صدمة دونالد ترامب

برهان غليون11 نوفمبر 2016آخر تحديث :
صدمة دونالد ترامب

برهان غليون

  • د. برهان غليون

لم يحرك فوز ترامب أي صدمة في الرأي العام العربي والسوري بشكل خاص. ليس بسبب أننا لم نفاجأ بها، أو لاننا كنا ننتظرها، ولا بدافع الوهم بأن نجاحه سوف يغير في الأمر شيئا كثيرا، ولكن لأن معظمنا، ممن قيض له التعامل مع الإدارة الامريكية في السنوات الماضية أصيب بالقرف من الدجل الكبير الذي ميز سلوكه هذه الإدارة في هذ السنوات، وفقد الأمل في سياسة أمريكا بأكملها.
وفي اعتقادي ان الأمريكيين هم انفسهم لم يصوتوا لترامب، وليس لديهم اوهام كبيرة عما يمكن أن يغيره، وإنما صوتوا ضد كلينتون، ومن ورائها ضد النخبة السياسية الأمريكية بأكملها، الجمهورية والديمقراطية التي اعتادت على الخداع والكذب وانعدام الالتزام والجدية.

وربما كان المغزى لهذا الرفض أقوى لحصوله بعد ولاية الرئيس باراك أوباما، أفضل رموز هذه النخبة، المثقف والديمقراطي والانساني والمعادي للحرب والمنكفيء على إصلاح الاوضاع الاجتماعية في أمريكا والحائز على جائزة نوبل للسلام، والذي أظهر مع ذلك عطب ثقافة هذه النخبة ولا مبدئيتها وميلها إلى المراوغة والكذب واستسهال التهرب من المسؤولية أمام المصاعب والتحديات، كما يبرهن على ذلك تراجعه أمام نتنياهو الذي رفض حتى تجميد بناء المستوطنات، ولم يخط خطوة واحدة في اتجاه حل الدولتين الذي وعد به، وهو السلوك الضعيف الذي برز بشكل أكبر في سياق الأزمة السورية والذي أدت انهزامية اوباما وجبنه وتردده وكذبه على نفسه والسوريين وخوفه من القيام بأي التزام الى تكبيد السوريين حرب إبادة ودمار شاملين.
أمام هذه الأخلاقيات الهزيلة، بدا ترامب، بالرغم من تطرفه في التعبير عن العنصرية والكراهية، كانه رجل مباديء أو صاحب إرادة وموقف واضح وجرأة على الالتزام، حتى لو كان ذلك في الاتجاه الخطأ.

هكذا بإعطائهم أصواتهم لشخصية من خارج الإطار والنخبة السياسية ومتمردة عليها، أراد الامريكيون أن يدينوا هذه النخبة بالذات ويعلنوا تمردهم عليها أيضا، لا فرق في ذلك بين بيض فقدوا الكثير من قوتهم الشرائية ووظائفهم وملونين عاشوا ولا يزالون يعيشون على هامش الحياة وتحت تهديد التشرد والتهجير القسري.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل