المنظمات المحسوبة على الثورة واستقطاب “الأقليات”.. انفتاح أم ضحك على لحى المانحين؟!

نوار الشبلي20 يناير 2025آخر تحديث :
المنظمات المحسوبة على الثورة واستقطاب “الأقليات”.. انفتاح أم ضحك على لحى المانحين؟!
(صورة تعبيرية) فعالية أطلقتها منظمات سورية

منذ كثر الحديث والمطالبات الدولية لحماية حقوق الأقليات في سوريا، بدأت المنظمات المحسوبة على الثورة السورية والتي نشطت خلال السنوات الأخيرة في “المناطق المحررة” شمال غرب سوريا، باستقطاب “شابات” من “الأقليات”.

في الوقت الذي كانت ترفض فيه متطوعات محجبات وغير محجبات في تلك المناطق، إلا ماندر وفي مهام معينة، وفي أحسن الأحوال لإظهار أنهم منفتحين أمام المجتمع الدولي.
الأمر الذي يطرح تساؤلات حول التغيير في السياسة الداخلية لهذه المنظمات، هل هو انفتاح فكري من قبل أفرادها أم “ضرب عصفورين بحجر واحد”؟

بناء على معلومات خاصة فإن عدد من هذه المنظمات والتي تتلقى تمويلاً غربياً، تعاني حالياً من نقص التمويل وتخبطات في مستوى المشاريع والفعاليات المتاحة والتي من الممكن جلب انتباه الغرب ومحاولة إرضائه، وكأن المنظمات معنية بالخط السياسي للمرحلة.

لتتجه هذه المنظمات إلى استقطاب تيارات أقلوية سياسية ومتطوعين من هذه الطوائف، في انحراف واضح عن مهامها الحقيقية، والاتجاه إلى فعاليات “نشطة” أخرى تخص هذه الطوائف.
فلم تعد ورقة الأقليات للعب بأيدي السياسيين، وإنما باتت أسلوباً “ضعيفاً” لكسب رضى الغرب والحصول على تمويل يمكن الحصول عليه بطرق وأساليب أخرى.

وهو أمر لم يعد مخفياً على الشارع السوري، فترى امتعاضاً حول هذا التحول على وسائل التواصل الاجتماعي، من مختلف فئات المجتمع، أمراً تحول إلى تمييز عنصري طائفي تجاه (الأكثرية).

العواقب السلبية المترتبة على هذا الأسلوب على المجتمع وعلى المنظمة

من المشروع لكل منظمة غير ربحية اتباع استراتيجية محددة تضعها لاستمرار الحصول على التمويل وبالتالي استمراريتها بدورها المدني في دعم المجتمع.

إلا أن تطويع أفراد من “الأقليات” لتأمين التمويل من دول غربية يعد استغلالاً، وخاصة أن سياسة هذه المنظمات لم تكن قائمة على ذلك، ما يشير إلى أن اتباع هذا الأسلوب حديثاً بالتزامن مع نقص التمويل ليس مدفوعاً لجعل المنظمة متنوعة وشاملة، الأمر الذي يبدو جذاباً للمانحين.
هذا النهج في هذه المنظمات يعد “إشكالياً” بامتياز، لكونه استغلال لشوائب المرحلة والإرث الأسدي من تفرقة وضعف مجتمعي، ما يؤدي إلى استغلال فئات على حساب فئات أخرى وإخلال بالتوازن المجتمعي.

ورد في مقالة تحمل عنوان “دوافع الأقليات العرقية التي تتطوع في البرامج التي تستهدف الشباب المحرومين” المنشورة في إحدى المجلات العالمية في عام 2003، أنه غالباً ما يتم تأطير تجنيد المتطوعين من الأقليات كوسيلة “لرد الجميل” للمجتمعات المحرومة.

إلا أنه في الواقع السوري الآن، فالغالب أن ذلك مدفوع بالرغبة في الوصول إلى مصادر التمويل التي من شروطها أن تكون هذه المنظمات أكثر تنوعاً وشمولاً في المجتمع التي تنشط فيه، ما يعني استخدام هذا الأسلوب لإظهار كأنها تبدو كمشاركة مجتمعية لمعالجة “عدم المساواة”.

وذلك بدلاً من التعامل مع المتطوعين من الأقليات كـ”شركاء” حتميين ومتساويين مع غيرهم من المتطوعين في العمل ضمن المؤسسة، وليكون لها دور في تمكين هذه المجتمعات، لا كوسيلة لتحقيق غاية أو أداة للحصول على تمويل.

الأمر الذي سيسبب على المدى البعيد بخلق شعور من المتطوعين من الأقليات بالاستغلال، فضلاً عن التناقض الفكري بين المتطوعين القدامى وأهداف المنظمة، وبالتالي خسارة متطوعين وعدم الالتزام من قبلهم، ما يؤدي إلى تقويض فعالية المنظمة على المستوى العملي.

استغلال المشاركة النسوية

أما عن استقطاب الإناث بشكل خاص، ضمن هذه المنظمات التي تضم أفراداً ذوي فكر متشدد بحكم ما هو سائد في شمال غرب سوريا، والذي هو نتيجة حتمية لتراكمات سنوات من الحرب، وظهور تيارات متشددة دينياً، فإن ذلك لايخرج عن كونه وسيلة أخرى لاستقطاب المانحين المحتملين من الداعمين للنسوية في البلدان النامية.

هذه الممارسات التي قد تعود سلباً على النساء بشكل عام وخلق شروخات واسعة بين المجتمع النسوي ذاته.

فالنساء، وهن الفئة الأضعف في مجتمع مدمر اقتصاديا واجتماعيا وغير ذلك، وإدراجهن بهذه الطريقة كواجهة إعلامية للمنظمة في مواقع التواصل الاجتماعي واستقبالات الوفود، ليس تمكيناً حقيقياً في حين أن سياسة المنظمة لم تعمل داخلياً على بناء قاعدة ثابتة أو توعية أفرادها لضرورة المشاركة النسوية والمساواة في الحقوق والمهام.

الأمر الذي يشعرهن بشعور من الخيبة على أنهن غير مقبولات في مهام معينة أو أنهن واجهة تمثيلية، وسط غياب دورها الحقيقي في المشاركة في القرارات داخل الهذه المؤسسة، وهو ما يعانين منه نساء المجتمع السوري ويقوض مشاركتهن وفاعليتهن ودورهن المشروع، والتعامل معهن على أنهن “ماريونيت“.

اترك رد

عاجل