كيف يواجه السوريون جرائم القتل العنصرية بحقهم في تركيا؟

فريق التحرير22 نوفمبر 2024آخر تحديث :

اسطنبول- حفاظاً على سلامة المتواجدين في شركة استيراد وتصدير الخضار والفواكه بولاية مرسين جنوب تركيا، حذر حسين عمر عزوز العمال من الاقتراب من مكان عمله بورشة حدادة داخل الشركة، بناء على توصية مدير الشركة، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فجاءه الرد من عامل تركي “أنت مجرد سوري لا يحق لك توجيه الأوامر”، ليتدخل المدير وينهي الملاسنة بين الطرفين، مؤكداً أنه من أوصى بذلك.

ظن الجميع أن المشكلة انتهت، لكن في ذات اليوم، جمع العامل التركي نحو 15 شخصاً من رفاقه وهاجموا ورشة الحدادة، المكونة من أربعة سوريين، فتدخل مدير الشركة مجدداً وطرد المهاجمين من العمل، كما قال شقيق عزوز لـ”سوريا على طول”، لافتاً إلى أن المدير أوقف العمل في شركته في اليوم التالي من أجل احتواء الموقف.

وفي مساء التاسع من الشهر ذاته، هاجم الشبان الأتراك ورشة الحدادة، مستخدمين الأسلحة البيضاء والمسدسات، ما أدى إلى مقتل عزوز متأثراً بإصابته بعدة طعنات، بحسب شقيقه، في حادثة تضاف إلى سلسلة اعتداءات تعرض لها سوريون في تركيا بدافع “العنصرية”، في وقت تزداد فيه مخاوفهم من الاعتداءات والترحيل، خاصة بعد أحداث قيصري العنصرية في صيف 2024، وما تبعها من حملات الترحيل لا سيما في إسطنبول وغازي عنتاب.

وقعت الحادثة، أثناء تأدية عزوز لصلاة العشاء، متعرضاً “لطعنة عميقة بالخاصرة، وعدة طعنات في الرأس، وأصيب معه سوريان اثنان عندما حاولا الدفاع عن نفسيهما”، ليصدر قرار “بترحيلهما إلى سوريا كونهما طرف في المشكلة”، لكن أوقف تنفيذ القرار في 14 تشرين الأول/ أكتوبر “بعد الضجة الإعلامية التي أعقبت وقوع الجريمة وعادا إلى أضنة مكان إقامة ورشة الحدادة”، بحسب شقيق عزوز.

أوكلت عائلة عزوز، المولود في حلب عام 1983 والأب لثلاثة أطفال، محامٍ لمتابعة قضيته، كما رفع مدير الشركة التركي شكوى قضائية مستقلة ضد المهاجمين الموقوفين على ذمة التحقيق، “وننتظر حكم القضاء التركي بحادثة مقتل أخي، الذي فقد حياته من دون اقتراف أي ذنب، سوى أنه سوري”، قال شقيقه.

صورة حسين عمر عزوز، انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي بعد مقتله

من جهتها، أصدرت مديرية الطب الشرع في مرسين تقرير وفاة عزوز، مبينة أن السبب إصابة في العمل من دون ذكر تفاصيل الحادثة، أو الإشارة إلى أنها بسبب جريمة من طرف آخر، بحسب الوثيقة المرفقة، التي حصلت عليها “سوريا على طول” من الناشط الحقوقي، طه الغازي، المتخصص في متابعة قضايا اللاجئين السوريين بتركيا.

تقرير طبي لمقتل حسين عزوز في 9 المصدر طه الغازي 10-2024

قبل أقل من شهر على مقتل عزوز، لقي الطفل السوري عبد اللطيف علي دوارة حتفه، نتيجة إصابته بطلقات نارية أثناء جلوسه مع رفاقه في حديقة عامة بمنطقة غازي عثمان باشا التابعة لإسطنبول، مصدرها شابّين مقنّعين كانا يركبان دراجة نارية.

في مساء 21 أيلول/ سبتمبر، تلقى والد الطفل، وهو من مواليد مدينة حلب عام 2009، اتصالاً من شخص يخبره أن ابنه مصاب بأربع رصاصات وتم تحويله إلى مستشفى باشاك شهير الحكومي، لكن “بعد ثلاث ساعات فقد حياته بعد أن فشل الأطباء في إنقاذه”، كما قال والده لـ”سوريا على طول” في اتصال هاتفي.

انتقلت عائلة دوارة إلى إسطنبول بعد زلزال السادس من شباط/ فبراير 2023، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، وأدى إلى مقتل نحو 50 ألف شخص في كلا البلدين، من بينهم والدة الطفل عبد اللطيف وشقيقه.

بعد وصول العائلة إلى إسطنبول، عمل عبد اللطيف بمشغل خياطة ولم يكن لديه مشكلة مع أحد داخل العمل وخارجه، كما قال والده، رغم ذلك فإنه قُتل عمداً، لأنه حاول الهرب مع رفاقه بعد إطلاق النار، لكنه “أصيب برصاصتين في ساقه وخاصِرته، وعندما حاول الحبو أجهز عليه أحد المعتدين بإطلاق رصاصتين استقرّتا في رأسه”، كما قيل لوالده من الشهود.

أوكل علي والد عبد اللطيف محامٍ لمتابعة قضية ابنه بمساعدة نشطاء سوريين، لكن حتى الآن “لم نلمس إجراءات فعلية، وأخشى أن تكون القضية قد أغلقت”، على حد قوله. علماً أن مديرية الشرطة في إسطنبول أشارت في بيان نشرته قناة “Halk Tv” المحلية، بعد مقتل الطفل بأربعة أيام، إلى أنها أوقفت متهمَين اثنين بالجريمة، يبلغان 18 عاماً من عمرهما، وضبطت بحوزتهما مسدسين غير مرخصين ودراجة نارية، وثلاثة شبان مشتبه بهم.

من جانبه، أكد المحامي عمر تاش في زيارة للعائلة مع وفد من الحقوقيين، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر، أن “مجريات التحقيق ما زالت قائمة في سياق القضية، وبأن رئاسة محكمة الجنايات ستحدد لاحقاً موعد الجلسة الأولى من مسار المحاكمة ومساءلة الجناة”.

صورة عبد اللطيف علي دوارة حصلت عليها “سوريا على طول” من والده 

مواجهة خجولة

في أقل من خمسة أشهر، أي منذ مطلع تموز/ يوليو حتى لحظة نشر هذا التقرير، رصدت “سوريا على طول” ثماني عمليات قتل بحق سوريين على يد أتراك، آخرها مقتل محمود رحماني، 20 عاماً، يوم أمس الجمعة، بعد تعرضه للطعن من شاب تركي في ولاية أضنة التركية.

وإضافة إلى مقتل الواردة قصّتيهما في هذا التقرير، قُتل هاني قاسم، 23 عاماً، طعناً في مدينة بورصة، في الثاني من أيلول/ سبتمبر، والصائغ محمد موشمة 38 عاماً، بإطلاق النار عليه، في الرابع من أيلول/ سبتمبر، بمدينة إسطنبول.

وقبل ذلك، قُتل الطفل أمير باكي بايندير، عشرة أعوام، بإطلاق النار عليه من بائع تركي في غازي عنتاب، في 28 آب/ أغسطس، كما قتل حمود حمدان النايف، 17 عاماً، في الثاني من تموز/ يوليو بأنطاليا، بعدما اقتحمت مجموعة من الأتراك شقة كان يقطنها مع رفاقه العمال، حيث أصيب ثمانية منهم بعد تعرضهم للضرب والطعن بالسكاكين.

بينما نجت نايا سفان، 23 عاماً، من الموت بعد أن تعرضت لإطلاق نار من شاب تركي في إسطنبول، مساء 17 أيلول/ سبتمبر، لأنها رفضت الارتباط به.

يتفق سنان بيانوني، منسق مشروع “حماية”، الذي أطلقه منبر منظمات المجتمع المدني، في 15 آب/ أغسطس 2023 في أن “جرائم العنصرية بحق السوريين تشهد ارتفاعاً ملحوظاً”، مستنداً في ذلك على “الحالات التي تصل إلى المشروع، والمشاهدات التي يتم رصدها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال الزيارات الميدانية للفريق”، كما قال لـ”سوريا على طول”، ومع ذلك “لا توجد أرقام رسمية” توثق جميع هذه الحالات.

صورة نايا سفان في إسطنبول انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي بعد إصابتها

مقابل هذه الاعتداءات، تبدو جهود الحد من “الجريمة” بحق السوريين خجولة وفردية في بعض الأحيان، كما قالت عدة مصادر لـ”سوريا على طول”. 

في هذا الإطار، تبرز جهود الناشط الحقوقي طه الغازي، الذي يكافح من أجل السوريين في تركيا، ويعمل في ميدان مكافحة الكراهية والتمييز العنصري ضدهم، وفق مسارين، كما أوضح لـ”سوريا على طول”.

“المسار الأول: قانوني وحقوقي من خلال التنسيق مع الهيئات والمنظمات الحقوقية التركية ومع كوادر من نقابة المحامين الأتراك في كافة المدن التي تشهد كثافة في أعداد السوريين”، ويتمثل هذا المسار في “رفع دعاوى ضد كل من يحرض على الكراهية والتمييز العنصري، حتى ضد ساسة وقادة في بعض الأحزاب مثل: تانجو أوزجان رئيس بلدية باولو، أوميت أوزداغ رئيس حزب الظفر، وإيلاي اكسوي نائبة رئيس الحزب الديمقراطي”، بحسب الغازي.

فيما يقوم المسار الثاني على “تنظيم لقاءات مع شخصيات في الأحزاب السياسية التابعة للحكومة أو المعارضة”، بهدف “نقل واقع اللاجئين السوريين في تركيا بعيداً عن الصورة النمطية المتداولة في وسائل الإعلام، وقد أعطى هذا الإجراء نتائج مقبولة نسبياً في فترة من الفترات وغيّر من خطاب بعض الساسة في المعارضة التركية”، وفقاً للغازي.

وعلى صعيد مؤسسي، هناك عدد من الكيانات السورية، التي تدعم اللاجئين، من قبيل مشروع “حماية”، التابع لمنبر منظمات المجتمع المدني، الذي يهدف إلى حل الإشكالات القانونية للاجئين السوريين في تركيا عبر ثلاث مسارات رئيسية، وهي “تعزيز التوعية القانونية لدى اللاجئين، إقامة آليات فعالة لتلقي مشكلاتهم وحلها، وتوثيق مهني للحالات للاستفادة منها في تحسين البيئة القانونية”، بحسب بيانوني. إضافة إلى كيانات أخرى، من قبيل طاولة الحلول للاجئين السوريين في تركيا، والائتلاف الوطني السوري عبر اللجنة السورية التركية المشتركة.

بدورها، تعمل طاولة الحلول على “التعاون مع مؤسسات حقوقية تركية لفتح دعاوى قضائية عبر محامين أتراك، والتواصل مع المعنيين بالشأن العام السوري من جهة ثانية”، بحسب المنسق العام للطاولة، د. مهدي داوود، إضافة إلى “إقامة ورشات عمل مع المؤسسات التركية، لا سيما الإعلامية، من أجل تجنب تداول الأخبار المضللة العنصرية والهادفة للفتنة بين الشعبين التركي والسوري”، كما قال لـ”سوريا على طول”.

لكن، للحد من الجرائم بحق السوريين، “لا بد من وجود تنسيق أكبر بين الائتلاف الوطني السوري، بصفته مؤسسة سياسية، والحكومة التركية والمعارضة، إضافة إلى بذل جهود حكومية تركية أكبر لحماية السوريين عبر تطبيق تشريعات صارمة تجرم خطاب الكراهية والعنصرية، وتطوير سياسات شاملة لتعزيز التعايش السلمي والاندماج الاجتماعي، واحترام حقوق الإنسان بعيداً عن استغلال قضية اللاجئين لأهداف سياسية”، كما قال منسق مجموعة عمل اللاجئين في الائتلاف، أحمد بكورة، لـ”سوريا على طول”.

دوافع العنصرية

منذ عام 2019، بدأت تركيا تشهد تغيراً في علاقتها مع السوريين المقيمين على أراضيها، حيث ازداد خطاب الكراهية نتيجة الظروف الاقتصادية التي عصفت في البلاد، واستخدم ملف اللاجئين السوريين في الانتخابات التركية، كأداة سياسية لدى مختلف الأطراف التركية، إضافة إلى استخدام ملف السوريين في تصريحاتها المتعلقة ببرامجها مع الاتحاد الأوروبي.

وبدورها، شنت السلطات التركية عدة حملات لترحيل السوريين المخالفين على أراضيها، وجاء تصريح الرئيس التركي، في “خطاب الشرفة“، تأكيداً على النهج الحكومي، عندما وعد شعبه بإعادة مليون سوري عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2023.

وفي هذا السياق، قال بكورة أن “التحديات الاقتصادية، من قبيل التضخم وارتفاع معدلات البطالة في تركيا، لعبت دوراً في زيادة مشاعر الاستياء من السوريين وتحميل اللاجئين مسؤولية الأزمات الاقتصادية والاجتماعية”.

كل ذلك، أعطى مساحة لارتفاع الاعتداءات العنصرية “ليس بحق السوريين فقط، وإنما بحق  السياح العرب، الذي ألقى بظلاله على حركة السياحة خلال العامين الحالي والماضي”، بحسب الغازي.

“ولم تعد تقتصر مشكلة السوريين على خطابات الكراهية والتمييز، وإنما عدم تقبلهم مجتمعياً”، ورغم أن رفض الأتراك السوريين قد لا تؤدي بالضرورة إلى حوادث عنصرية، لكنها تؤدي في نهاية المطاف إلى “نبذ السوريين والتحريض عليهم”، وفقاً للغازي.

تشير إحصائية صادرة عن مديرية إدارة الهجرة في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2024 إلى انخفاض عدد السوريين إلى نحو 3.1 مليون نسمة تقريباً، بعد أن كان عددهم في عام 2021 نحو 3.7 مليون. وبحسب وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، عاد أكثر من 715 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم بين عامي 2016 و2024.

أين القضاء التركي؟

رغم حالة الإحباط في أوساط السوريين تجاه السياسات الحكومية التركية بحقهم، على صعيد الإقامة وتأجيج العنصرية بحقهم أو مواجهتها، لا بد من الإشارة إلى أن “القضاء لا يميز بين الضحايا على أساس كون الضحية لاجئ أو مواطن، وما يطبّق من قانون العقوبات على المواطنين الأتراك يُطبق أيضاً على المقيمين في تركيا”، كما أوضح المحامي غزوان قرنفل، المقيم في مرسين، لـ”سوريا على طول”.

وأكد قرنفل أن المؤسسات القضائية التركية “أصدرت أحكاماً قضائية كانت متوافقة مع الأصول القانونية في أكثر من حادثة قتل عنصرية بحق السوريين”، لكن قد تطول المدة الزمنية حتى يصدر القرار “حتى يتم التأكد من ثبوت التهمة على الجاني، واستكمال التحقيق في الظروف المحيطة بالمجرم”، وفقاً له.

لكن، هذا لا ينفي أن القضاء التركي يواجه تحديات عند النظر بقضايا القتل العنصرية بحق السوريين، تتعلق بـ”التأثيرات السياسية والضغوط الاجتماعية من قطاعات شعبية تعارض وجود اللاجئين السوريين”، وفقاً للمحامي صلاح الدين الدباغ، ناشط حقوقي مهتم بقضايا اللاجئين السوريين في تركيا، وقد تم ترحيله من غازي عنتاب إلى سوريا في آب/ أغسطس 2022، قبل أن يتمكن من اللجوء إلى فرنسا.

لا يمكن التقليل بالتأثير الإعلامي والاجتماعي والسياسي للمجتمع المحلي لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى “نوع من التقاعس في التحقيقات أو تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة”، بحسب الدباغ، مشيراً إلى أن تطبيق القوانين في تركيا يعتمد على عدة عوامل “رغبة السلطات في التعامل بجدية مع الجرائم العنصرية، وضغط الرأي العام، والتزام الجهات القضائية بتطبيق القوانين بحزم”.

يتناقض ذلك مع المادة 82 من القانون الجنائي التركي، التي تنص على تشديد العقوبة في حال كان هناك عوامل مشددة، مثل القتل بدافع الكراهية أو العنصرية، بحسب الدباغ، وبينت المادة 122 أن الجرائم الواقعة “بسبب اللغة أو العرق أو الجنسية أو اللون أو الجنس…” تندرج ضمن جرائم الكراهية والتمييز.

رداً على ذلك، قال الناشط الحقوقي طه الغازي، “من جهتي كنت وما زلت أؤمن بعدالة القضاء التركي”، مستشهداً على ذلك بـ”محاكمة قاتل الشبان السوريين الثلاثة حرقاً أواخر 2021 في ولاية أزمير المدعو كمال قرقماز بالسجن المؤبد 3 مرات”، والذي صدر الحكم بحقه في آذار/ مارس 2024.

كذلك، أصدرت محكمة الجنايات العليا الثانية في كلّس، في السادس من أيار/ مايو 2024 الحكم بالسجن المؤبد بحق المدعو حسين بوجوك، قاتل الطفلة السورية غنى مرجمك، ذات التسعة أعوام، في الرابع من نيسان/ أبريل 2023، كما أصدرت محكمة الجنايات العليا في إزمير في 24 حزيران/ يونيو 2024 حكم المؤبد بحق محمد شريف شيليك قاتل محمد ياسر آلاتي، 25 عاماً، وإصابة زميله في العمل حسين دهمش مطلع آب/ أغسطس 2023، بحسب الغازي.

وبدوره، نفى المحامي غزوان قرنفل ما يُشاع عن ترحيل السوري إذا تقدم بشكوى ضد تركي لأنه اعتدى عليه أو مارس عليه العنصرية، لكن “تحصل تجاوزات قانونية أحياناً من قبل مديريات إدارة الهجرة والشرطة، كأن يكون الشرطي عنصرياً”، وربما “يكون لدى المشتكي مشكلة في أوراقه الثبوتية، مثل تثبيت عنوان السكن أو بطاقة الحماية المؤقتة”، وبذلك يعرض نفسه لخطر الترحيل لأنه مخالف وليس لأنه تقدم بشكوى. 

يتناقض هذا الكلام مع حالة زميلي حسين عزوز الذين صدر بحقهما قرار ترحيل، قبل أن يتم إلغاؤه لاحقاً. تعليقاً على ذلك، قال سنان بيانوني، منسق مشروع “حماية” أن “قرار الترحيل قد يكون صدر بحقهما لأنهما ضمن المشكلة، وقبل أن يتم البت في القضية”، مشيراً إلى أنه “بمجرد فتح تحقيق شكوى يكون السوري طرفاً قد يصدر قرار ترحيل بحقه قبل صدور نتيجة التحقيق”.

وأرجع بيانوني سبب ترحيل الأجنبي عندما يكون طرفاً في مشكلة إلى “الصلاحيات الموجودة لدى الجهات التنفيذية، التي تأخذ القرار استناداً على تقييم المؤسسات الأمنية، كأن يشكل الشخص تهديداً على السلم والأمن المجتمعي”، لافتاً إلى أن هذا التقييم “قد يكون مبني على شبهة أو شكوى مضادة أو قضية مرفوعة في المحاكم لم يتم البت فيها بعد”.

بالمحصلة “قد يكون الأجنبي عرضة لقرار ترحيل في قضية ما، قد يخرج منها بريئاً لاحقاً، لأن الأجنبي ضعيف حقوقياً”، بحسب بيانوني، وهذا يفسر سبب “تخوف الأجانب من اللجوء إلى مؤسسات الدولة لحل مشاكلهم أو الدفاع عن قضاياهم”.

أيضاً، قد “يخاف السوري من البوح بما تعرض له من اعتداء خوفاً من اعتداء جديد”، من وجهة نظر الصحافي قصي عمامة، مؤكداً “وقوع جرائم قتل بحق سوريين لم تصل إلى القضاء، أو أنها وصلت لكن عائلة الضحية لم تُبلغ بها”، كما قال لـ”سوريا على طول”، مستنداً إلى تغطية الانتهاكات أثناء عمله في برنامج “بريد أورينت” بين عامي 2022 و2023، قبل أن يتم ترحيله من تركيا في آب/ أغسطس 2024.

تأمل عائلتا حسين عزوز وعبد اللطيف دوارة أن يأخذ القضاء التركي حق ولديهما من المجرمين وأن لا ينتظرا طويلاً من دون نتيجة.

المصدر سوريا على طول

اترك رد

عاجل