لاحت أجزاء الأشياء تسبح حولها في الفضاء بعد استيقاظها من حلم ينقطع في نصفه للمرة الثالثة، جلست على حافّة السطح، ودلّت قدميها في الهواء دون خوف باتجاه الجزء المطل للأسفل، ظهر الشارع من الطابق الخامس كهاوية تبتلع الأشياء وتأكل حجمها لتبدو كأنصاف وأجزاء!
لم تكن تعبأ بالأنصاف، حياة النّصف التي عاشتها جعلتها ترفض الأنصاف بالمطلق، كبرت وما زال على جسدها أثر نصف الفراش الذي تتقاسمه مع أختها في غرفة تملك منها نصف خزانة ونصف طاولة ونصف زاوية ألعاب!
جُرحت أصابعها ألف مرة بسبب نصف حذاء ترتديه يغطي الكعب ويترك الأصابع تواجه الطريق، رسبت مرّتين بسبب نصف درجة في مادة الرياضيات، عوقبت كثيرًا بسبب نصف جواب يخرج من فمها ويبتلع الخوف نصفه الآخر، خسرت بسبب نصف مجازفة، وبقيت في مكانها بسبب نصف خطوة لا تكملها..
آخر خسارات النّصف هذا الحلم الجميل الذي يحمل الفرح لقلبها لكنها تستيقظ في نصفه قبل اكتمال الفرح لتمضي بقية اليوم بمزاج مشوّه وشيء مسلوب، فالنصف الغائب يسرق معه بهجة الحاضر
بقيت تتأمل السماء، أنصاف الأحلام تشق طريقها فيها، فيما لمحت حلمها المقسوم مكتملًا يبتعد، مدّت يدها لتمسكه فلم تصل، وقفت على الحافّة، تتجاهل النظر للأسفل تتذكر صوتًا ناصحًا يتردد في عقلها “من ينظر للأسفل يمتلئ خوفًا، يتراجع ويهزم”
استجمعت قواها، وامتلأت بشجاعة موهومة، أطلقت نظرها للسماء مدّت يدها لم تصل؛ بقي القليل
اقتربت لآخر امتداد في حافّة السطح، وارتكزت على أطراف أصابع قدميها محاولة رفع جسدها للأعلى ومدّت يدها بكل ما استطاعت، لوّحت في الهواء بيدها مرّة مرتين ثمّ أمسكت الحلم كاملًا بنصفيه الحاضر والغائب
لكن أقدامها لم تعد ترتكز إلى الحافة.. كان الفراغ شاسعًا
للحظة ظنّت أنها تطير، وللحظة أخرى ظنّت أنها تهوي
بقيت معلقة بالظن.. نصف احتمال!!
Sorry Comments are closed