أمجد الساري – اسطنبول – حرية برس:
تامر تركماني شاب سوري من مواليد 1990 حمص جورة الشياح، يعمل كمصمم غرافيك ومصور فوتوغرافي ويقيم في تركيا.
أخذ تامر على عاتقه جمع صور لشهداء الثورة السورية الذين ضحوا بدمائهم من أجل نيل الحرية والكرامة، من شهداء ذهبوا ضحية قصف قوات الأسد ومعتقلين تحت التعذيب ومقاتلين حملوا السلاح للدفاع عن أهلهم وأرضهم، وذلك على شكل لوحة كبيرة تخليداً لذكراهم.
حرية برس قامت بإجراء لقاء مع تامر تركماني، ودار الحوار التالي:
- من أين استوحيت فكرة مشروع توثيق شهداء الثورة السورية ومتى بدأت العمل به وماهو هدفك الأساسي من هذا المشروع ؟
فكرة المشروع أتت من خلال صنع غلاف لشهداء أحد مجازر البراميل المتفجرة بريف إدلب، وبعد هذه الفكرة قررت أن أزيد العدد لكي يصل لأكبر عدد ممكن من الشهداء، وبعد مرور فترة شهر قمتُ بجمع عدد ضخم من الناس ووضعتهم بلوحة كبيرة جداً بلغ طولها 170 متراً وتضم 50 ألف صورة شهيد بشكل متلاصق بدون ذكر أي معلومات غير صورهم فقط.
بعد ذلك قررت طباعة اللوحة بسبب ضخامة الملف وصعوبة نشره بشكل صحيح على صفحة الفيس بوك، ومن ثم طبعت اللوحة، وقد تم عرضها في العاصمة الأمريكية واشنطن أمام البيت الأبيض بذكرى الثورة بتاريخ 15-3-2015، وبعد فترة أرسلت عدة أقسام منها لأوروبا ليتم عرضها هناك.
وفي آخر اجتماع للمفاوضات في جنيف تم عرض قسم من اللوحة وهو بطول 30 متر يحتوي على صور أطفال شهداء فقط، وذلك ليستجيب الناس لهم وتوقظ إنسانيتهم.
وبعد 7 شهور خطرت لي فكرة توثيقية بحتة، وقررتُ على ضوءها جمع معلومات كاملة وأرشفة وتدقيق وصناعة لوحة أضخم أي بحجم مضاعف أكثر.
وهو عبارة عن هوية لكل شهيد تتضمن بيانات الشهيد كاسمه وتاريخ وطريقة استشهاده، والمحافظة التي ينتمي إليه باللغتين العربية والإنجليزية، كما أن الشهداء الذين لم يصل لهم صور ذُكرت أسماءهم ضمن هويات مشابهة بدون صورة، و أطلقت المشروع الثاني التوثيقي بتاريخ 4-11-2015.
ووصلت لعدد أكثر من 150 ألف شهيد خلال مدة 8 شهور من العمل المتواصل بتعب و”جهد جبار” ويبلغ طول اللوحة الجديدة حوالي 2500 متر.
وطبعاً كان الهدف الأساسي من اللوحة هو تسليط الضوء على أرواح كانت “عايشة وناس كانوا معنا” واستشهدوا حتى لا ننساهم أيضاً، كما أنه يعد من واجبنا أن نكتب التاريخ وأن لا نسمح لغيرنا بكتابته مثل حزب البعث “اللي عيشنا” بجو مليء بالكذب والخداع والتاريخ المزيف.
ولوضع حدّ لكل هجميات وتقارير الأمم المتحدة حول أرقام فقط، وإزاحة مفهوم الأرقام ووضع بدل عنها أسماء وصور موثقة بشكل احترافي من خلال عمل ملموس ومطبوع، لكي يعلموا أننا لم نخرج من بلدنا طمعاً بالأجر الشهري أو بأوروبا أو لمجرد أن ناكل ونشرب، بل لوجود أُناس ماتت وبسبب الوضع الصعب وما يحصل من مجازر كبيرة والعالم كله “مغبش عيونو عنها”.
- ماهي المصادر التي اعتمدت عليها من أجل جمع المعلومات عن الشهداء وتوثيقهم ؟
أهالي الشهداء وأصدقاؤهم والكثير من الأشخاص الذين يرسلوا لي على صفحتي الشخصية على موقع فيسبوك، ومن ثم أنا أقوم بتدقيق الاسم والتأكد منه عبر البحث بمحركات البحث الالكترونية، ومن خلال التواصل مع التنسيقيات وإرسال صور شهداء بشكل يومي، كما أعتمد على مراكز الدفاع المدني بسوريا.
- هل قمت بهذا العمل لوحدك أم أن هنالك مجموعة تعمل معك؟
العمل فردي بشكل بحت، لكن ذلك لا يمنع من توزيع بعض المهام عند ضغط العمل، كتدقيق صور لوجود تشابه مع أسماء أخرى من خلال وصول عدد كبير من الصور على رسائل صفحتي على فيس بوك.
من أهم الناس بهذا الكادر الصغير اللي ساعدني هي خطيبتي براءة ادريس, والتي كانت مهمتها تدقيق سنة 2011 بشكل كامل والبحث عن أي أخطاء ممكن حدوثها وتفاديها، وأخي عبدالرحمن تركماني الذي لم يتركني حتى اليوم وكان إلى جانبي دائماً، وطبعاً هذان الشخصان أثق بهما كثيراً فقد ساعداني ولم يتركاني.
- هل هنالك جهة ما تبنت أو دعمت هذا العمل ؟
طبعاً داعم هذا العمل بشكل كامل هو رجل أعمال سعودي أتحفظ على ذكر اسمه بناء على طلبه ، ولا يوجد أي منظمات دعمت أو ساهمت في هذا المشروع
- ماهي الأماكن والدول التي ستعرض فيها لوحتك ؟
أولاً سأقوم بعرض لوحتي الجديدة في اسطنبول بتركيا وبعدها إلى عدة دول أوروبية وأمريكا وكندا، إذا أمكن ذلك بمساعدة الأصدقاء هناك ، وسأقوم بعرضها ريثما أنتهي من عمليات الجمع والطباعة.
- هل لديك أعمال ومشاريع جديدة في المرحلة المقبلة بخصوص توثيق الشهداء أو أية نشاطات أخرى ؟
أجل، يوجد عدة مشاريع قيد الدراسة وطبعاً تختص بتخليد الشهداء، ومن الممكن أن يوجد عمل مطبوع بشكل صغير ويضم كامل العدد ولكن سأتركها “مفاجأة”.
كما تحدث تامر خلال حوارنا معه عن الصعوبات التي واجهته، حيث رفضت السلطات الأردنية عرض لوحته التي كان تحتوي على صور لأكثر من خمسين ألف شهيد لينتقل بعدها إلى تركيا ليعرضها هناك.
عذراً التعليقات مغلقة