“أنقذوا حي الشيخ جراح” .. بعيون سورية

هدى أبو نبوت11 مايو 2021آخر تحديث :
“أنقذوا حي الشيخ جراح” .. بعيون سورية

صور مليئة بالتفاؤل تتصدر وسائل التواصل الإجتماعي والإعلام في الأيام القليلة الماضية لشبان وشابات وأطفال فلسطينيين أثناء الاعتقال على يد جنود إسرائيليين في نضالهم السلمي ومقاومتهم اللاعنفية لقوات الاحتلال التي تهدف للسيطرة على الشيخ جراح الحي المقدسي وطرد أكثر من 500 فلسطيني من بيوتهم وإحلال مستوطنين يهود مكانهم في محاولات سلطة الاحتلال المتكررة لتهويد القدس خلال السنوات الماضية.

تناقل الشباب العربي على مختلف جنسياتهم هذه الصور عبر حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل عبر هاشتاغ “انقذوا حي الشيخ جراح” بمشاعر تتراوح بين التعاطف مع قضية العرب الأزلية فلسطين وبين المشاركة والدعم الشعبي لهذا الحراك السلمي الشجاع الصامد الذي لم تقهقره السنوات الطويلة وكل ممارسات القمع لقوات الإحتلال.

أما نحن السوريون كنا أكثر تشوشا في تقييم مشاعرنا ومواقفنا مما يحدث هناك في القدس ونحن نتأمل هذه الصور والفيدوهات المبتسمة كرد فعل للشباب والشابات أثناء اعتقالهم، لم نستطع أن نبتعد عن المقارنة ونحن نتتبع خطوات عناصر الجيش الإسرائيلي الهادئة وهي تتجول في المنازل الفلسطينية التي تقوم بتفتيشها وما تعرضنا له على يد عناصر الأمن السوري وهم أولادنا كيف يعبثون بمنازلنا ويكسرون الأثاث ويحرقون الزرع والشجر في بحثهم عن الشباب والشابات واعتقالهم وضربهم وإهانتهم وتكديسهم في سيارات بتهمة التظاهر السلمي.

أستطيع أن أجزم أن كل سوري وسورية لم يستطع أن يخرج من هذه المقارنة التي يمكن بزاوية ما هي ظالمة لأنها تقلل من هذا الفعل النضالي العظيم للأخوة الفلسطينيين في وجه الإحتلال، ولكن أي سوري بما فيهم أطفالنا أول سؤال يواجهوننا به عند متابعتهم لما يحدث في القدس، لماذا هؤلاء الناس يبتسمون وهم ذاهبون للسجن وفي سوريا يموتون تحت التعذيب؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة كما يتصور البعض، لا يمكننا أن نختصر الإجابة لأطفالنا باتهام سفاح سوريا بالإجرام لأن سلطات الإحتلال مجرمة أيضا، أو نشرح ونوضح ما عاشه بعضهم من الحرب الشعواء التي شنها علينا النظام المجرم في السنوات العشرة الماضية ومازالت مستمرة، بحجة أنه يريد أن يحكمنا بالحديد والنار أو يحرق البلد كما فعل، لأن ما حدث في فلسطين أكثر درامية من ديكتاتور سفاح فهي الدولة الوحيدة بالعصر الحديث التي تأتي عصابات من دول العالم برابط ديني وخرافة مقدسة تعود لآلاف السنيين يطردون أصحاب الأرض كما يحدث في ألعاب الفيديو القتالية.

قرى ومدن اندثرت خلال 70 عاما وقامت أخرى بأبنية حديثة مكانها، وجوه وملامح أوروبية لا تشبه الأرض ولا أهلها باتوا أصحاب اليد العليا يملكون السلطة والإعلام والقوة والدعم والترويج لأكبر كذبة في التاريخ.

كيف يمكن أن تستوعب عقول أطفالنا أن كل هذا حدث بعدد من الشهداء والمعتقلين على يد قوات الإحتلال خلال سبعين عاما أقل بكثير من عدد شهدائنا على يد قوات الأسد في عام واحد من أعوام الحرب العشرةالمستمرة، كيف سيصدقون أن معتقلي السجون الإسرائيلية يتناولون ثلاث وجبات باليوم ويتلقون رعاية طبية ويتواصلون مع أهاليهم حتى استطاع بعضهم أن يهرب سائله المنوي خارج السجن لتحمل زوجة المعتقل في الخارج ويعود بعد انتهاء مدة الإعتقال للمنزل ليحتضن طفله، ونرى نماذج من هؤلاء الأطفال اليوم يرفعون إشارة النصر في وجه جنود الإحتلال بإبتسامة عريضة وثقة بالنصر.

كيف يمكن لأطفال سورية أن يرفعوا أصابعهم بإشارة النصر بابتسامة تشبه أقرانهم الفلسطينين، أمام دبابات جيش لا يصنف بالعدو ورشاشات جنود هم جيران وأصدقاء وأقارب وبأوسع التصنيفات أبناء وطن، وجثث آبائهم وأمهاتهم المعتقلين والمعتقلات الذين قضوا تحت التعذيب في سجون الموت اللانسانية فقط لأنهم رفعوا صوتهم بمطالب الحرية والعيش بكرامة.

تلك المحاكاة المنطقية لا تسيطر على عقول أطفالنا فحسب عند مشاهدتهم صور المقاومة المشرقة القادمة من القدس، جميعنا كسوريين تغلبنا عواطفنا الجياشة ومشاعر التضامن الواسعة نشاركها كصور وفيدوهات للقدس ومرابطيها على حساباتنا الشخصية لأننا نتشارك في الظلم ولكن نتسأل بحسرة لماذا لا نتشارك المعاملة بالمثل.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل