كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها الأحد، عن الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا، أنَّ ما لا يقل عن 29894 طفلاً قتلوا في سوريا منذ آذار 2011 بينهم 182 بسبب التعذيب، إضافةً إلى 5162 طفلاً ما زال معتقلاً أو مختفٍ قسرياً.
وأوضح التقرير السنوي الحادي عشر للشبكة عن الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا، الصادر بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يصادف 20 تشرين الأول/نوفمبر من كل عام، أن جميع أطراف النزاع في سوريا انتهكت حقوق الطفل إلا أن نظام الأسد تفوق على جميع الأطراف من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحو نمطي ومنهجي.
ويسلَّط التقرير الضوء على جانب من الأوضاع الكارثية التي وصل إليها الأطفال في سوريا، ويستعرض حصيلة لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا ضدَّ الأطفال منذ آذار/ 2011 حتى 20/ تشرين الثاني/ 2022، بشكل رئيس تلك التي وقعت بين تشرين الثاني/ 2021 و20/ تشرين الثاني/ 2022، ويركَّز التقرير على فئات من الانتهاكات الخطيرة والجسيمة المهددة للحياة التي حددها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفي مقدمتها القتل، وهو أشدها وطأةً في سوريا لارتفاع نسبة الضحايا من الأطفال، يليه الاعتقال/ الاختطاف الذي يتحول في الغالبية العظمى من الحالات لاختفاء قسري، ثم التعذيب. كما ركَّز على عمليات تجنيد الأطفال، والاعتداءات على المراكز التعليمية وما يخلفه ذلك من هجران وتخلف عن العملية التعليمية.
وبحسب التقرير فقد سجَّلت الشبكة السورية مقتل 29894 طفلاً على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار/ 2011، بينهم 22954 قتلوا على يد قوات نظام الأسد، و2046 على يد القوات الروسية، و958 على يد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، و74 على يد فصيل هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، و243 طفلاً قتلتهم مليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، فيما قتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 1003 طفلاً، وقتل 925 طفلاً إثرَ هجمات لقوات التحالف الدولي، و1691 طفلاً قتلوا على يد جهات أخرى. وأظهر تحليل البيانات أنَّ نظام الأسد مسؤول عن قرابة 76 % من عمليات القتل خارج نطاق القانون، ووفقاً للمؤشر التراكمي لحصيلة الضحايا فإنَّ عام 2013 كان الأسوأ من حيث استهداف الأطفال بعمليات القتل تلاه عام 2012 ثم 2014 ثم 2016.
وعلى صعيد الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري، والتعذيب كشف التقرير أنَّ ما لا يقل عن 5162 طفلاً لا يزالون قيد الاعتقال/ الاحتجاز أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، بينهم 3684 على يد قوات نظام الأسد، و46 على يد هيئة تحرير الشام، و752 على يد مليشيا قوات سوريا الديمقراطية، و361 على يد جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني. وأضاف التقرير أنَّ 319 طفلاً منهم، كان قد اعتقلهم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” قبل انحساره ولا يزالون قيد الاختفاء القسري حتى 20/ تشرين الثاني/ 2022. وقد أوردَ التقرير مؤشراً تراكمياً لحصيلة عمليات الاعتقال بحق الأطفال منذ آذار/ 2011، أظهر أنَّ عام 2014 كان الأسوأ، وكانت قرابة 61 % من عمليات الاعتقال التي سُجلت فيه على يد قوات نظام الأسد.
وطبقاً للتقرير فغالباً ما يتعرض الأطفال للتعذيب منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وقد يُفضي التعذيب إلى موت الطفل المعتقل وقد لا يُفضي، وقد سجل التقرير مقتل 182 طفلاً بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار/ 2011، بينهم 175 قضوا في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، فيما قضى 2 في مراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام، و1 لدى كُلٍّ من تنظيم داعش ومليشيا قوات سوريا الديمقراطية والمعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وقتل 2 طفلاً بسبب التعذيب على يد جهات أخرى.
وأوضح فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن النزاع المسلح الممتد على مدى أكثر من أحد عشر عاماً أثر بشكل كارثي على أطفال سوريا، وأضاف عبد الغني: “هذا التقرير يرصد جانباً محدوداً من الانتهاكات وآثارها، ويجب أن نؤكد أن هناك العديد من حقوق الطفل السوري لم نتجه للعمل عليها بشكل أوسع نظراً لاستمرار الانتهاكات الفظيعة، فقد رصدنا عمليات استغلال اقتصادي، وانتهاكاً لحقوق الأطفال المعاقين، وانخفاضاً في مستوى الرعاية الطبية والتعليمية، وهذه الانتهاكات بحاجة إلى المزيد من عمليات الرصد والتوثيق لتسليط الضوء عليها ومحاربتها”.
وطبقاً للتقرير فقد تسبَّبت عمليات القصف المستمرة لقوات النظام السوري منذ آذار/ 2011 في تدمير كلي أو جزئي لما لا يقل عن 1199 مدرسة و30 من رياض الأطفال، مما أدى إلى خروج غالبيتها عن الخدمة. كما رصد التقرير تحويل قوات النظام السوري وحلفائه عشرات المدارس إلى مقرات عسكرية. وأضاف أنَّ تدهور النظام التعليمي، والتشريد القسري لمئات آلاف الأطفال، وتفشي الفقر المدقع، كل ذلك أدى إلى انتشار عمالة الأطفال، ووفقاً للتقرير تعتبر ظاهرة أسوأ أشكال عمالة الأطفال من الظواهر الأكثر اتساعاً وانتشاراً في كافة المناطق في سوريا.
وجاء في التقرير أنَّ الانتهاكات التي مارسها النظام السوري أدت إلى تشريد ملايين السوريين وأنّ مناطق شمال غرب سوريا الخارجة عن سيطرة النظام السوري تعتبر أكثف منطقة تحتوي مخيمات للنازحين، ويشكل الأطفال قرابة 46% من النازحين، من بينهم أعداداً كبيرةً ولدوا في المخيمات ونشأوا فيها؛ ما يعني أنهم افتقدوا لأبسط مقومات الحياة من النظافة والخصوصية والحمامات والمسكن الآمن، وقد أدت قلة المراكز الصحية والتعليمية في المخيمات إلى تدني مستويات الصحة وتكبيد الطفل معاناة التنقل إلى أماكن أخرى لتلقي الرعاية الصحية، وحرمانه من الالتحاق بالتعليم؛ ما تسبب في انتشار الأمراض والأمية بين الأطفال النازحين.
قوات الأسد مارست العنف الجنسي تجاه الأطفال وفرضت تجنيدهم
وقال التقرير إن قوات نظام الأسد مارست العنف الجنسي تجاه الأطفال بعدة أنماط، وأشار إلى ما لذلك من تداعيات جسدية ونفسية طويلة الأمد على الأطفال الضحايا، وسجل في المدة التي يغطيها ما لا يقل عن 539 حادثة عنف جنسي لأطفال.
كما استخدمت قوات نظام الأسد الأطفال ضمن عمليات التجنيد منذ وقت مبكر عقب اندلاع الحراك الشعبي، وسهَّل النظام عمليات تجنيد الأطفال في صفوف الميليشيات الأجنبية ولم يقم بأية تحقيقات أو مساءلة عنها. وتسبَّبت عمليات تجنيد الأطفال من قبل قوات النظام في مقتل ما لا يقل عن 67 طفلاً في ميادين القتال حتى 20 تشرين الثاني/ 2022. وقدَّر التقرير أنَّ هناك ما لا يقل عن 1425 طفلاً مجنداً حالياً ضمن قوات نظام الأسد. إضافةً إلى ما لا يقل عن 86 طفلاً تم تجنيدهم ضمن ميليشيات إيرانية أو مدعومة من قبل إيران، قتل منهم 24 طفلاً في أثناء اشتراكهم في الأعمال القتالية.
توصيات
وأوصى التقرير المجتمع الدولي بضرورة تأمين حماية ومساعدة للأطفال المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين، وخصوصاً الفتيات منهن ومراعاة احتياجاتهن الخاصة في مجال الحماية تحديداً.
وشدَّد التقرير على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة قانونياً وسياسياً ومالياً بحق نظام الأسد وحلفائه، وبحق جميع مرتكبي الانتهاكات في النزاع السوري للضغط عليهم للالتزام باحترام حقوق الأطفال. والوفاء بالالتزام بالتبرعات المالية التي تم التعهد بها. ومساعدة دول الطوق وتقديم كل دعم ممكن لرفع سويِّة التعليم والصحة في هذه الدول التي تحتضن العدد الأعظم من الأطفال اللاجئين. كما طالب بإيجاد آليات لوقف قصف المدارس وحمايتها، والعمل على خلق بيئة تعليمية آمنة.
أوصى التقرير أن يتم تنسيق عمليات المساعدة الإنسانية بحسب المناطق الأكثر تضرراً، وتجنُّب ضغوط وابتزاز نظام الأسد بهدف تسخير المساعدات لصالحه. وتخصيص موارد كافية لإعادة تأهيل الأطفال مع مراعاة الاحتياجات الخاصة بالفتيات اللاتي تأثرن بالانتهاكات بشكلٍ مباشر.
عذراً التعليقات مغلقة