أكد باحثون في كلية الطب بجامعة نورث كارولينا الأمريكية أن العلاج الجيني بعد الولادة قد يكون قادراً على منع أو عكس العديد من الآثار السلبية لمتلازمة بيت هوبكنز، وهو اضطراب وراثي نادر يعد أحد أنواع التوحد.
وتتسبب متلازمة بيت هوبكنز – وهي حالة وراثية نادرة تسببها طفرة في أحد الجينات – في إصابة الأطفال بتأخر في النمو، ومشكلات تنفسية محتملة، ونوبات متكررة من الصرع، إلى جانب مشكلات مختلفة في الجهاز الهضمي، وقلة الكلام، ومشكلات في التمكن من استخدام عضلات الوجه في التعبير عن المشاعر المختلفة وضعف التكامل الحسي.
وبحسب دراسات فإن متلازمة بيت هوبكنز تصيب واحداً من بين 34 ألف شخص تقريباً وتؤثر على كل من الرجال والنساء كما لا تقتصر على مجموعة عرقية واحدة.
ويعتقد كثير من الباحثين أن علاج متلازمة بيت هوبكنز سيؤدي إلى علاجات لاضطرابات مماثلة بسبب ارتباطها الجيني بالتوحد وحالات أخرى.
وابتكر العلماء، الذين نشروا نتائجهم في مجلة “إي-لايف eLife “، أسلوبًا تجريبيًا يشبه العلاج الجيني لاستعادة الوظيفة الطبيعية لأحد الجينات الهامة لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة بيت هوبكنز.
وبحسب النتائج فقد منع العلاج الجديد ظهور مؤشرات المرض مثل السلوك الشبيه بالقلق، وضعف الذاكرة، وأنماط النشاط الجيني غير الطبيعية في خلايا الدماغ المصابة في الفئران حديثة الولادة، بحسب ما نشر موقع “ساي تك دايلي” المتخصص.
وقال كبير الباحثين الدكتور بن فيلبوت أستاذ بيولوجيا الخلية وعلم وظائف الأعضاء في كلية الطب بجامعة كارولينا الشمالية والمدير المساعد لمركز العلوم العصبية بجامعة نورث كارولينا (UNC) إن “العرض الأول لإثبات فكرة نجاعة العلاج يشير إلى أن استعادة المستويات الطبيعية لعمل الجين المسبب للإصابة بمتلازمة بيت هوبكنز أثبت أنه علاج قابل للتطبيق، خاصة وأنه إلى الآن لا يوجد علاج محدد لهذه المتلازمة”.
وخلال الدراسة، قام الباحثون بالعمل على جنين فأر يحمل متلازمة بيت هوبكنز وقد أظهر الفأر العديد من العلامات النموذجية للاضطراب. لكن استعادة النشاط الكامل للجين منذ بداية الحياة الجنينية حال دون ظهور باقي العلامات بشكل كامل.
ويعتبر الجين TCF4 مفتاح رئيسي للتحكم في أنشطة مئات الجينات الأخرى على الأقل، وبالتالي فإن تعطيله منذ بداية تطور الجنين يؤدي إلى العديد من التشوهات في المراحل اللاحقة من تطور الجنين. ويعد منع هذه التشوهات عن طريق استعادة العمل الطبيعي للجين في أقرب وقت ممكن هو أفضل استراتيجية علاجية، إلا أن هذه التقنية لم يتم اختبارها بعد على البشر.
وأكد العلماء أن النتائج أثبتت أن العلاج عكس جزئيًا على الأقل تشوهين آخرين في الفئران وهما المستويات المتغيرة من الجينات التي ينظم عملها الجين TCF4 إلى جانب أنماط متغيرة من النشاط العصبي تم قياسها في تسجيلات التخطيط الكهربي للدماغ (EEG).
ومن المعروف أن معظم الجينات يتم توريثها في أزواج من الأب والأم. وتظهر متلازمة بيت هوبكنز عند الطفل عندما تكون نسخة واحدة من أحد الجينات مفقودة أو متحولة وهو الجين الذي يحمل اسم TCF4، مما يؤدي إلى إنتاج مستوى غير كافٍ من أحد أنواع البروتينات شديدة الأهمية. وعادةً ما يحدث هذا الحذف أو الطفرة تلقائيًا في أحد كروموسومات الأم أو الأب سواء قبل الحمل، أو في المراحل الأولى من حياة الجنين بعد الحمل.
وتقدم هذه النتائج الأمل في أن العلاج الجيني المستقبلي قد يكون ذو فائدة كبيرة للأفراد المصابين بمتلازمة بيت هوبكنز حتى بعد الولادة.
Sorry Comments are closed