ترامب يعلن دراسة رفع العقوبات عن سوريا: “آن الأوان لبداية جديدة”

تحول أمريكي؟ ترامب يناقش تخفيف الحصار الاقتصادي عن سوريا

لجين مليحان13 مايو 2025Last Update :
ترامب يعلن دراسة رفع العقوبات عن سوريا: “آن الأوان لبداية جديدة”

في خطوة مفاجئة من شأنها إعادة تشكيل ملامح السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم أنه يدرس جدياً إمكانية رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مشيراً إلى أن الوقت قد حان لمنح البلاد “فرصة لبداية جديدة” بعد سنوات من الحرب والعزلة الدولية.

جاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض، حيث تطرق إلى عدة ملفات دولية، كان أبرزها الملف السوري، والذي شهد خلال الأسابيع الماضية تطورات متسارعة، أبرزها تسلم رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشعار السلطة في دمشق، بدعم من تحالف إقليمي ودولي.

وقال ترامب: “ننظر إلى الملف السوري بجدية، وقد آن الأوان لإعادة التفكير في العقوبات المفروضة منذ أكثر من عقد. نريد أن نمنح السوريين أملاً بمستقبل مختلف، ونأمل أن تسهم هذه الخطوة في دعم عملية السلام والاستقرار بالمنطقة.”

تحول جذري في الموقف الأمريكي

يُعد تصريح ترامب بمثابة تحول جذري في الموقف الأمريكي تجاه سوريا، لا سيما وأن واشنطن كانت في طليعة الدول التي فرضت عقوبات مشددة على النظام السوري منذ اندلاع الثورة عام 2011، بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، واستخدام القوة العسكرية ضد المدنيين.

ومع سقوط نظام بشار الأسد وتولي حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشعار، بدأت واشنطن مراجعة شاملة للسياسات تجاه دمشق. وذكرت مصادر مطلعة أن المباحثات الداخلية حول تخفيف العقوبات قد بدأت قبل أسابيع، بالتزامن مع ضغوط إقليمية، خصوصًا من جانب تركيا.

تحركات أوروبية موازية

بالتوازي مع التصريحات الأمريكية، تشهد العاصمة الأوروبية بروكسل حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن مستقبل العقوبات المفروضة على سوريا. وتُشير مصادر مطلعة إلى أن العقوبات الحالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في الأول من حزيران المقبل، وتدور حالياً مناقشات جدية حول إمكانية عدم تجديد عدد من الإجراءات الاقتصادية الأشد تأثيراً.

وفقاً لما تسرب من الاجتماعات، هناك توجه داخل بعض دوائر صنع القرار الأوروبية إلى التراجع عن حظر استيراد النفط السوري ومنتجاته، وفتح الباب أمام تخفيف القيود المالية التي تشمل التعامل مع البنك المركزي السوري والتمويل الحكومي، وهو ما كان يشكّل أحد الأعمدة الرئيسية في سياسة العزل الاقتصادي. كما يُناقش المسؤولون الأوروبيون إمكانية السماح بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية والطاقة داخل سوريا، إضافة إلى إلغاء الحظر المفروض على تصدير السلع الفاخرة مثل السيارات والمجوهرات.

في المقابل، يبدو أن العقوبات ذات الطابع الأمني والمرتبطة بالمساءلة القانونية ستبقى قائمة. وتشمل هذه العقوبات حظر تصدير الأسلحة والمعدات مزدوجة الاستخدام، إلى جانب المعدات المرتبطة بالمراقبة واعتراض الاتصالات. كما تؤكد التقديرات الأوروبية أن العقوبات الفردية المفروضة على مئات الأشخاص والكيانات المرتبطين بالنظام السابق ستُمدد، إلى جانب استمرار حظر استيراد الممتلكات الثقافية المهربة من سوريا.

ومن المنتظر أن يُحسم القرار الأوروبي النهائي في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية المزمع عقده في العشرين من أيار الجاري، وسط تباين في وجهات النظر بين الدول الأعضاء حول كيفية الموازنة بين الدعم السياسي للحكومة السورية الانتقالية والحفاظ على آليات الضغط والمحاسبة.

انقسام داخل الإدارة الأمريكية

رغم هذا التوجه الجديد، لا تزال هناك انقسامات داخل الإدارة الأمريكية، حيث يرى بعض المسؤولين أن رفع العقوبات دون ضمانات واضحة قد يُضعف موقف واشنطن التفاوضي. كما أعرب عدد من نواب الكونغرس عن تحفظاتهم، مطالبين بربط رفع العقوبات بإصلاحات سياسية ملموسة داخل سوريا.

ردود فعل دولية متباينة

أثار إعلان ترامب ردود فعل متباينة على الساحة الدولية. فرحبت كل من روسيا وتركيا بالخطوة، ووصفتها بأنها “إشارة إيجابية قد تفتح الباب لتسوية شاملة”، بينما أعربت دول أوروبية عن قلقها من أن يؤدي رفع العقوبات دون شروط واضحة إلى تقوية أطراف غير ملتزمة بعملية السلام.

في المقابل، رحّبت الحكومة الانتقالية السورية بالتصريحات، معتبرة أنها تمثل “بادرة حسن نية من واشنطن وفرصة لبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.”

تحليل: هل تتجه واشنطن وأوروبا نحو براغماتية جديدة؟

إن التوازي في المواقف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه إمكانية تخفيف العقوبات على سوريا، يعكس توجهًا براغماتيًا متصاعدًا في العواصم الغربية. فبينما تسعى واشنطن لفتح نافذة تفاوض جديدة في ظل تغيرات المشهد السوري، تتحرك بروكسل بخطى محسوبة نحو تقليص القيود الاقتصادية على الدولة السورية، في محاولة لتشجيع الاستقرار ودفع عملية إعادة الإعمار.

لكن يبقى التحدي الأكبر في تحقيق التوازن بين هذه البراغماتية والمبادئ التي قامت عليها العقوبات في الأصل، وخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان والمحاسبة على الجرائم السابقة. فالمرحلة القادمة تتطلب دقة في المعالجة، ووضوحًا في المعايير، حتى لا تتحول هذه الانفتاحات إلى مكافأة غير مباشرة للقوى التي ساهمت في معاناة الشعب السوري.

اترك رد

عاجل