رجلٌ بلا أثر!

أحمد جاسم الحسين15 نوفمبر 2019آخر تحديث :
أحمد جاسم الحسين

تُريْدُني “حبيبتي الهولندية” رجلاً بلا أثر؟

عليَّ أن أركض خلفي لحظة بلحظة،
لأمحو أثري، حتى أنني أدمنتُ أن أكون رجلاً بلا أثر!

تغيرتْ عاداتي

صرتُ أسارع بحمل فنجان القهوة وغسله، ضيعتْ علي أن أشرب آخر “جغمة” باردة ممزوجة مع بقايا القهوة فيه!
ضيعتْ علي أن أشم ما تبقى فيه من رائحة القهوة!

عليَّ أن أضع الجوارب في المكان المخصص لها، وليس بجانبي على الكنبة أو في جيبي، ذلك أن قدميّ تبردان فجأة، كأنه الشوق إلى مشي في شوارع أعرفها، وهكذا أكتفي بالبرد فحسب، فلذة الكسل أجمل من الوقوف لإحضار الجوارب وارتدائها مرة ثانية!

أستحم كل يوم مرتين كي لا يكون لجسدي بقايا رائحة في السرير، أغير ملابسي كل يوم حتى لا تشم رائحتي حين أقوم بواجب القبلة التي يجب أن تكون بلا صوت حتى تراعي أتكيت الحياة الجديدة.. (تخيلوا قبلة صامتة بلا أثر!).

أحذيتي أضعها في مكانها مباشرة، حتى لا تشجعني على المشي في شوارع لا أعرف خطواتها…

تريدني حبيبتي بلا أثر
وأنا أسمع كلمتها

لا أثر لبقايا الطعام على الطاولة، حسناً، لا فرصة لالتهام لقم إضافية من الرز…

شواحن اللابتوب والموبايل ورائحة أصدقائي عبر الفيسبوك علي أن أضعها في المكان المناسب كي لا تجدني متلبساً بلحظة سعادة هاربة معهم.

الشاي البارد حبيبٌ قديم انتهت علاقتي به بعد أن صرتِ بلا أثر ، فإبريق الشاي يجب أن ينظف ويعود إلى مكانه مباشرة!

البشاكير لم تعد موزعة في البيت بحيث يمكن أن أستعملها متى شئت!

كل شيء في مكانه ومقدر بمقدار!

تريدني حبيبتي بلا أثر
يجب أن أنام بمقدار وأستيقظ بمقدار وأضحك بمقدار

وأزعجُ شيء أن أبكي بمقدار..

كيف لي ذلك وأنا أخزن في رأسي صور كل المغتصبات السوريات وسياط الجلادين!!!

لا حل سوى السهر للبكاء، المهم أن أضع دموعي في كيس وأكبها خارجاً
أولاً بأول…

إذ قد تستيقظ فجأة وتجدني متلبساً بها !

تريدني حبيبتي ألا أنسى كي ملابسي أو ألا أرمي بيجامتي على السرير

ها أنا أسمع كلمتها

أرتب كل شيء:

لم أعد أضع الملح في البراد
ولم أعد أنسى إغلاق علبة الفلفل
ولم أعد أنسى ربط خيوط حذائي

هكذا حين تستيقظ
ستجد كل شيء (عالبكلة)
وستجدني مكتفاً
مكتفاً
ومستعداً للذهاب إلى العمل!

ستبحث عن أثري فلا تجده

ستكون سعيدة جداً جداً
هو هذا الذي تبحث عنه:
رجلٌ بلا أثر!
وهو هذا الذي أقوم به عن طيب خاطر !

وهو الذي يجعل من يراني يقول: إن وجهي يحكي:
إنني تقدمتُ في العمر حتى صار عمري “قرن”
ربما
لأنني رجل بلا أثر!
الأمر لا يتعدى أنني ممتن لسماع كلمة حبيبتي ذات الأصول السورية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل