العادية فكيف بشتاء هذه المنطقة القاسي جدا؟”.
وكما هو معروف تعتبر مناطق ريف اللاذقية (جبلي الأكرد والتركمان) من المناطق شديدة البرودة بسبب ارتفاعها الكبير عن سطح البحر، حيث تصل درجات الحرارة فيها الى مادون درجة التجمد أي تحت الصفر في سنوات الشتاء العادية.
على الطرف الآخر.. يقول المقدم مروان حاج ابراهيم وهو قيادي في الفرقة الاولى الساحلية لموقع “حرية برس” عن سبب قرار منع الاحتطاب: “السبب باتأكيد هو أن قطع الاشجار بكثافة تسبب بخراب الكثير من الغابات، كما تسبب بكشف محارس الثوار، حيث كانت تشكل الغابات حماية لهم من الطيران والقصف، لهذا السبب نسعى للوقوف في مواجهة هذه المشكلة التي أصبحت مهنة والناس تتاجر بها”.
ويضيف المقدم حاج ابراهيم: “الفصائل تحاول الحد من انتشار ظاهرة الاحتطاب الجائر، نظراً لما يسببه ايضا من اضرار على الغابات خصوصاً على المدى الطويل، ومن تصحر هذه المناطق، وغياب المنظر الجميل واستبدال هذه الاشجار الخضراء بأراضي جافة قاحلة”.
وأشار المقدم مروان إلى أن الفصائل العسكرية تعتبر حالياً بديلاً عن قوى الأمن والشرطة، ولهذا السبب تقع عليهم مسؤولية حماية هذه المناطق التي يسيطرون عليها من أي أذى، سواء كان من النظام أو حتى من الناس التي تسكن المناطق المحررة ولا تعي مدى خطورة مثل هذه التصرفات، من نقص الاوكسجين وهجرة الحيوانات، والكثير من الأضرار الأخرى، لذلك يعملون على تسيير دوريات ووضع حواجز خاصة لمنع قطع الحطب والتجارة به ويسمح فقط جمع الحطب اليابس والمحروق من أجل التدفئة خلال فصل الشتاء.
Sorry Comments are closed