بعد مرور عامين على انفجار مرفأ بيروت الذي ضربت عاصفته لبنان في الرابع من أغسطس 2020، ما تزال مليشيا “حزب الله” اللبناني، تعرقل التحقيق، وفق ما كشف عنه استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «جالوب الأميركية» الشهيرة لقياس الرأي العام.
وأفاد الاستطلاع أن التحقيق يعاني من التباطؤ الشديد، بفعل ضغوط ميليشيا “حزب الله” وحلفائها، ما أدى إلى انهيار ثقة اللبنانيين، في النظام القضائي في بلادهم.
وأظهر الاستطلاع أن وضع الحزب العراقيل أمام هذه التحقيقات، سواء عبر رفع دعاوى قضائية لإجهاضها أو تهديد القائمين عليها، قاد إلى ألا يبدي سوى 16% فحسب من اللبنانيين الثقة، في المنظومة القضائية.
وأشارت «جالوب»، التي تجري استطلاعات للرأي في أكثر من 140 دولة، إلى أن غالبية اللبنانيين يؤيدون استمرار التحقيق، الذي يتولاه حالياً المحقق العدلي طارق البيطار، وذلك في تحدٍ واضح لمحاولات الحيلولة من دون كشف ملابسات الانفجار، الذي أوقع ما يزيد على 215 قتيلاً ونحو 7 آلاف جريح، وخسائر تقدر بنحو 15 مليار دولار.
ويتهم ذوو ضحايا الانفجار، السلطات اللبنانية بغض الطرف عن محاولات تقويض التحقيقات، من جانب مليشيا “حزب الله”، في ظل قرائن تفيد بمسؤولية المليشيا، بشكل مباشر أو غير مباشر عن وقوع هذه الكارثة.
يأتي ذلك فيما دعا خبراء مستقلون من الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان إلى إطلاق تحقيق دولي «بلا تأخير» حول انفجار مرفأ بيروت.
واعتبر خبراء أن إعادة البناء اقتصادياً بعد الانفجار والأزمة المالية الحادة، ترتبط بشكل وثيق بالإصلاحات السياسية التي تُكسب لبنان الثقة لدى صندوق النقد الدولي، كونه السبيل الوحيد للتعافي من أحد أكبر الأزمات المالية في تاريخه.
وقال الدكتور نبيل سرور الباحث السياسي اللبناني لصحيفة «الاتحاد» الإماراتية، إن حادثة مرفأ بيروت أظهرت الواقع الهش داخل البلاد بصورته الحقيقية، وكشفت عمق الأزمة وتعقيداتها السياسية والطائفية.
وأشار سرور إلى الخسائر المادية للانفجار وتداعياته الضخمة على كل الواقع، وقد زادت الشرخ عمقاً بين اللبنانيين وبدأ السياسيون تقاذف التُهم والمسؤوليات حول المنفذين واختلفوا حول الأسباب التي أدت إلى الانفجار المشؤوم.
وأضاف إن الاختلاف الطائفي والرغبة في الاستعانة بجهة تحقيق خارجية في الحادث، أظهرت ضعف الثقة في القضاء اللبناني وجدية التحقيقات التي يجريها المحققون المحليون، وهذه الثقة المنعدمة زادت من التوتر والاضطراب في الداخل، وأصبحت مصداقية القضاء على المحك.
وأعرب سرور عن اعتقاده بأن المعطيات السابقة لن تجعل التحقيقات تسفر عن نتائج جادة بشأن هوية الجهة المسؤولة عن الانفجار، وسيبقى الفاعل مجهولاً، كما هو الحال في أغلب الجرائم التي تحدث في لبنان، وستكون هناك سيناريوهات سيئة إذا لم يحسم اللبنانيون خياراتهم نحو وجهة محددة، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل بلدهم واقتصادهم.
وفي السياق ذاته، قال الباحث السياسي اللبناني أمين قمورية لـ«الاتحاد»، إن لبنان يعيش وضعاً خطيراً للغاية، وأصبحت البلاد أمام أزمة متعددة الأوجه، سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية، وكلها ليست وليدة الساعة، فقد بدأت منذ انتهاء الحرب الأهلية، ولم يتم وضع الأسس اللازمة لإعادة تصحيح المسار.
عذراً التعليقات مغلقة