وقعت مجموعة مكونة من أكثر من 100 طالب لجوء سوري، تم إنقاذهم قبالة سواحل قبرص بعد مغادرتهم لبنان، وسط نزاع بين البلدين. وبحسب ما ورد من معلومات رفض لبنان استعادة المجموعة، على الرغم من الاتفاق المثير للجدل بشأن العودة.
منذ فترة طويلة تربط اتفاقية بين قبرص ولبنان تقضي بإعادة المهاجرين الذين يصلون إلى قبرص عن طريق القوارب إلى لبنان، الذي يقال إنه “بلد آمن”.
لكن الموقف المتشدد بشكل متزايد تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء من قبل الجانبين بات يخلق توترات. ففي أحد مراكز اللاجئين يوجد 116 سوريًا استقلوا قاربًا من لبنان الأسبوع الماضي متجهًا إلى قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي.
وبعد مغادرة القوارب لبنان، أصدرت السلطات هناك تنبيهًا، وتم انتشال المهاجرين يوم الأحد قبالة قبرص. وفي اليوم التالي، رافقتهم ثلاث سفن تابعة للشرطة والحرس الوطني القبرصي إلى لبنان، لكن تم منعهم من الدخول، حسبما قال وزير الداخلية كونستانتينوس يوانو.
ونقلت وكالة فرانس برس عن ايوانو قوله: “للأسف لم تقبل السلطات اللبنانية بعودة من كانوا على متن السفينة اللبنانية”. وقال إنه لا يعرف سبب رفض السماح للمهاجرين بالنزول.
وقال يوانو إن “لبنان لديه مشكلة كبيرة للغاية” فيما يتعلق بالهجرة، مضيفاً أنه سيتم التعامل مع هذه القضية سياسياً.
وبعد يومين من إنقاذهم، تم نقل السوريين في البداية إلى مخيم في قبرص، حسبما ذكرت منظمة إنقاذ المهاجرين “آلارم فون Alarm Phone” على موقع X (تويتر سابقًا).
اتفاقية الإعادة المثيرة للجدل
وكانت عودة المواطنين السوريين من قبرص إلى لبنان قد أثارت في السابق انتقادات من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفي أغسطس/آب، قال مكتبها في نيقوسيا لوكالة أسوشيتد برس للأنباء إن عمليات الترحيل بين الدول دون ضمانات قانونية للأشخاص الذين قد يحتاجون إلى حماية دولية تتعارض مع القانون الدولي والأوروبي.
وقالت المفوضية إنها تشعر بالقلق من إعادة سوريين من قبرص إلى لبنان دون فحصهم لتحديد ما إذا كانوا بحاجة إلى الحماية ومن قد يتم ترحيلهم إلى سوريا.
وأعربت منظمة “آلارم فون”، التي تدير خطًا ساخنًا للطوارئ يستخدمه المهاجرون الذين يتعرضون لمواقف صعبة، عن معارضتها للاتفاق، واتهمت السلطات القبرصية بمحاولة “الصد” بشكل غير قانوني.
ومع ذلك، تواصل قبرص الإصرار على أن عمليات العودة قانونية بموجب الاتفاقية الثنائية. وتدعي أن الحرب على غزة، والتي خلقت توترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، أضعفت من قدرة لبنان على مراقبة مياهه الإقليمية ومنع مغادرة قوارب المهاجرين.
ونقلت وكالة فرانس برس عن يوانو قوله إن “الوضع في لبنان نفسه صعب في الوقت الحالي”.
وقبرص هي دولة عضو بالاتحاد الأوروبي وتقع في أقصى الشرق. صحيح أن عدد طالبي اللجوء في الجزيرة المتوسطية صغير نسبياً، لكنهم يمثلون أكثر من 5% من سكان الجزيرة الذين يبلغ عددهم أقل من مليون نسمة ــ وهي أعلى نسبة في أي دولة في الاتحاد الأوروبي.
مشكلة في لبنان
وعلى بعد أقل من 200 كيلومتر من قبرص، يستضيف لبنان حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، وفقاً لتقديرات الحكومة. وقد تزايد العداء السياسي والعام تجاه اللاجئين، وأصبحوا كبش فداء لمشاكل لبنان الاقتصادية والسياسية. وفي عام 2023، تم ترحيل آلاف اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا.
في الوقت نفسه، يتزايد عدد السوريين الذين يعبرون الحدود إلى لبنان، بحسب مسؤولين لبنانيين. وفي أكتوبر/تشرين الأول، اقترح وزير في الحكومة اللبنانية السماح للسوريين بالمغادرة إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، وهي رحلة كلفت عشرات الآلاف من الأشخاص حياتهم.
وبينما رد الجيش اللبناني بأنه لا يزال ملتزماً بمنع مغادرة القوارب، فإن عدد السوريين الفارين من لبنان في محاولة للوصول إلى قبرص أو اليونان عن طريق القوارب استمر في الارتفاع، لا سيما في الأشهر التي تلت الحرب على غزة.
Sorry Comments are closed