فيما تتواصل الانتقادات في ريف دير الزور الشرقي ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومجلسها العسكري في المنطقة، تحاول الأخيرة تبرير بعض القرارات التي أسهمت في زيادة التوتر، وخاصة منع ارتداء النقاب من قبل المعلمات والطالبات في مدارس المنطقة وهو زي كانت ترتديه نسبة قليلة من النسوة في ارياف وقرى المدينة وازداد بعد سيطرة تنظيم الدولة .
وكانت الإدارة الذاتية التابعة لـ”قسد” قد أصدرت تعميماً في تشرين الأول/أكتوبر الماضي ينص على منع ارتداء النقاب في المدارس، مؤكدة على ضرورة تطبيق القرار، بعد أن أوقفت العمل به تحت الضغط الشعبي. وأشاع التعميم حالة من الاحتقان، وسط تهديدات من قبل المعلمات بالاستقالة في حال الإصرار على تنفيذه.
وفي إطار تبريرها للقرار، تحدثت وسائل إعلام تابعة لـ”قسد” عن أسباب قرارها، معتبرة أن ارتداء النقاب يمكن أن يشكل تهديداً أمنياً، مشيرة إلى استخدام النقاب من قبل خلايا تتبع لتنظيم الدولة خلال تنفيذ عمليات أمنية واغتيالات. ونقلت عن إحدى معلمات دير الزور قولها، إن 90 في المئة من المعلمات والطالبات يرتدين النقاب، وهو ما لم يكن شائعاً في المنطقة قبل سيطرة تنظيم الدولة .
وتابعت المعلمة “سميرة” التي لم تفصح عن لقبها، أن التنظيم فرض احكامه على دير الزور في 2014 وفرض النقاب بقسوة، و هناك العديد من النساء اللواتي يعتبرن ارتداء النقاب واجب ديني يجب تطبيقه”، مضيفة أن “لبس الحجاب بالنسبة للمسلمين يعتبر من تعاليم الدين الإسلامي، ولذلك اعتبر أهالي دير الزور قرار منع النقاب في الحرم المدرسي على أنه تعدٍ على حقوق وحريات الناس”. وأضافت أن “القرار قوبل برفض شديد لدرجة منع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة، وبدأت بعض العائلات بالتحريض ضد لجنة التربية والتعليم متهمة إياها بالكفر والإلحاد”.
لكن الصحافي زين العابدي العكيدي، من دير الزور، أكد لـ”القدس العربي” أن ارتداء النقاب كان شائعاً قبل سيطرة تنظيم الدولة على دير الزور. ونفي العكيدي ارتكاب أي جريمة من قبل امرأة مرتدية النقاب في مدارس المنطقة، معتبراً أن ” حديث المعلمة (سميرة) ينطوي على مبالغات كبيرة”.
وفي رده على الرئيس المشترك لـ”المؤتمر الإسلامي الديمقراطي” محمد الغرزاني، عندما أكد على استعداد الإدارة الذاتية لعقد لقاءات مع الأهالي وتنظيم ندوات لشرح أنه لا توجد مشكلة إذا كان وجه المرأة مكشوفاً أثناء العملية التعليمية، يقول العكيدي، إن اعتراض الأهالي مرده إلى المناهج الدراسية الركيكة والهشة، والتي تعكس توجهات حزب “الاتحاد الديمقراطي” التي لا علاقة لها بالتعليم. وشدد على أن “لا يمكن فرض قرار مثل خلع النقاب على السكان”، مؤكداً أن “القرار لم يُطبق، و”قسد” عاجزة عن تطبيق القرار، بسبب الرفض الشعبي الواسع”.
في المقابل، ترجع تقديرات انتشار النقاب على نطاق واسع في المحافظات السورية الشرقية، إلى سيطرة تنظيم الدولة على المنطقة، حيث فرض التنظيم ارتداء النقاب على النساء خلال سيطرته. وفي هذا الإطار ترى الصحافية السورية عائشة صبري، في حديثها لـ”القدس العربي” أن سيطرة التنظيم أسهمت بالفعل في زيادة انتشار ارتداء النقاب، بسبب ترويجه وفرضه من قبل التنظيم على النساء وحتى على الفتيات وصغيرات السن، وتقول “قبل ظهور التنظيم كانت نسبة ارتداء النقاب أقل بكثير، لكن اليوم بعد انتهاء سيطرة التنظيم نجد أن شريحة واسعة من النساء حافظت على النقاب إلى اليوم”.
لكن صبري في الوقت ذاته، أكدت أنه لا يحق لـ”قسد” منع ارتداء النقاب، كما هو الحال مع التنظيم الذي فرض النقاب، وتقول :”إن موضوع الحجاب كفرض عموماً وخاصة النقاب كسنة يعود إلى اختيار المرأة بأداء واجبها الديني أو لا مثل بقية الفروض تماماً فالمسلمة مخيرة”. وتختم بقولها: “كما “قسد” تدافع عن حق المرأة بعدم ارتداء الحجاب، فإنه لا يحق لها منع ارتداء النقاب”.
Sorry Comments are closed