هل تتجه تركيا نحو التطبيع مع نظام الأسد؟

فريق التحرير8 سبتمبر 2019آخر تحديث :
رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال كليجدار أوغلو (أرشيف)

عائشة صبري

تعتزم المعارضة التركية عقد مؤتمر سوري – دولي يبدأ في 28 أيلول/سبتمبر الحالي، ووجهت دعوات لحضور شخصيات وفعاليات تتبع لنظام الأسد، وبعض منظمات المجتمع المدني المحسوبة على المعارضة السورية، بينما يغيب حضور ممثلين عن ميليشيا حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD).

ويرى الصحفي في جريدة “Haber Turk“، محرم سارو كاياه، أنَّ “الشخصيات التي ستشارك في المؤتمر مهمة جدًا، وستسهم في إذابة الجليد بين أنقرة ودمشق”، مشيراً إلى انَّ الاسم الأبرز لوفد نظام الأسد هو “خلف المفتاح” العضو في القيادة القطرية لـ”حزب البعث” ورئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري، وستكون له كلمة في نفس الجلسة التي سيتكلم فيها ممثل الاتحاد الأوروبي في تركيا، كريستان بيرجر، ووزير الخارجية التركي السابق، حكمت شيتين.

ومن هذا المنطلق، يرى سياسيون سوريون أنَّ أنقرة ذاهبة لتطبيع ناعم مع دمشق، لا سيّما أنَّ السلطات التركية أعطت فيز دخول للوفد القادم من دمشق. بينما يستبعد آخرون، تقارب الحكومة التركية الحالية مع نظام الأسد.

لكن يرى البعض أنَّ استضافة المعارضة التركية لوفد النظام يُقلِّل من رصيدها الشعبي كونه نظام سيء السمعة لكن السلطات تستطيع رفض دخول وفد النظام، أقل ما يُمكن كرد اعتبار على تصريحات بثينة شعبان الأخيرة بحق النقطة التاسعة في مدينة مورك.

ويقول السياسي “سمير نشار” لـ”حرية برس”: إنَّ “معلومات سابقة تحدثت عن اجتماع بين بشار الأسد وحقان فيدان رئيس الاستخبارات التركية في طهران خلال زيارة رئيس النظام السوري لإيران، واليوم تتردد معلومات بأنَّ وفداً من النظام السوري برئاسة عضو القيادة القطرية خالد المفتاح، وبعض أعضاء من مؤسسات المجتمع المدني المقربة منه، سيلبي دعوة من قيادة حزب الشعب التركي المعارض لحضور مؤتمره نهاية الشهر الجاري، ما قطع الشك باليقين حول ما يتردد عن بداية تطبيع العلاقات بين النظام السوري وتركيا”.

وفي رأي “نشار” أنَّ “السلطات التركية إذا منحت تأشيرات دخول إلى تركيا لحضور المؤتمر، هذا يعني بداية التطبيع وظهور العلاقات التركية مع النظام السوري من تحت الطاولة إلى فوق الطاولة بشكل يُقارب الرسمي، وهو بتقديري تطوُّر طبيعي للموقف التركي الذي شهد تحولًا جوهريا تجاه الثورة السورية منذ إسقاط مدينة حلب نتيجة صفقة مع الروس مقابل عملية درع الفرات، وتطوَّرت الصفقات من خلال مسار أستانا وسوتشي، تلك الاتفاقيات التي سمحت للنظام باستعادة أغلب المناطق المحررة”.

ويُضيف، “ما نراه اليوم في إدلب ربَّما يُشكِّل المحطة الأخيرة لمحاولة النظام استعادة المعقل الأخير للمعارضة خاصة بعد فشل أكثر من محاولة تركية لإقناع الفصائل المتشددة وغيرها من بعض فصائل الجيش الحر المتبقية بفتح الطرق الدولية بين حلب – دمشق وحلب – اللاذقية، وبعد تنفيذ تلك المرحلة يكون الطريق ممهداً لفتح الطريق الدولي بين غازي عنتاب – حلب، وهذا يتطلب تعاوناً تركيَّاً مع النظام السوري بشكل مباشر، عندئذٍ لابدَّ من تطبيع العلاقات التركية معه بشكل رسمي، نحن في الطور الأخير من كل ما ذكرت كما اعتقد”.

وأشار إلى أنَّ “المهم في الأمر أنَّ احتمال التطبيع قائم، ولَم تعد الأولوية لإسقاط النظام أو بشار الاسد لدى صناع القرار في تركيا، لأنَّ أولويتهم هي فقط حاليّاً الحزام الأمني، وهي أولوية أمن قومي تركي على الحدود التركية السورية”.

من جهته، الكاتب السوري “محمود دياب” وفي تصريح خاص لـ”حرية برس” اعتبر أنَّ “سلوكيات المعارضة التركية تتماشى مع نظام الأسد و مع رئيس مصر ولكن لا تُمثل أنقرة سياسيًا”.، ورأى “دياب” أمر المؤتمر من زاوية أنَّ تركيا كحكومة “تعرف كيف تتعامل مع معارضتها بذكاء ودهاء”، معرباً عن ثقته بموقف تركيا من نظام الأسد. قائلاً: “لا أعتقد أنَّ الحكومة التركية لها الحق القانوني بمنع الفيز عن شخصيات لا يوجد عقوبات بحقهم بعد، وربَّما تركيا كحكومة ليس من مصلحتها فتح جبهة داخلية مع معارضتها الآن”.

وحول مسألة أنَّ المؤتمر سيناقش قضايا عدة ، بينها اللاجئين السوريين في تركيا. وهذا ملف أساسي لدى السلطات التركية، فكيف تسمح بمؤتمر على أرضها بهذا الخصوص، سيّما أنَّها تستخدم هذا الملف لتحصيل مكاسب في شرق الفرات، يُعلق”دياب” بأنَّ “جميع مؤتمرات المعارضة تقام على الأرض التركية بغض النظر عن العنوان والسبب والمحتوى، وإن يكن، فلتناقش المعارضة التركية مشكلة اللاجئين (ربما تريد أن تناقش المؤيدين منهم فقط)، بالتالي السياسة التركية أبعد ما تكون عن اتخاذ القرارات من منطلق ردَّات الأفعال، كونها سياسة عميقة”.

وبخصوص خبايا العلاقات التركية – الروسية، يرى “دياب” أنَّ “استدارة تركيا نحو روسيا فعل سياسي، يندرج تحت شكل الرؤى السياسية الخارجية لتركيا في تلك اللحظة، ولا يُنافي ذلك عمق الفكر السياسي التركي والذي يشهد به حتى أعداء تركيا المبطنين”، ويُضيف، أنَّ “تركيا استدارت مُضطرة باتجاه روسيا بسبب سياسات أوباما، كما أنّها موجودة إلى الآن وستظل في خانة الأعداء في الذاكرة و لذهنية الأوروبية، وأنقرة لم تجد دولة عربية واحدة تقف معها في الملف السوري، وكلُّ الودِّ الذي نراه بين أمريكا وتركيا هو مظاهر وسياسة حذرة من الطرفين، بالإضافة إلى أنَّ شراء الأسلحة الروسية من قبل تركيا هو الخيار الوحيد لتركيا في ظل المؤامرة الكبرى التي تُحاك دائما ضدها من قبل أمريكا وأوروبا والعرب”.

وكان أردوغان صرح في عام 2015 بعد زيارته لموسكو وافتتاح أحد المساجد، وبعد الاعتذار عن إسقاط الطائرة الروسية، أنَّ بشار الأسد ممكن أن يكون جزءاً من المرحلة الانتقالية، وممكن أن لا يكون”. وهذا التصريح أثار موجة شديدة من اللغط.

يشار إلى أن من بين المشاركين في وفد النظام السوري أيضاً المراسل الحربي لدى نظام الأسد “سركيس قصارجيان”، و”مؤيد فقيه” رئيس بلدة جبل التركمان، و”حسان خولوه” ورئيس بلدية شوبان بيه التابعون للنظام، إضافةً إلى “ناصر ياسين” مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة في لبنان.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل