دور مشهود لروسيا في نكبة فلسطين

فريق التحرير24 أكتوبر 2016آخر تحديث :

القدس قبة الصخرة

أصدرت سفارة روسيا في تل أبيب، في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بياناً خاصاً بمناسبة مرور ربع قرن على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وإسرائيل، ذكر أن رئيس الحكومة الروسية، ديميتري مدفيديف، سيزور إسرائيل في هذه المناسبة في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لتعزيز التعاون بين الدولتين في المجالات المختلفة. وجاء في البيان أن الدولتين وشعبيهما باتا منذ استئناف العلاقات بينهما شركاء حقيقيين، يعرفان احترام أحدهما الآخر، وأن للعلاقات بين الدولتين طابعاً مميزاً، لوجود أكثر من مليون روسي، أصبحت إسرائيل وطنهم. وتجاهل بيان السفارة أن 13% من المهاجرين الروس (نحو 140 ألف مهاجر) يستوطنون في المناطق الفلسطينية المحتلة في 1967، ويعتبرونها وطنهم، بما فيهم وزراء وأعضاء كنيست “روس” عديدون، في مقدمتهم وزير الحرب الفاشي أفيغدور ليبرمان الذي يتمتع بعلاقات مميزة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وأشار بيان السفارة الروسية إلى تعزيز العلاقات بين الدولتين في العام 2016 الذي انعكس في الاجتماعات والاتصالات بين القيادتين، ومنها زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، موسكو مرتين في هذا العام، بغرض تعزيز التنسيق وترقية التعاون بين الدولتين، لا سيما في ما يخص الوضع في سورية. وقد عدّت إسرائيل التدخل العسكري الروسي المباشر، منذ سبتمبر/ أيلول 2015، أمراً مهماً يخدم أهدافها، ولا سيما وأنها توصلت إلى تفاهماتٍ مع روسيا التي حدّدت فيها مصالحها وخطوطها الحمراء في سورية. ومما أثلج صدور القادة الإسرائيليين استمرار كل من نظام الطاغية بشار الأسد والجيش الروسي في استهداف المدنيين السوريين والبنى التحتية المختلفة، وتطهيرهما مناطق ومدناً وبلدات عديدة من سكانها، وارتكابهما المجازر وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وقال قادة ومختصون إسرائيليون عديدون إن اقتلاع أكثر من 11 مليون سوري من مدنهم وبلداتهم وقراهم وتهجير نحو ستة ملايين مواطن سوري إلى خارج سورية سابقة مهمة قد تخدم إسرائيل في المستقبل.
ولعل احتفال روسيا وإسرائيل بمرور ربع قرن على استئناف العلاقات بينهما يستدعي معالجة مجمل العلاقات بينهما، لا سيما علاقاتهما في أواخر عقد الأربعينيات، بعد انقلاب الاتحاد السوفييتي في 1947 على موقفه التاريخي والأيديولوجي والسياسي من الصهيونية، ومن مشروعها الكولونيالي إنشاء دولة للمستوطنين اليهود في فلسطين، وتبنى وأيد ودعم بقوة مشروع الصهيونية بإنشاء هذه الدولة على حساب الشعب الفلسطيني في أرضه، وبذلك ساهم الاتحاد السوفييتي سوية مع الدول الاستعمارية في نكبة الشعب العربي الفلسطيني. والملاحظ أن المؤرخين والباحثين في الوطن العربي تجاهلوا وغيبوا، بأستثناء نفر قليل منهم، دور الاتحاد السوفييتي في هذه النكبة. ولعل هذا التجاهل يعود إلى أسباب أيديولوجية وسياسية، إلى جانب الجهل، على إثر التحول في سياسة الإتحاد السوفييتي في منتصف خمسينيات القرن الماضي، ودعمه مصر الناصرية ودولاً عربية أخرى.

دعم إنشاء دولة يهودية
كان لموقف الاتحاد السوفييتي الداعم لمطلب الحركة الصهيونية إنشاء دولة يهودية للمستوطنين الكولونياليين الصهيونيين اليهود في فلسطين، الذي اتخذه ستالين في 1947، دور مهم للغاية في منح شرعية دولية لإنشاء دولة يهودية للمستوطنين اليهود في فلسطين، وفي استصدار قرار التقسيم، سوية مع الدول الاستعمارية، في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947، لخدمة هذا الغرض. ومن المهم الإشارة إلى أن الاتحاد السوفييتي، وأيٍّ من الأطراف التي استصدرت قرار التقسيم، لم يتمسك بتنفيذ الشقّ الذي نص على إنشاء دولةٍ عربيةٍ في فلسطين، وفق هذا القرار. فالهدف من استصداره كان إنشاء دولة يهودية للمستوطنين الكولونياليين اليهود في فلسطين، على حساب شعبها الفلسطيني.
وكان موقف الاتحاد السوفييتي الداعم لإنشاء الدولة اليهودية، منذ استصدار القرار الدولي، وفرضها بالقوة على الشعب الفلسطيني، ثابتاً ومنسجماً مع المواقف الإسرائيلية، طوال مراحل حرب 1948 في مختلف مركبات الصراع. وقدم الاتحاد السوفييتي مختلف أشكال الدعم للمستوطنين اليهود في فلسطين، ومن ثم لإسرائيل، طوال الحرب، لا سيما السياسي والدبلوماسي والعسكري. لا يتسع المكان هنا لعرض جميع مواقف الاتحاد السوفييتي وسياساته عشية حرب 1948 وخلالها وبعيْدها، وسيُكتفي بعرض بعضها.
عندما تمسّك الشعب العربي الفلسطيني بوطنه، وقاوم إقامة دولة للمستوطنين اليهود الذين جاؤوا من وراء البحار على حسابه، دان الاتحاد السوفييتي هذه المقاومة، ونعت المقاومين الفلسطينيين بأنهم “عملاء الإمبريالية”، ووقف بحزم ضد المقاومة والمقاومين الفلسطينين. وعندما اقترحت الولايات المتحدة ودول أخرى، جرّاء المقاومة الفلسطينية الناجحة في الأشهر التي تلت قرار التقسيم حتى مارس/ تموز 1948، وضْع فلسطين تحت الوصاية الدولية عدة سنوات، لخشيتها من عدم تمكّن المستوطنين اليهود من فرض الدولة بقوة السلاح، تمسّك الاتحاد السوفييتي والحركة الصهيونية بشدة في إنشاء الدولة اليهودية، ورفضا الوصاية الدولية، لاعتقادهما أن الوصاية قد تؤدي إلى إفشال إنشاء دولة يهودية في فلسطين، وقدّم الاتحاد السوفييتي، في هذه المرحلة الحاسمة، الدعم العسكري عن طريق دول أوروبا الشرقية، من أجل فرض الدولة اليهودية بقوة السلاح على الشعب الفلسطيني.
وعندما أعلن دافيد بن غوريون إنشاء إسرائيل كان الاتحاد السوفييتي أول دولة تعترف رسمياً بها. وفي الوقت نفسه، عارض بشدّة مساعدة الشعوب والدول العربية للشعب الفلسطيني، ودان دخول جيوش الدول العربية فلسطين في مايو/ أيار 1948، ووقف طوال مراحل هذه الحرب ضد مواقف الدول العربية وسياساتها، وضد قيادة الشعب الفلسطيني، وأيد سياسة إسرائيل ومواقفها طوال الحرب، ولم يعارض أو ينتقد خطواتها التوسعية في الأراضي الفلسطينية المخصصة لإنشاء الدولة العربية الفلسطينية، وفق قرار التقسيم.
وفي سياق دعمه المواقف الإسرائيلية، صوّت الاتحاد السوفييتي ضد القرار 194 للجمعيةالعامة للأمم المتحدة بشأن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم التي شرّدوا منها، وساند الموقف الإسرائيلي الذي رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، بذريعة أن هذه المسألة ستجد لها حلا في محادثات السلام بين الدول العربية وإسرائيل. وعندما بحث مجلس الأمن في ديسمبر/ كانون الأول 1948 طلب إسرائيل الانضمام للأمم المتحدة، أيد الاتحاد السوفييتي الطلب، على الرغم من احتلالها مناطق واسعة من الأراضي المخصصة للدولة العربية الفلسطينية، وفق قرار التقسيم، وعلى الرغم من رفضها المتشدّد السماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
وتجاهل الاتحاد السوفييتي طرد إسرائيل أكثر من 800 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم، ولم يحتجّ إطلاقاً على ذلك، وتجاهل ارتكاب إسرائيل عشرات المجازر بحق الفلسطينيين المدنيين بغرض ترويعهم وتهجيرهم، والتي زادت عن 110 مجازر في طول فلسطين وعرضها. وتجاهلت وسائل إعلامه، طوال فترات الحرب جميع هذه المجازر، ومنها مجزرة دير ياسين في إبريل/ نيسان 1948، التي استحوذت على اهتمام مختلف وسائل الإعلام في العالم (لم تكن أكبر المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي والمنظمات العسكرية الصهيونية خلال الحرب) ما عدا وسائل إعلام الإتحاد السوفييتي ومعسكره في دول أوروبا الشرقية التي لم تشر إليها، ولا إلى غيرها من مجازر ارتكبتها القوات العسكرية اليهودية بحق الفلسطينيين.
لم يقتصر دعم الاتحاد السوفييتي إنشاء إسرائيل على الجانبين السياسي والدبلوماسي، بل امتد إلى ما هو أهم من ذلك بكثير، وهو تزويد إسرائيل في أثناء الحرب بالسلاح الحديث والعتاد والخبراء والمقاتلين وفتح قواعد عسكرية في دول عديدة في أوروبا الشرقية. وكذلك تزويد إسرائيل بالهجرة اليهودية المقاتلة من دول أوروبا الشرقية، إبّان حرب 1948 وبعيْدها، التي زادت عن ربع مليون مهاجر الذين كان غالبيتهم في جيل حمل السلاح، وكان لجزء كبير منهم خبرة في القتال، بمشاركتهم في الحرب العالمية الثانية.
ففي الوقت الذي فرضت الأمم المتحدة حظراً على بيع الأسلحة، ووقف إمداد الأطرافالمتحاربة بالمتطوعين العسكريين، بما في ذلك وقف الهجرة اليهودية، لأن معظم أفراد هذه الهجرة كان في جيل الخدمة العسكرية، وكان الغرض منها، حينئذٍ، تزويد إسرائيل بالمقاتلين، وإحلال المهاجرين اليهود في المدن والبلدات والقرى التي طردت إسرائيل الفلسطينيين منها، قدّم الاتحاد السوفييتي من خلال تشيكوسلوفاكيا ودول أوروبا الشرقية الأخرى الأسلحة الحديثة، والعتاد والخبراء والمقاتلين إلى إسرائيل. وكان لمختلف أنواع الأسلحة التي حصلت عليها إسرائيل من دول أوروبا الشرقية خلال مراحل حرب 1948 الدور المهم للغاية والحاسم، ليس فقط في انتصار إسرائيل وارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين وطردهم من فلسطين، وإنما أيضاً في هزيمة الدول العربية، وتوسيع حدود الدولة اليهودية باحتلالها مناطق فلسطينية واسعة تابعة للدولة العربية الفلسطينية، وفق قرار التقسيم، فاقت نصف المساحة المخصصة للدولة العربية وفق ذلك القرار. ومن المهم الإشارة إلى أن الغالبية الساحقة من السلاح الذي حصلت عليه إسرائيل عشية حرب 1948 وخلالها، والذي خاضت فيه الحرب كان من دول أوروبا الشرقية التابعة لمعسكر الاتحاد السوفييتي.

كميات السلاح
بدأ ممثلو المنظمة العسكرية الصهيونية “الهاغاناه” مفاوضات شراء السلاح من تشيكوسلوفاكيا في ديسمبر/ كانون الأول 1947. ووقع مندوب “الهاغاناه”، إيهود أفرنئيل، خمس صفقات سلاح مع تشيكوسلوفاكيا من يناير/ كانون الثاني وحتى مايو/ أيار 1948. وبلغ ثمن هذه الصفقات الخمس 12 مليون ومئتي ألف دولار، في حين بلغ ثمن السلاح الذي اشترته الهاغاناه في الفترة المذكورة أعلاه من مختلف دول العالم الأخرى سبعة ملايين دولار. وشملت الصفقات الخمس مع تشيكوسلوفاكيا، في الفترة المذكورة، 54 مليون رصاصة و24500 بندقية حديثة و5000 مدفع رشاش خفيف من نوع (MG34) و200 مدفع رشاش متوسط من نوع “بزه” و25 طائرة حربية بكامل أسلحتها وذخيرتها. وقد نقلت هذه الطائرات جواً بعد تفكيكها، وأعيد تركيبها حال وصولها إلى إسرائيل، بمساعدة الخبراء التشيك. وقد وصلت جميع أسلحة الخمس صفقات الأسلحة المشار إليها أعلاه قبل منتصف مايو/ أيار 1948.

أسلحة تشيكية استخدمها الإسرائيليون في 1948

وجرى نقل الصفقة الأولى من هذه الأسلحة من تشيكوسلوفاكيا بطائرة وسفينة. ووصلت السفينة
التي استأجرتها منظمة الهاغاناه في الأول من إبريل/ نيسان سنة 1948 من ميناء سيبنيك اليوغسلافي، بعدما جرى نقل الأسلحة براً من تشيكوسلوفاكيا عن طريق هنغاريا. وحملت هذه السفينة أكثر من خمسة ملايين رصاصة و4500 بندقية حديثة و200 مدفع رشاش. أما الطائرة فوصلت إلى مطار بيت دارس الذي كانت تحتله قوات الهاغاناه في النقب، وحملت 200 بندقية حديثة و40 مدفع رشاش وأسلحة أخرى وذخيرة. وقد نقل السلاح من السفينة والطائرة مباشرة بصناديقه التي أرسل بها إلى قوات الهاغاناه في جبهة القتال التي كانت في انتظارها على أحر من الجمر، لتباشر في تنفيذ عملية “نحشون” لفتح الطريق إلى القدس الغربية المحاصرة، ولتستهل بها، في الوقت نفسه، خطة “دالت” الكبرى، القاضية باحتلال المدن والقرى والبلدات الفلسطينية وطرد الفلسطينيين منها. وساهم وصول هذه الأسلحة التشيكية مساهمةً أساسيةً وحاسمةً في إحداث تحول جذري في مجريات الحرب، لا سيما في معركة القسطل التي استشهد فيها عبد القادر الحسيني التي احتلتها قوات الهاغاناه، بفضل وصول هذه الأسلحة.

قطار جوي بين تشيكوسلوفاكيا وإسرائيل
في ضوء ازدياد بيع تشيكوسلوفاكيا مختلف أنواع الأسلحة لإسرائيل، واستمرار حظر الأممالمتحدة بيع الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة، خصصت تشيكوسلوفاكيا مطار “جاطتس”، الواقع بالقرب من براغ، لتصدير السلاح التشيكي منه إلى إسرائيل، ولتدريب طيارين متطوعين يهود وغير يهود من أوروبا الشرقية وغيرها، وكذلك طيارين إسرائيليين، كان منهم عازر وايزمان الذي أصبح لاحقاً قائدا لسلاح الجو الإسرائيلي. ومن 20 مايو/ أيار 1948 وحتى 11 أغسطس/ آب 1948، زود هذا القطار الجوي إسرائيل بكمياتٍ كبيرةٍ من الأسلحة الحديثة التي لعبت دورا مهماً وحاسماً في حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وطرده من دياره، وارتكاب المجازر بحقه، وفي هزيمة الدول العربية في حرب 1948.
وقد نقل هذا القطار الجوي في الفترة الزمنية المذكورة أكثر من 350 طناً من الأسلحة والذخيرة في 95 نقلة جوية، وفق ما كانت تطلبه إسرائيل من الأسلحة الحديثة حينئذ، وشمل ذلك الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من بنادق حديثة ومدافع رشاشة خفيفة ومدافع متوسطة من نوع “بزه” وأسلحة أخرى والكثير من الذخيرة. واستخدمت طائرات هذا القطار الجوي، في البداية، مطاراً في كورسيكا للتزود بالوقود، وهي في طريقها إلى إسرائيل. وعندما توقفت فرنسا، في منتصف يونيو/ حزيران 1948، عن السماح لطائرات القطار الجوي الهبوط في كورسيكا، بسبب الضغط الدولي، سمحت يوغسلافيا في 15 يونيو/ حزيران 1948 باستعمال طائرات القطار الجوي أحد مطاراتها. ولم يتوقف نقل الأسلحة التشيكية جواً إلى إسرائيل نهائياً في 11 أغسطس/ آب 1948، بل استمر بشكل متقطع وبوتيرة أقل حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 1948.

طائرة تشيكية استخدمها الإسرائيليون في 1948

وإلى جانب هذا القطار الجوي، نقلت إسرائيل الأسلحة التي اشترتها من تشيكوسلوفاكيا بواسطة السفن، لا سيما الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وشملت الطائرات العسكرية والدبابات والمجنزرات والمصفحات والذخيرة. وقد بلغ مجمل عدد الطائرات الحربية التي اشترتها إسرائيل من تشيكوسلوفاكيا خلال الحرب 85 طائرة حربية. وقد شكلت هذه الطائرات النواة الأولى لسلاح الجو الإسرائيلي. وبدأت إسرائيل استعمالها في يونيو/ حزيران 1948، واستهلت عملياتها بقصف أهداف مدنية في المدن والبلدات الفلسطينية، وبقصف القاهرة وعمّان ودمشق.

السلاح التشيكي وحسم حرب 1948
أشار مؤرخون ومختصون وقادة إسرائيليون كثيرون إلى أهمية السلاح التشيكوسلوفاكي ومختلف أشكال الدعم الأخرى التي حصلت عليه إسرائيل من أوروبا الشرقية، بقيادة الاتحاد السوفييتي، في حسم حرب 1948 لصالح إسرائيل؛ وأكدوا أيضاً أنه، من دون حصول إسرائيل على هذا السلاح، كان من المشكوك في قدرة اليهود في تأسيس دولة إسرائيل والحفاظ على وجودها، فقد أكد مؤسس إسرائيل، دافيد بن غوريون، في مذكراته، “يوميات الحرب”، التي نشرها بعد عقدين من حرب 1948، وفي أثناء فترة العداء بين إسرائيل والاتحاد السوفييتي ومجمل دول أوروبا الشرقية، إن السلاح الذي حصلت عليه إسرائيل من تشيكوسلوفاكيا أنقذ إسرائيل.
وأكّدت رئيسة الحكومة الإسرائيلية السابقة، غولدا مئير، والتي جمعت في ربيع 1948 نحو 60 مليون دولار من يهود الولايات المتحدة (مبلغ ضخم بمعايير تلك الفترة) لشراء الأسلحة لمنظمة الهاغاناه العسكرية، ومن ثم للجيش الإسرائيلي، وكانت أول سفير لإسرائيل في موسكو في أثناء فترة “شهر العسل” مع تل أبيب، الذي طال نحو سنتين على الأقل، أكدت، في مذكراتها التي نشرتها في 1975، أن إسرائيل اعتمدت بالأساس في حرب 1948 على الأسلحة التي اشترتها من تشيكوسلوفاكيا. وكتبت، “لولا الأسلحة والذخيرة التي تمكّنا من شرائها من تشيكوسلوفاكيا، ومرورها عن طريق يوغسلافيا ودول أخرى في البلقان، في تلك الأيام المظلمة من الحرب، لا أعرف إذا كان بمقدورنا الصمود”.
أما إسحق رابين الذي كان قاد لواء في منطقة القدس في حرب 1948، عندما وصلت الأسلحة التشيكية في بداية إبريل/ نيسان 1948 في تلك الفترة الحاسمة، والذي أصبح لاحقاً رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي ووزيراً للدفاع ورئيساً للحكومة الإسرائيلية، فكتب، في مذكراته التي نشرها في 1979: “مهما كان حساب دولة إسرائيل وحساب الشعب اليهودي مع العالم الشيوعي، فإنه ينبغي الكتابة على رأس الصفحة بأحرف بارزة وواضحة: بدون السلاح التشيكوسلوفاكي، الذي من المؤكد أنه كان وفق تعليمات من الاتحاد السوفييتي، من المشكوك جداً فيه إذا كان بقدرتنا الصمود في حرب استقلالنا، عندما أغلقت جميع دول الغرب مخازنها في وجهنا. وعندما حصلنا على البنادق والرشاشات والمدافع والطائرات من تشيكوسلوفاكيا، تمكّن جيش الدفاع الإسرائيلي من الصمود في المعركة الصعبة”.

* العربي الجديد
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل