
رنيم سيد سليمان – حرية برس:
نظم مركز حرمون بالتعاون مع جمعية الرابطة الأخوية في بستان الديوان في مدينة حمص، أمس الأربعاء، محاضرة بعنوان “مسؤولية الإعلام المجتمعي في بناء السلم الأهلي”، للباحث ومدير مكتب الدوحة في مركز حرمون “عمر إدلبي”.
تناول إدلبي الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام المحلي، لا سيما المجتمعي منه، في مجتمعات النزاع، وكيف يمكن له أن يكون أداة للتقريب أو سلاحاً للتفريق.
وأعطى تشخيصاً دقيقاً لطبيعة الإعلام المجتمعي، الذي يختلف عن الإعلام الرسمي والتقليدي من حيث البنية والرسالة والفاعلين، حيث كان الإعلام الرسمي السوري قبل الثورة منغلقاً وموجّهاً أمنياً، برز الإعلام المجتمعي بعد الثورة كنافذة حقيقية لنقل الواقع، والتعبير عن آمال الناس ومخاوفهم.
أوضح إدلبي أن الإعلام المجتمعي، رغم بساطة أدواته – من صفحات على فيسبوك إلى حسابات على تويتر وإنستغرام – يمتلك قدرة هائلة على الوصول إلى شرائح لا تغطيها وسائل الإعلام الرسمية، ويملك تأثيراً كبيراً على تشكيل الرأي العام المحلي، لا سيما في الأفراد المهمشين.
وفي المقابل، حذّر من أن هذا النوع من الإعلام قد يكون الأكثر ضرراً إذا استُخدم بشكل غير مسؤول، خاصة في ظل غياب الضوابط، وانتشار خطاب الكراهية والمعلومات المضللة.

كما ناقش إدلبي مفهوم السلم الأهلي باعتباره حالة من التماسك المجتمعي، تقوم على شعور عام بالانتماء المشترك رغم التعدد الديني والطائفي والعرقي، بالإضافة إلى التهديدات التي تواجه هذا السلم، مثل ضعف الثقة، والانقسامات المجتمعية، والعنف، وغياب الحوار، وأهمية الإعلام المجتمعي في مواجهة هذه التحديات، وذلك من خلال تقديم روايات متعددة تمثّل أصوات الناس، وتمكين الفئات المهمشة، وبناء الثقة، وتعزيز الحوار، ومواجهة خطاب الكراهية.
وتم عرض نماذج ناجحة من مناطق أخرى، كمبادرات الإعلام التشاركي وإذاعات السلام، وطرح مجموعة من الخطوات العملية لمواجهة خطاب الكراهية، أهمها: سن قوانين رادعة، دعم الإعلام المهني، تدريب الصحفيين، وتعزيز دور المجتمع المدني.
واختتم الباحث “عمر إدلبي” الندوة بالتأكيد على أن الإعلام المجتمعي لا يمكن أن يبقى محايداً أمام قضايا السلم الأهلي، بل عليه أن يتحمّل مسؤوليته الأخلاقية والوطنية.

وفي تصريحات خاصة أدلى بها الأستاذ “عمر إدلبي” لموقع “حرية برس” على هامش الندوة، أشار إلى أن “الاستفادة من هذه الندوات كبيرة جداً، أولاً من حيث الحضور الجيد للمهتمين بالشأن العام، من ناشطين مجتمعيين وشباب، وهي الفئة الأكثر قدرة في الحقيقة على إنجاز عمل مجتمعي تشاركي”. وأضاف أن “الفرق التطوعية الشبابية التي تحضر هذه الأنشطة أو تقوم بتغطيتها ومواكبتها تمثل مؤشراً إيجابياً جديداً نشهده في المجتمع السوري اليوم”.
وتحدث إدلبي عن خصوصية مدينة حمص، قائلاً: “المدينة تختلف عن باقي المدن السورية من حيث كونها منطقة تنوع طائفي وعرقي، وهذا يقتضي منا بذل جهود إضافية لإعادة التمليك للمجتمع ومحاولة مواجهة خطاب الكراهية بشكل مسؤول وفاعل”.
وأشار أيضاً إلى دور المراكز البحثية قائلاً: “نحن دائماً، كأنشطة بحثية، نقدم توصيات ومقترحات، بعضها يكون موجهاً فعلياً لصناع القرار والمؤسسات الحكومية الرسمية، والحقيقة أن استجابتهم لها إلى حد ما معقولة جداً، ونأمل المزيد من الاستجابة في المستقبل”.
