رغمّ أنَّ ذاكرتنا ممتلئة بالألم والقهر ومتاعب الحياة وضنك العيش وتخاذل الأقربين قبل الأبعدين، إلا أنَّ محمود درويش ما يزال محفوراً في ذاكرتنا بكل جزئيات حياته، وهو الشاعر الذي امتزج شعره بحب الوطن بسهله وجبله وحبات زيتونه التي مازالت تقاوم حتى تنمو فيها الحياة بعد الحياة.
نعم درويش الثورة الذي قال:
إنّا نحبُّ الوردَ
لكنّا نحبُّ القمحَ أكثرْ
ونحبُّ عطر الورد
لكن السنابل منه أطهرْ
فاحموا سنابلكم من الإعصار
بالصدر المسَمَّرْ
هاتوا السياج من الصدور
من الصدور؛ فكيف يُكسرْ؟
اقبض على عنق السّنابل
مثلما عانقتَ خنجرْ!
الأرض، والفلاح، والإصرار،
قل لي: كيف تقهرْ..
هذي الأقانيم الثلاثة
كيف تقهر؟
وما بين محمود درويش ونضاله الفلسطيني وبيننا نحن أبناء الوجع السوري تلتقي آلاف الحكايات وقصص الحب التي دُفنت تحت ركام الألم ولم يكن الزلزال الأسود آخرها، بل كان إحداها لكنه كان الأكثر قسوة وقسوته مهما تعاظمت لا تعادل قسوة السّجان، وهو يخنق الحياة في قلب آلاف الأرواح البريئة التي ما كان ذنبها إلا أنَّها نظرت للشمس وتنتظر المغيب بعيدة عن أعين الجزار.
نعم يا درويش.. هناك حرب بربرية ومخالب من الياسمين تقاوم.
هناك تخاذل من الجميع، ولكن إرادة البقاء أقوى.
نعم يا درويش.. نحن أبناء الشعب السّوري ما زلنا نحبُّ الورد ونحبُّ القمح أكثر، ونرشق عطر الشهداء على السّنابل، كي تنمو أكثر.
وما زلنا نحمي سنابلنا من الإعصار بالصدر والسّاعد المسمّر، ونرفض السّياج والسّياج والسّياج حتى يستجيب لنا القدر، ونقبض على جمر السّنابل كما نقبض على خنجر.
نعم بالإصرار والإصرار سنتجاوز المنحدر.
نعم يا درويش.. الأرض والثوار والإعصار، قلي كيف تكسر؟ هذه الأقانيم الثلاثة كيف تُكسر؟
نعم يا درويش.. في هذه الحياة هناك ثمة بقايا من حياة.
عذراً التعليقات مغلقة