اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، يوم الثلاثاء، مليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بهدم كلي أو جزئي لنحو 140 مبنى في شمال سوريا كانت تأوي ما لا يقل عن 147 عائلة في شمال شرقي سوريا، بينما أكدت “قسد” أنها فقط فجرت ألغاما ومتفجرات وضعها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” داخل بعض المنازل.
ونقلت المنظمة الحقوقية الدولية عن شهود ولجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أن مقاتلين من تنظيم داعش الإرهابي كانوا قد دخلوا بيوت مدنيين في حيي الغويران والزهور بمدينة الحسكة بعد أن هاجم عناصر من تلك الجماعة المتطرفة، في 20 يناير الماضي، مركز احتجاز معروف باسم “سجن الصناعة”.
واندلعت حينها معارك دامت عشرة أيام بين عناصر التنظيم ومليشيا “قسد”، التي ساندتها غارات برية وجوية من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمكافحة داعش.
وكان السجن يضم نحو 4 آلاف شخصا مشتبها بانتمائهم إلى داعش أو أفراد عائلاتهم، بينهم 700 فتى من سوريا وحوالي 20 بلدا آخر، وأوضحت مليشيا “قسد”، في 31 يناير، أنها استعادت السيطرة الكاملة على السجن والأحياء المجاورة وأن القتال خلّف 500 قتيل، بينما قالت الأمم المتحدة إن القتال هجّر في البداية ما لا يقل عن 45 ألفا من السكان.
وبين 21 يناير و11 فبراير على الأقل، انتشرت مليشيا “قسد” ومليشيا قوات الأمن التابعة لها المعروفة بـ “الأسايش” في أجزاء مختلفة من المدينة بحثا عن المحتجزين الفارين ومسلحي داعش، الذين كانوا قد هاجموا السجن، بما يشمل أحياء غويران والمفتي والناصرة والزهور.
وقالت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سوريا إن بعض مقاتلي داعش “لجؤوا إلى مناطق سكنية”، ما أدى إلى حدوث العملية، التي سميت “مطرقة الشعوب”، وبحلول 23 يناير، فر 6 آلاف من سكان غويران والزهور من منازلهم.
وقال ثلاثة من السكان، في مقابلات مع هيومن رايتس ووتش، إنهم رأوا أو سمعوا مركبات ثقيلة وصفوها بأنها جرافات تهدم منازلهم أو منازل أشخاص آخرين، في حين زعم 11 آخرون إنهم عندما عادوا إلى أحيائهم وجدوا منازلهم مهدمة وأن الجيران قد أخبروهم بإقدام عناصر من مليشيا “قسد” على هدم ممتلكاتهم وممتلكات آخرين بالجرافات.
وفي سياق متصل، أوضحت الأمم المتحدة إن تحليلها لصور الأقمار الصناعية المتعلقة بـ 40 مبنى تضررت في أحياء قريبة من السجن كشف عن هدم بعضها بواسطة جرافات من طراز عسكري، في حين خلص مسح أجراه نشطاء محليون في المدينة والقرى المجاورة إلى أن العملية أسفرت عن هدم أو الإضرار بـ 140 مبنى بين 21 و11 فبراير.
وقال المدير المشارك لقسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش، جيري سيمبسون: “لا يزال ينبغي لقوات سوريا الديمقراطية الشرح علنا وبشكل وافٍ لماذا احتاجت إلى هدم عشرات البيوت لأَسْر مهاجمي السجن وتأمين المنطقة”.
وأردف: “في غضون ذلك، ينبغي لها مساعدة العائلات المتضررة على إعادة بناء حياتها”، مشددا على ضرورة “التعويض على الأشخاص الذين أصابت قسد منازلهم بأضرار أو هدمتها وتقديم جبر مالي أو ذي شكل آخر إلى جميع المتأثرين بالهدم”.
وطالبت “هومين رايتس ووتش” أيضا بضروة أن تشرح مليشيا قوات سوريا الديمقراطية كيف “توصلت إلى أن الخيار الوحيد أمامها كان هدم بيوت الناس بهدف تأمينها؟”.
“قسد” ترد
وفي المقابل، قال القائد العام لمليشيا قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، إن عناصر داعش استخدموا منازل السكان “كمخابئ ومستودعات للأسلحة”، وإنهم احتجزوا مدنيين كرهائن، وقتلوا مدنيين، ورفضوا الاستسلام، ثم وضعوا ألغاما وعبوات ناسفة في المنازل، التي فجرتها قسد “أثناء عمليات التمشيط للضرورات الأمنية والعسكرية”.
كما أكد عبدي إن مليشيا “قسد” استخدمت الأسلحة الخفيفة والمتوسطة فقط خلال العملية واعتمدت “التعامل الدقيق والإجراءات الاحترازية… بهدف حماية أرواح المدنيين وممتلكاتهم”.
وختم قائد “قسد” بالقول إن “أي تبعات مثل هجوم سجن الصناعة… إنما هي مسؤولية المجتمع الدولي، وخاصة الدول التي لديها رعايا محتجزين في شمال وشرق سوريا”.
ولم تتمكن “هيومن رايتس ووتش”، بحسب بيانها، من التحقق مما إذا كان مقاتلو داعش قد وضعوا عبوات ناسفة في المنازل ولم تكن قادرة على تحديد أي تحقيقات أو ملاحقات جنائية فيما يتعلق بهدم الممتلكات، كما أن مليشيا قوات سوريا الديمقراطية لم تبلغ السكان المتضررين بشأن أي تعويضات أو إعادة إعمار أو خطط سكنية بديلة، وفقا للمنظمة.
Sorry Comments are closed