انفراج تاريخي في الصراع الكردي – التركي: حزب العمال الكردستاني يعلن حلّ نفسه رسمياً

فريق التحرير13 مايو 2025Last Update :
انفراج تاريخي في الصراع الكردي – التركي: حزب العمال الكردستاني يعلن حلّ نفسه رسمياً
مصطفى الحلبي

في تحول يُعدّ مفصلياً في مسار واحد من أطول وأعقد الصراعات في المنطقة، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) عن حلّ نفسه رسميًا بعد أكثر من أربعين عامًا من العمل المسلح ضد الدولة التركية، في خطوة وصفت بـ”التاريخية” وقد تُعيد رسم المشهدين الأمني والسياسي في كل من تركيا وشمال العراق وسوريا، واضعًا بذلك حدًا لأحد أطول النزاعات في المنطقة، والذي أودى بحياة الكثير من الأبرياء منذ عام 1984 حتى اليوم.

جاء الإعلان عقب المؤتمر العام الثاني عشر للحزب الذي انعقد مؤخرًا في مناطق شمال العراق، حيث أقرّ المؤتمرون توصية الزعيم المسجون عبد الله أوجلان بإنهاء الكفاح المسلح والتحوّل إلى النضال السياسي السلمي، كخيار بديل لتحقيق الحقوق القومية والسياسية للأكراد داخل الإطار التركي.

وقال بيان صادر عن المؤتمر: “لقد قررنا إنهاء العمل العسكري وحل كافة التشكيلات المسلحة التابعة للحزب، تمهيدًا للدخول في مرحلة جديدة من النضال الديمقراطي، وأن المرحلة القادمة تتطلب العمل السياسي والديمقراطي لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الكردي”.

رحبت أنقرة بحذر بهذا الإعلان، وأفاد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي أن “الخطوة مهمة في اتجاه تركيا خالية من الإرهاب”، دون أن يصدر حتى الآن موقف رسمي من الحكومة أو وزارة الخارجية التركية. ويُتوقع أن يتبع الإعلان الرسمي للحزب الكردي إجراءات عملية على الأرض، تشمل تسريح القوات ووقف العمليات، وهو ما ستراقبه أنقرة عن كثب، لكيفية تنفيذ الحزب لقراره على الأرض.

لا تقتصر تداعيات هذا الإعلان على الداخل التركي فحسب، بل تمتد إلى سوريا والعراق، حيث تحظى القوات الكردية المرتبطة أو المتأثرة بخط أوجلان السياسي بنفوذ واسع. ويتوقع مراقبون أن يُمهّد هذا القرار الطريق أمام ترتيبات سياسية جديدة، قد تشمل تسويات مع الفصائل الكردية في سوريا، وإعادة تقييم للتحالفات الدولية القائمة، لا سيما مع الولايات المتحدة.

كما يرى محللون أن هذه الخطوة قد تُضعف الغطاء الأيديولوجي للفصائل المسلحة التي استندت إلى فكر حزب العمال الكردستاني طوال سنوات الحرب في سوريا والعراق، ما قد يعزز فرص الحلول السياسية والتسويات الوطنية.

أكثر من عشرات الآلاف ضحايا الصراع الصراع الكردي–التركي

منذ انطلاق الصراع المسلح لحزب العمال الكردستاني عام 1984، قُتل ما يزيد على 40 ألف شخص بحسب تقارير دولية ومحلية، بينهم مدنيون وعسكريون من الطرفين. وقد صنّفت تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحزب كمنظمة إرهابية، فيما ظل أنصاره ينظرون إليه كحركة تحرر قومي كردية تسعى لاسترداد الحقوق الثقافية والسياسية واللغوية لأكراد تركيا.

إعلان حل الحزب يُعدّ نهاية رمزية لعقود من العنف والصراع، وبداية محتملة لحقبة جديدة من السلام في المنطقة، غير أن الطريق إلى التسوية الشاملة في المنطقة لا يزال مليئًا بالتحديات، بعد تحرير سوريا من الميلشيات التي كانت تدعم نظام الأسد الهارب، خصوصًا في ظل غياب ضمانات واضحة من الأطراف كافة. وعدم تطبيق العدالة بحق من كانوا سبب في معاناة شعوب المنطقة كاملة.

رغم ذلك، فإن قرار حل الحزب يشكل لحظة تعد تاريخية في الشرق الأوسط، حيث تنتصر السياسة على السلاح، وتُفتح نافذة جديدة على احتمالات سلام طال انتظاره قد يكون البداية لإعادة الإعمار والإزدهار والتجارة والحياة في المنطقة.

اترك رد

عاجل