صوّت البرلمان الأوروبي بغالبية أعضائه قبل أيام على قرار من عدة فقرات متعلق بلبنان، جلها يطالب اللبنانيون أنفسهم بها منذ سنوات. يطالب بها قياداتهم وحكوماتهم المتعاقبة، ليس ذلك فحسب، بل حتى الدول الشقيقة والصديقة.
لقد صادق البرلمان الأوروبي على قرار يدعو المجلس الأوروبي، وهو الجهة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إلى فرض عقوبات على كل من يعرقل “انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكل من يعرقل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، إضافة إلى المتورطين في الفساد”.
حمّل نص القرار الصادر مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان بسبب التعطيل الذي تمارسه الطبقة السياسية والسلاح غير الشرعي، مسميا “حزب الله” وحلفاءه حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” وكذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاسم، ولم ينس الأوروبيون انفجار 4 أغسطس/آب 2020، فجددوا دعوتهم إلى “تحقيق شفاف ومستقل وحيادي وفعال في انفجار مرفأ بيروت”، مؤكدين أن “الأمر أولوية ويجب ضمان حصوله”. وطالبوا بإرسال “بعثة دولية لتقصي الحقائق” برعاية الأمم المتحدة، وبتعاون السلطات مع قاضي التحقيق طارق بيطار.
كذلك نص القرار على عدم إرسال اللاجئين السوريين قسرا إلى بلادهم، وشدد على ضرورة عمل المفوضية الأوروبية مع الأمم المتحدة والسلطات اللبنانية على إيجاد حل سلمي يضمن العودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى بلادهم.
حمّل نص القرار الصادر مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان بسبب التعطيل الذي تمارسه الطبقة السياسية والسلاح غير الشرعي، مسميا “حزب الله” وحلفاءه حركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” وكذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاسم
كذلك نص القرار على عدم إرسال اللاجئين السوريين قسرا إلى بلادهم، وشدد على ضرورة عمل المفوضية الأوروبية مع الأمم المتحدة والسلطات اللبنانية على إيجاد حل سلمي يضمن العودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى بلادهم.
ونوه القرار باللبنانيين الذين يستضيفون اللاجئين السوريين، وأكد على حاجة اللبنانيين كما اللاجئين للدعم المالي. وأشار في الوقت نفسه إلى خطاب الكراهية الذي تستعمله بعض الأحزاب اللبنانية لأهداف سياسية.
ردود فعل كثير من الأحزاب اللبنانية وناشطين وحتى إعلاميين أتت في مجملها منددة بالقرار الأوروبي، متهمة البرلمان الأوروبي بأن قراره ينص على توطين السوريين في لبنان، وهو ما لم يذكره القرار، فبدت ردود الفعل تلك كأن أحدا لم يقرأ النص، بل قد يكون معظمهم اكتفى بما ذكره النائب الفرنسي عن “الجبهة الوطنية” تييري مارياني في فيديو نشره على حسابه في “تويتر”، متهما الأغلبية البرلمانية في أوروبا بالتآمر على لبنان وهويته، معتبرا أن القرار يهدف إلى توطين اللاجئين السوريين، واصفا إياه بـ”طعنة حقيقية في ظهر اللبنانيين”.
القرار الذي طالب بفرض عقوبات على معرقلي العملية الديمقراطية، ومعرقلي انتخاب رئيس للجمهورية، وأدان تأجيل الانتخابات البلدية، وأظهر اهتماما أوروبيا بالحفاظ على انتظام عمل المؤسسات في لبنان، وربط الأزمة الحاصلة في لبنان بالسلاح غير الشرعي أي سلاح “حزب الله” وعلاقته بالفساد، جاء من حوّله إعلاميا وسياسيا إلى غير وجهته للتغطية على حقيقة ما جاء فيه.
وصار ما ينسب زورا إلى البرلمان الأوروبي جزءا من البروباغندا ضد اللاجئين بدل أن يكون انتصارا لخطاب القوى السيادية و”17 تشرين” بما خص الفساد وسلاح “حزب الله”.
هل من مصلحة لبنان معاداة الاتحاد الأوروبي بعد أن تسبب “حزب الله” في الإضرار بعلاقات لبنان مع محيطه العربي؟
وإن كان من مصلحة “حزب الله” وحلفائه التعتيم على ما جاء في القرار، وخصوصا أن الاتحاد الأوروبي كثيرا ما كان يدعو إلى سياسة الحوار، بينما ظهر قرار البرلمان الأوروبي الأخير كنوع من المواجهة مع “حزب الله” بسبب ما يرتكبه في لبنان وغيره من جرائم، فما هي مصلحة الآخرين وتحديدا خصوم “حزب الله” في تبني هذه السردية غير الصحيحة؟
وهل من مصلحة لبنان معاداة الاتحاد الأوروبي بعد أن تسبب “حزب الله” في الإضرار بعلاقات لبنان مع محيطه العربي؟
يبدو أن “حزب الله” تنبه إلى أهمية القرار سياسيا، ونصب الفخ، فنجح في جر خصومه إلى حيث أراد، فالقرار المؤلف من 13 فقرة، تم اختزاله بجملة واحدة فقط تتحدث عن عدم جواز إعادة اللاجئين السوريين قسرا، وهو أمر ينسجم مع القانون الدولي ومع التزامات لبنان، لكن الضجيج الذي يدور حول هذه الجملة لا يمكن اعتباره رد فعل بريئا، بل هو حملة مخطط لها من قبل “حزب الله” وأنصاره وذلك للتعتيم على فقرات القرار الـ12 الأخرى التي تتحدث بشكل واضح عن الأزمة السياسية في لبنان وأسبابها ومسببيها، ورغم أن القرار يحمل صفة توجيه غير ملزم للمجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي إلا أن رد فعل حزب الله وأنصاره في لبنان يشير إلى مدى خوفهم وهشاشة وضعهم ومنطقهم، فهم مثل كل قوى الظلام يخشون من أي بصيص نور يسلط الضوء على قبحهم ولو كان هذا البصيص شمعة يوقدها البرلمان الأوروبي.
عذراً التعليقات مغلقة