صباح أمس الاثنين، وجهت مقاتلات أميركية من طراز “F-15E Strike” و”F-16C Fighting Falcon” عدة ضربات جوية ضد منشآت ومواقع عسكرية تستخدمها الميليشيات المدعومة من فيلق القدس الإيراني على طرفي الحدود السورية العراقية بالقرب من معبر البوكمال – القائم الحدودي.
ووفقاً لبيان وزارة الدفاع الأميركية، جاءت هذه الهجمة الجوية الموسعة، التي تعتبر الثانية من نوعها بعد أن أغارت مقاتلات أميركية على مواقع للميليشيات المدعومة إيرانياً في دير الزور والبوكمال شرقي سوريا في 26 شباط 2021، “بأمر من الرئيس الأميركي جو بايدن رداً على هجوم الميليشيات بالطائرات المسيرة ضد المصالح الأميركية (القنصلية الأميركية في أربيل) في العراق”.
ماهي المواقع المستهدفة؟ وما نتائج الضربة؟
رصد موقع تلفزيون سوريا استهداف الطائرات لثلاثة أهداف متوزعة على الأراضي السورية والعراقية (هدفان داخل الأراضي السورية وهدف داخل الأراضي العراقية).
واشتملت المواقع المستهدفة بقنابل موجهة بالأقمار الصناعية الأميركية على ضرب مقر قيادة وتحكم لميليشيا “كتائب سيد الشهداء” (اللواء 14) وعدة مستودعات لتخزين الذخائر والأسلحة تتبع لميليشيا “كتائب حزب الله” (اللواء 45).
وعلى الرغم من أن المواقع والمنصات الموالية لميليشيا “الحشد الشعبي” أعلنت عن مقتل أربعة مقاتلين تابعين لـ “كتائب سيد الشهداء” هم (حسين علي عبد الحسين صالح البيضاني، وكرار سعد حمدان جلوب المحمداوي، كرار عبدالعزيز زينل الشبكي، ومحمد رومي ماجد محاسن الفرطوسي)، إلا أن مصادر مطلعة أفادت لموقع تلفزيون سوريا بسقوط أكثر من 13 قتيلا و6 جرحى موزعين كالتالي (6 قتلى و4 جرحى من اللواء 14 كتائب سيد الشهداء)، (7 قتلى و2 جرحى بينهم قتيل عراقي واحد من اللواء 45 كتائب حزب الله).
كما أكدت المصادر نفسها انقطاع الاتصال نهائياً مع مقر “لواء 45 كتائب حزب الله” بعد توجيه الضربة الأميركية، في حين واصلت سيارات الإسعاف الطبية التابعة لـ “الحشد الشعبي” نقل عشرات القتلى والجرحى من ميليشيات “كتائب سيد الشهداء”، وحدوث حالة من الهلع في صفوف “اللواء 14” (كتائب سيد الشهداء)، واختباؤهم في مقار “لواء حرس الحدود” العراقي خوفاً من تكرار القصف.
تحليل نتائج الضربة الأميركية
تختلف الضربة الجوية الأميركية الأخيرة كماً ونوعاً عن سابقتها التي نفذت في شهر شباط الماضي ضد مواقع قرب منطقة القائم الحدودية، ولم تسفر نتائجها عن أضرار جسيمة بميليشيا “فيلق القدس”، حيث أفادت الأنباء حينها بسقوط عنصر واحد من “الحشد الشعبي” وأضرار مادية محدودة.
وفي المحصلة، شهدت بعدها الهجمات التي تقودها مليشيات “الحشد الشعبي” ضد القوات الأميركية في العراق ارتفاعاً ملحوظاً، حتى شهدنا قيام هذه الميليشيات باستهداف القنصلية الأميركية في أربيل شمال العراق في 26 حزيران 2021.
لذلك، على ما يبدو، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن تعليماته هذه المرة بتنفيذ هذه الضربات الانتقامية الواسعة والدقيقة التي أوقعت خسائر بشرية ومادية عالية بالميليشيات المدعومة من “فيلق القدس” رداً على الهجوم الأخير على القنصلية الأميركية في كردستان العراق، وكنوع من الهجوم الرادع لوقوع أحداث مماثلة في المستقبل القريب.
من ناحية أخرى، تأتي الضربة الأميركية الانتقامية كنوع من الضربات الاستباقية أيضاً بعد ورود معلومات استخباراتية تؤكد سعي الميليشيات المدعومة إيرانياً لفرض معادلة جديدة تقوم على استهداف القواعد العسكرية الأميركية الموجودة خارج العراق، إضافةً للقواعد الموجودة أساساً داخل الأراضي العراقية.
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها موقع تلفزيون سوريا، إضافة للاتفاق الحاصل بين ميليشيات “كتائب حزب الله” و”النجباء” و”كتائب سيد الشهداء” على ضرب القواعد الأميركية داخل العراق ضمن إطار ما سموه “بداية معركة جديدة لإخراج القوات الأجنبية من العراق” في 23 حزيران 2020، تم الاتفاق مؤخراً على توسيع نطاق العمليات الإرهابية لتشمل ثلاثة قواعد للتحالف داخل الأراضي السورية، قبل أيام من توجيه الضربة الأميركية الأخيرة.
هل سينتقم الحشد الشعبي؟
بعد دقائق من توجيه الضربة الانتقامية الأميركية، أعلنت “كتائب سيد الشهداء” أحد أذرع ميليشيات “الحشد الشعبي”، في بيان رسمي لها دخولها حرب مفتوحة ضد الولايات المتحدة الأميركية، مهددةً بإسقاط جميع الطائرات الأميركية التي ستحلق في الأجواء العراقية من الآن فصاعداً.
وفي الحقيقة، من غير المؤكد ما إذا كان “الحشد الشعبي” قادراً على تنفيذ تهديداته ضد القوات الأميركية في العراق، خاصة بعد ورود تقارير تتحدث عن حصول هذه الميليشيات على منظومات دفاع جوي إيرانية متوسطة المدى كـ “طبس 1″، وصواريخ موجه حرارياً تحمل على الكتف كـ “ميثاق 2″، وهي منظمات دفاع جوي إيرانية الصنع يمكن أن تشكل تهديداً حقيقياً على سلامة الطيران المدني والرحلات التجارية في المنطقة ككل، أكبر مما قد تشكله هذه الأنظمة من تهديد على الطائرات والمروحيات العسكرية الأميركية فوق العراق، في ظل معاناة منظومات الدفاع الجوي الإيرانية من ضعف في القيادة والتنسيق، والتقنيات التكنولوجية، خاصة منظومة تحديد العدو من الصديق.
لكن رغم التهديدات التي أطلقها “الحشد الشعبي”، استمرت الطائرات المقاتلة الأميركية من طراز “F-16C” ، المسلحة بصواريخ جو – جو، بتنفيذ طلعات دورية في الأجواء العراقية للتصدي لضربات الطائرات المسيرة التي قد تنفذها الميليشيات الإيرانية ضد المصالح الأميركية في العراق.
عذراً التعليقات مغلقة