يشهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تصعيداً غير مسبوقاً، مع توالي التصريحات الرسمية المشددة على ضرورة عودتهم إلى بلدهم، والتي وصلت إلى حد تهديد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “باتخاذ موقف غير مستحب على دول الغرب، وذلك بإخراج النازحين بالطرق القانونية في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان”.
ويتابع وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين، ملف اللاجئين السوريين، ولهذه الغاية سيزور دمشق في الأيام المقبلة لمناقشة خطة السلطات اللبنانية التي تقوم على إعادة 15 الف لاجئ شهرياً، وذلك على الرغم من تحذير منظمات دولية من الإعادة القسرية بعد تسجيلها لانتهاكات تعرض لها عدداً من الذين سبقوا أن عادوا إلى سوريا.
ولا يزال لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه الإجمالي حوالي 6.7 مليون نسمة، البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين لكل فرد ولكل كيلومتر مربع، وفقا لـ” المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان حوالي المليون ونصف المليون منهم، كما يقول شرف الدين لموقع “الحرة”، “880 ألف مسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين و400 ألف عامل، إضافة إلى الذين يدخلون بطرق غير شرعية”، ما يعني أن خطته تحتاج إلى حوالي 8 سنوات للانتهاء من تنفيذها، إذا ما افترضنا أن كل سنة سيغادر 180 ألف لاجئ.
وقبل أن يخفت صوت المدافع في سوريا بدأت بعض الأصوات ترتفع في لبنان مطالبة بعودة اللاجئين، لتتسع دائرة المطالبين بهذه العودة بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلد عام 2019، حيث تم تحميلهم سبب ما وصل إليه البلد من انهيار على مختلف الصعد.
وناقش شرف الدين مع ممثل مكتب مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان، أياكي إيتو، مسألة العودة، فكان الرد الأولي للممثل الأممي رفض الأمر قبل استتباب الأمن في سوريا، على أن يسلم الرد النهائي خطياً بعد مراجعة مرجعيته.
أياً يكن موقف المفوضية فإن لبنان مصرّ كما أكد شرف الدين “على تنفيذ خطته”، قائلاً “هذا حقنا الطبيعي، وأنا مفوض من رئيس الجمهورية والحكومة و4 مليون ونصف المليون لبناني، وذلك لرفع الأعباء الاقتصادية عنا، إذ لم يعد بإمكاننا التحمل أكثر”.
“قاعدة” الترحيل
تستحوذ قضية اللاجئين السوريين على اهتمام المسؤولين اللبنانيين، وقد تم الإضاءة عليها من قبل الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، خلال الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب، الذي عقد في قصر بعبدا في الثاني من الشهر الجاري تمهيداً للقمة العربية المقررة في الجزائر.
عون قال إن “لبنان لم يعد قادراً على تحمّل الأعداد الكبيرة للاجئين والنازحين على أرضه، وموقف المجتمع الدولي لا يشجع على إيجاد حلول سريعة”، آملاً المساعدة لمواجهة هذه التحديات.
“قرية قرية” هي القاعدة التي سيتم على أساسها اعادة “النازحين” بحسب ما قاله شرف الدين، شارحاً لموقع “الحرة” “نهدف إلى تسهيل المهمة على الدولة السورية وتخفيف الأعباء عنها كون الأمر يحتاج إلى قدرة استيعابية، من هنا نحدد قرية أو اثنتين في سوريا وعلى أساس الاحصاءات التي بحوزتنا للنازحين نطلب من المنحدرين منها العودة إليها، حيث تعهدت الدولة السورية بتأمين مراكز ايواء لهم وما يحتاجونه من بنى تحتية ومستشفيات ومدارس وكل ما تتطلبه العودة الآمنة والكريمة”.
ويحتاج “النازحون” يومياً كما يؤكد شرف الدين إلى “500 ألف ربطة خبز و5 ملايين غالون ماء وبنى تحتية من ناحية الصرف الصحي واستهلاك الكهرباء وغيرها”، مشددا أن “النزوح السوري كلف لبنان 30 مليار دولار على مدى 11 سنة”.
وخلال لقاء وزير المهجرين بممثل مفوضية شؤون اللاجئين طلب منه دفع المساعدات المالية والعينية للاجئين في بلدهم، فقوبل طلبه بالرفض، عندها عرض وقف المساعدات عمن يختارون للعودة، كونها تشكل حافزاً لهم للبقاء في لبنان.
وفيما إن كان سيتم اجبار اللاجئين على العودة أجاب الوزير “لا شيء بالإكراه، ومن يعمل في لبنان عليه الحصول على اجازة عمل، أما اللاجئ السياسي الذي يتصور أن هناك خطراً على حياته في حال عودته، طرحنا على المفوضية تأمين سفره إلى دولة ثالثة، فكان الجواب أنه تم تأمين 9 آلاف طلب هجرة للاجئين سياسيين سافر منهم 5 آلاف، وبقي 4 آلاف في طريقهم للمغادرة، فكان جوابي أن هذا العدد لا يكفي”.
رفض مفوضية شؤون اللاجئين لخطة لبنان يرتكز بالدرجة الأولى على غياب الضمانات لعدم تعرض العائدين إلى انتهاكات من اعتقال وتعذيب، لكن وزير المهجرين يؤكد أن “هذا الكلام غير دقيق، والمعلومات تشير إلى أنه من بين 87 ألف شخص عادوا تم توقيف 34 شخصاً فقط على خلفية دعاوى قضائية وليس أمنية، فالعائدون سيشملهم قانون العفو العام الذي كانت سوريا قد أقرته”.
وتشمل خطة لبنان كذلك تشكيل لجنة ثلاثية مع النظام السوري ومفوضية شؤون اللاجئين، وأخرى رباعية مع كل من تركيا والأردن والعراق لتوحيد مطلب عودة اللاجئين، وعن توقع الوزير بدء تنفيذ خطته لفت إلى أن الصورة تضح بعد زيارته سوريا والاطلاع على الخريطة لمعرفة الأماكن المهيئة والقدرة الاستيعابية.
وانتقد الكاتب مكرم رباح ما وصفه “أسطوانة” إجبار اللاجئين على العودة التي تتكرر بين الفترة والأخرى، مشدداً على أن “أي حديث عن عودة من دون تسوية سياسية هو حديث شعبوي ليس له أي أثر قانوني أو فعلي، ووزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال المحسوب على طلال إرسلان المقرب من النظام السوري، يلعب في الوقت الضائع، وما هو مؤكد أنه لن يقدم ولن يؤخر بالأزمة، وفوق هذا يسييس الملف، فلو كان حيادياً لكان قارب الموضوع بطريقة عقلانية وعلمية”.
ويضيف “عدم قيام الدولة اللبنانية بخطوات مسؤولة وإعطاء اللاجئين صفة قانونية أمر انعكس بصورة سلبية على لبنان، ولا رغبة لدى سوريا ولا حتى اللاجئين بالعودة، ولذلك باءت محاولات مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالفشل رغم محاولته تفادي تسييس الملف، إذ حتى الجانب التقني لم تستطع الدولة اللبنانية تطبيقه”.
أما الخبير في السياسات العامة واللاجئين، زياد الصائغ، فاعتبر أن عودة اللاجئين ضرورية وأولوية لسببين، “الأول هو حماية الهوية الوطنية للاجئين السوريين وثانياً عدم قدرة لبنان على تحمل الأعباء، ولكن الطريقة التي تعتمدها الحكومة اللبنانية لا علاقة لها لا بالدبلوماسية ولا بالقانون الدولي ولا بالتعاون مع المجتمع الدولي وبخاصة مع الأمم المتحدة، بهذا المعنى بتقديري أن التوقيت هو توقيت سياسي فقط، ولا يرتبط بأي سياسة عامة تخلت عنها الحكومة اللبنانية منذ العام 2012، وهي التي أجهضت كل مبادرة لتنظيم الوفود والوجود ولوضع أولوية للعودة”.
وأشار الصائغ إلى امكانية عودة 350 ألف لاجئ سوري الآن إلى منطقة القلمون والزبداني والقصير، متسائلاً “من يمسك بهذه المنطقة ومن يمنع عودة هؤلاء إليها؟ نريد اجابة على ذلك”.
اللاجئين زادت الأعباء على لبنان لكن لا يمكن تحميلهم تبعات كل الأزمات التي نعيشها، ومن يقول ذلك يقوم بتضليل سياسي، وعليه أن يعلم أن الشعب اللبناني يدرك جيداً ان هذا التضليل لن يستمر طويلاً فالحقائق واضحة المعالم”.
اقتصادياً، شرح الباحث الأكاديمي البروفيسور جاسم عجاقة أنه “يجب على كل بلد يقرر استقبال مهاجرين أو لاجئين أو نازحين أن يستوفي شروطاً اقتصادية قبل إقدامه على ذلك، أولها أن يكون لديه نقصاً ديمغرافياً، ثانياً أن يكون اقتصاده قوياً كي يتمكن من استيعاب اليد العاملة الجديدة، ثالثاً يجب ألا تتخطى نسبة المُهاجرين أو النازحين أو اللاجئين الواحد في المئة من عدد السكان سنوياً، وهذه الشروط الثلاثة لا تتوفر في لبنان منذ استقباله اللاجئين سنة 2011”.
وإذ أكد عجاقة أن اللاجئين يستهلكون في البنى التحتية والخدماتية، ويشاركون اللبنانيين بكل شيء كونهم مقيمون على الأراضي اللبنانية، إلا أنه رفض فكرة أن يكونوا هم المسؤولون الأساسيون عن الانهيار الذي وصل إليه البلد.
وقال: “لو كان المسؤولون اللبنانيون متيقظين منذ البداية للشروط الثلاثة التي ذكرتها لما وصلنا إلى هنا”، متسائلا: “ماذا فعلت الحكومات المتعاقبة منذ الانهيار إلى اليوم؟ لا شيء، لا بل على العكس توقفت عن دفع سندات اليوروبوندز ما زاد الوضع سوءاً”.
“تحصّن” قانوني
خلال إطلاق “خطة لبنان للاستجابة للأزمة لعام 2022” الشهر الماضي، “أعلنت الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة والشركاء، عن نداء بقيمة 3.2 مليار دولار للتصدي للآثار المستمرة المترتبة عن الحرب في سوريا والأزمة الاقتصادية الحالية، وسط تفاقم حالات الضعف السائدة بين السكان”، وذلك بحسب بين صادر عن الأمم المتحدة.
وتجمع “خطة الاستجابة” أكثر من 126 شريكا في المجال الإنساني لمساعدة 3.2 مليون شخص في البلاد هذا العام، والهدف هو تقديم الدعم إلى 1.5 مليون لبناني و1.5 مليون نازح سوري وأكثر من 209,000 لاجئ فلسطيني.
وأفادت النائبة الجديدة للمبعوث الدولي الخاص في سوريا، نجاة رشدي، خلال مشاركتها في حفل إطلاق “خط الاستجابة” (قبل إنهاء عملها في لبنان)، بأن تسعة من كل 10 سوريين في لبنان يعيشون في فقر، في حين هدد ميقاتي الذي رعا الحفل “بإعادة النازحين إلى بلدهم من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم، وذلك في حال لم يتعاون المجتمع الدولي مع لبنان في هذا الملف”.
وعن القوانين التي يستند إليها رئيس الحكومة اللبنانية لإعادة اللاجئين، شرح رئيس مؤسسة JUSTICIA المحامي بول مرقص، أنه “تم تكليف فريق عمل لدى JUSTICIA على سبيل تطوعي مستقل لإرشاد الوفد اللبناني المفاوض وتحديداً لمواكبة جهود وزير المهجرين المكلف من الحكومة بالملف، من خلال إعداد دراسة قانونية حول القانون الدولي الإنساني والقانون اللبناني الداخلي، فيما يتعلق بموضوع اللاجئين والنازحين”.
وشرحت الدراسة كيفية التوفيق بين حاجة لبنان لإعادة السوريين وبين الالتزامات الدولية، حيث أن الأمر ليس “أبيض أو أسود”، كما يقول المرجع القانوني، بل “مسألة توفيق بين القوانين المتنازعة وملاءمة لأوضاع هؤلاء تبعاً لتصنيفهم وتوصيفهم”.
واستندت الدراسة ومع الأخذ بعين الاعتبار المعايير الحقوقية والانسانية الدولية، إلى نصوص عدة منها “قانون تنظيم الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه الصادر في 10 يوليو 1962″، الذي نصّ في المادة 17 منه “على صلاحية المدير العام للأمن العام بإصدار قرارات بترحيل الأجانب في حالات استثنائية حيث يشكل الأجنبي خطراً على السلامة والأمن العام”.
كذلك “المادة 32 من القانون عينه، التي نصّت على معاقبة الأجانب الذين يدخلون الأراضي اللبنانية بطرق غير قانونية بعقوبة الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات والغرامة والإخراج من لبنان، فمن يدخل إلى لبنان بصفة غير قانونية سعياً للجوء من الاضطهاد أو بصفة غير قانونية للغرض ذاته ويبقى في البلاد لفترات أطول من المسموح بها في تأشيرات الدخول، تتم معاملتهم على أنهم مهاجرين غير شرعيين ويتعرضون للاعتقال والسجن والغرامات والإخراج (الترحيل)، مع العلم أن أي شكل من الدمج المحلي هو غير دستوري وبالتالي ليس خيارا ً متوفراً”.
كما أشار رئيس JUSTICIA إلى “قرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في 15 أبريل 2019 والذي قضى بترحيل المواطنين السوريين الداخلين إلى لبنان دون المرور بالمعابر الرسمية”.
وشدد على أن “لبنان لم يوقع على اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، وبروتوكول العام 1967 التابع لها؛ وليس لديه قانون داخلي مطبق للاجئين، وبالتالي فإنه متحرّر من أي التزامات لمعاملتهم كلاجئين إلا أنه يبقى ملتزما رغم ذلك بضمان الحفاظ على حقوقهم الإنسانية وكرامتهم وأمنهم اذ لا يعني عدم التوقيع تفلّتا من هذه المعايير الدولية التي تستنير بها البشرية جمعاء وتستهدي بها”.
بيد أنه لا يمكن اعتبار السوريين في لبنان كلاجئين بحسب ما يؤكد مرقص، وذلك استناداّ الى مذكرة التفاهم التي صدرت بتاريخ 9 سبتمبر 2003 عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع وزير الداخلية والبلديات والمدير العام للأمن العام اللبناني حول التعامل مع المتقدمين بطلبات اللجوء لدى مكتب المفوضية في لبنان، حيث ورد فيها أن” عبارة “طالب لجوء وحيثما وردت في هذه المذكرة تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان”.
كما تنصّ الفقرة الأولى من هذه المذكرة على أنه “لا يجوز لأي شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية أن يتقدم بطلب لجوء لدى مكتب المفوضية بعد انقضاء شهرين على دخوله إلى لبنان.”
لا بل كما يقول مرقص “وفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين يحق للدول بموجب القانون الدولي طرد الأشخاص الذين يتبين أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية دولية وأن من واجب بلدان الأصل أن تسترد مواطنيها، ينبغي أن تتم العودة بطريقة إنسانية مع احترام كامل لحقوق الإنسان وكرامته”.
انتهاك “خطير”
واعتبر مدير عام الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، أن “لبنان والشعب السوري ضحية مؤامرة دولية كبيرة تقودها دول عظمى شردت شعبا بكامله”، وكشف، من نقابة المحامين في طرابلس، أنه قدم عرضا للدول الأممية يقضي بتأمين عودة آمنة بعد الحصول على ضمانة “القيادة السورية” ولكن تم رفضه لأنه لا إرادة دولية لعودتهم في المدى القريب.
وكانت “هيومن رايتس واتش” انتقدت ما وصفته الإعادة القسرية للاجئين السوريين من قبل لبنان بشكل غير آمن وغير قانوني، واضعة الأمر في إطار انتهاك لبنان لالتزاماته بعدم إعادة اللاجئين قسراً إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً بالتعرض للتعذيب أو غيره من أشكال الاضطهاد.
وشددت المنظمة على أن لبنان ملزم “بصفته طرف في اتفاقية مناهضة التعذيب، بعدم إعادة أو تسليم أي شخص معرض لخطر التعذيب. كما أن لبنان ملزم أيضا بمبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي العرفي – أي عدم إعادة الأشخاص إلى أماكن قد يتعرضون فيها للاضطهاد”.
وكانت الدراسة التي توصلت إليها “JUSTICIA” نبهت إلى نقطتين “عند ترحيل النازحين السوريين”، الأولى تفيد بأن “السلطات اللبنانية ملزمة قانوناً بمنح أي مواطن سوري موضوع قرار الترحيل الوقت الكافي لتقديم الدفاع عن نفسه والاعتراض على قرار ترحيله وتوضيح أسباب عدم رغبته بالعودة إلى سوريا ومراجعة القضاء أو البحث عن بلد آخر للانتقال اليه، ذلك لأنه متعلق بالقواعد الإنسانية العامة والمحمية بموجب القانون الدولي حيث تنصّ في الفقرة “ب” من مقدمة الدستور اللبناني”.
النقطة الثانية تتعلق بنصّ المادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1948، التي انضم إليها لبنان عام 2000، والتي تنصّ على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (أن ترده) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.
من جانبها، نفت المحامية ديالا شحادة وجود طرق قانونية لإخراج اللاجئين من أي دولة لجأوا إليها، إذ “ليس هناك إعادة قسرية يمكن أن تكون قانونية”، مضيفة “لجوء السوريين إلى لبنان قسري لمجموعة أسباب منها أن 85 في المئة منهم قادمون من مناطق مدمرة بالكامل ولا تزال، وبالتالي ليس لديهم بيوت كي يعودوا إليها، عدا عن عدم وجود ضمانات لإنشاء مراكز إيواء منظمة تحظى برعاية إنسانية دولية، خاصة من قبل مفوضية شؤون اللاجئين “.
لو أراد اللاجئون العودة طوعاً فليسوا بحاجة، كما تقول شحادة، “إلى قرار سياسي حكومي أو أي خطة”، وتساءلت “ما هو شكل الإعادة القانونية القسرية التي تحدث عنها ميقاتي، هل سيتجرأ بتوريط لبنان في جرائم تهجير قسرية للاجئين من ملجئهم القسري اللبناني إلى دولة فروا من النزاع المسلح القائم فيها والذي لا يزل قائماً في مناطق مختلفة، خصوصاً في المناطق التي رحل منها هؤلاء وذلك خلافاً لما يقوله المسؤولون اللبنانيون”.
وأضافت “ماذا عن التجنيد القسري الذي يمثل إقحاماً للاجئين في نزاع مسلح، باعتبار أن القوات المسلحة السورية أقحمت واستخدمت في انتهاكات القوانين الدولية وقوانين وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام السوري، ما دفع بعدد كبير من المجندين أو الاحتياطين إلى الفرار لعدم رغبتهم بالانخراط في أي من الأعمال العسكرية المخالفة للقوانين الدولية”.
ووضعت شحادة كلام ميقاتي في خانة المزايدة السياسية، معتبرة أن هدفه من ذلك “إما ابتزاز المجتمع الدولي لتقديم المزيد من المعونات، أو أنه أصبح يتحدث بالوكالة عن النظام السوري الذي يحاول ابتزاز المجتمع الدولي للبدء بتمويل اعادة الإعمار في سوريا من دون أن يقدم أي تنازلات للمرحلة الانتقالية، من مرحلة الحرب والانتهاكات والجرائم إلى مرحلة السلم وسيادة القانون وتأمين الانتقال السلمي والديمقراطي للسلطة، وقبل كل شيء إطلاق المعتقلين السياسيين والإعلان عن مصير المفقودين والكشف عن المقابر الجماعية التي تم تسريب معلومات ووثائق عنها”.
عذراً التعليقات مغلقة