إنكار وجود السوريين كقوة مؤثرة في سورية

أحمد جاسم الحسين13 أغسطس 2019Last Update :
إنكار وجود السوريين كقوة مؤثرة في سورية

(حول استشهاد سامر السلوم في معتقلات عصابة النصرة)

في البداية نعزي أهل الشهيد ونعزي أنفسنا، لأن فقدان روح أي مواطن سوري يسعى للحرية يعني أن هذا الفعل الوجودي أنبل وأرقى من كل تلك القوى المغتصبة على الأرض، ونطالب بمحاكمة قاتليه وتعريتهم، وتوضيح أسباب اعتقالهم له ولماذا قاموا بتصفيته وكيف؟

تتعدد وجوه البطش بنا كسوريين من قوى عسكرية على الأرض هي التي تتحكم بكل شيء، تعتقل، تقتل، تنهب، تغيّب…

منذ عام ٢٠١١ حتى الآن تتشارك القوى الموجودة على الأرض بهدف واحد وهو: منع حضور تمثلات الحرية التي اختارها السوريون هدفاً سامياً ضحوا بأرواحهم لأجله.

لا تزعج تلك القوى نفسها بأي توضيح، أو تصريح عن أسباب الاعتقال أو الإفراح أو القتل، هي تستهين بنا كقوة جماهيرية، لا نعنيها نحن، تشغل نفسها بالممول، أو بحججها الإيديولوجية وهدفها (السامي) وبحجة أنها تحارب النظام، أو تريد تحقيق مزيد من الحرية لشريحة من السوريين تمارس أقصى طرق القمع واغتصاب ممكنات الحرية عبر عملية سحق لنا.

يعلن الأهل الذين يحصلون على الأخبار المتعلقة بأبنائهم عن موتهم فنتعاطف معهم ونعزيهم وكأننا اعتدنا على هذه السلسلة من اغتصاب حلمنا، ينحصر الحدث بالشخص فحسب، فنتألم أياماً ثم ننتظر حدثاً جديداً!

لا تهتم تلك القوة بالجمهور/الشعب (نحن) أو برأيه العام، تستمد قوتها من إيديولوجيتها أحيانا لأن تلك الإيديولوجية غالبا عابرة للحدود السورية، جزء من ظاهرة عولمة البطش، لذلك لا يعنيها السوريون كشعب أو هوية أو حدود، أو قوة مؤثرة!

غُيّب من قبل ناشطون في الغوطة، وناشطون عند النظام، وناشطون عند داعش، وناشطون عند قسد، وناشطون عند جبهة النصرة، وناشطون عند الفلول التابعة لتركيا، وناشطون عند عصابات إيرانية….

هؤلاء الناشطون جزء من المطالبين بالحرية، غُيبوا لسبب واحد، أن صوتهم وحضورهم وشعورهم بالحرية أعلى من قدرة تلك القوى احتمال كوننا أحرارا أو ساعين لها.

كجزء من تغييب حريتنا يغيب حسّ الشجاعة والوضوح والحدود الدنيا من قبول الاختلاف أو الرأي الآخر، وتتم عملية البطش بالخفاء، تمارس كل قتلها وإجرامها بحقنا بصفتها عصابات/مافيات، ليس لنا حق التعرف لماذا اعتقل فلان ولماذا خرج من السجن، ولماذا قتل وكيف بل بصفتنا ضحايا مغلوبة على أمرها؟؟؟؟

لن نقول بحجة (بطشها) وماذا يفيد ذلك؟

ومن يحدد لها دورها وكيف يقبل جمهورها المتحمس لها كل هذا البطش والإجرام؟

لسنا نحن الرافضون لها، المختلفون معها بحاجة لمن يُذكّرنا بكمّ عدم قبولها للاختلاف، أو بسوداوية طروحاتها أو بعدائها للفعل الحر!

بل نسأل جمهورها بوضوح: كيف تقبلون ذلك؟ ولماذا تقبلونه؟ ولماذا تقبلون فعل الإبهام؟

الحرية والسعي إليها فعل حر، وواضح وشفاف ولا غيبي !

أما أفعالهم فهي عكس ذلك، إنه صراع فلسفتين: فلسفة الحرية والوضوح والشفافية.. وفلسفة الغيبيات والقتل والتغييب والاغتصاب.

الرحمة لروح سامر السلوم شهيداً جديداً في طريق حلمنا الذي أخذ من أرواح السوريين ما يفيض عن حاجة هذا الهدف الوجودي، ونأمل بخروج سريع لكل المغيبين عند كل القوى المتحكمة بالمصير السوري.

ونأمل ألا تتبدّد الهوية السورية في مسعاها للحرية، وكأنه كان من المفترض إما أن تبقى الدرجة السابقة من البطش ما قبل الثورة من قبل النظام، أو لنتذوق سموم التفتت والتحلل الذي يسحق مفاهيم الهوية السورية، التي تعلن تمثلاتها كل يوم ألوانا جديدة من اللاتحقق والتغييب.

Comments

Sorry Comments are closed

    عاجل