ماذا تعرف عن كفرزيتا أيها العشوائي؟

معاذ عبد الرحمن الدرويش8 أغسطس 2019آخر تحديث :
معاذ عبد الرحمن الدرويش

من أين أبدأ بالحديث؟ لا أدري!

كفرزيتا اسم مبارك من “شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور” (سورة النور آية 35).

وقد تم إكتشاف معاصر زيتون أثرية فيها تعود إلى العصورر الرومانية.

يقدر عدد أبناء كفرزيتا بحوالي ثلاثين ألف نسمة، ولكي تعرف المدى العلمي والثقافي للبلدة منهم سأقدم لك شريحة الأطباء فقط، أنجبت كفرزيتا أكثر من 150 طبيب أي بنسبة 5 أطباء لكل 1000 مواطن تقريباً، وكما تعلم ـ إن كنت تعلم طبعاً ـ النسبة العالمية المقبولة لمنظمة الصحة هي طبيب لكل ألف نسمة، وأعلى نسبة في العالم تكون في النمسا و تكون بحدود 5.2 لكل ألف، أي أن كفرزيتا تصل إلى أعلى النسب على مستوى العالم وفق هذا المعيار العلمي الصحي، ناهيك عن مئات المعلمين والمهندسين والمحامين وغيرهم وغيرهم وغيرهم في كافة المجالات العلمية والثقافية و الأدبية.

أكثر من 100 ضابط منشق عن نظامك المجرم، وفي هذا المجال كفرزيتا منذ بدايات حكم عصابتك الأسدية لسوريا كان عندها العشرات من الضباط في الجيش السوري آنذاك، وقد تم تسريح معظمهم مخافة أن يشكلوا كتلة تعيق تغلغله داخل المؤسسة العسكرية في بدايات حكمه آنذاك.

كفرزيتا قد تكون هي من البلدات النادرة في سوريا والعالم الإسلامي التي تصلي صلاة الجمعة في جامع واحد، رغم أن عدد سكانها أكبر من أن يتسعهم مسجداً واحداً، كل ذلك ليس إلا تعبيراً عن روح المحبة والألفة والرقي بين أبنائها ، ومن أجل ذلك تمت توسعة جامعها الكبير عدة مرات للحفاظ على وحدة المنبر في البلدة.

وفي هذا المجال يذكر الشيخ أحمد الحصري رحمه الله، وهو مدير وصاحب معهد الإمام النووي لتخريج خطباء المساجد في معرة النعمان كان يقول: الشيخ الذي ينجح على منبر كفرزيتا هو خطيب متميز، وذلك لمدى رقي الذوق الخطابي والأدبي لدى أهل البلدة.

وفي هذا المجال أيضاً لهجة أهل كفرزيتا من اللهجات الأقرب إلى اللغة العربية الفصحى، وهم يلفظون كافة الحروف العربية واللثوية بالأخص بشكلها الصحيح، واذهب في طريقك إلى مكتبة جامعة حلب وستجد كتاباً للهجات السورية وستجد هذا الكلام موثقاً فيه، ولو كنت أذكر اسم المؤلف لذكرته لك.

كفرزيتا عندما قام نظامك المجرم بالإفراج عن مساجين تدمر بعد عشرات السنين من الظلم والاعتقال التعسفي في أوائل التسعينيات، هي البلد الوحيد في سوريا الذي استقبل أبناءه استقبال الأبطال، وأقام لهم مراسيم الفرح والبهجة، ولم يحسب شعب كفرزيتا أي حساب لنقمة نظامك المجرم في سبيل الاحتفاء بأبنائه المظلومين.

أما إذا أردت أن أحدثك عن مسارها في طريق الحرية فتلك ملحمة طويلة، والعبيد من أمثالك عصي عليهم أن يفكوا طلاسم قصة قصيرة في تلك الطريق الإنسانية الراقية، طريق لا تخص العبيد من أمثالك.

كفرزيتا حاضرة بأرضها وبشعبها وبتاريخها، وكل الذي حدثتك عنه قام نظامك الهمجي العشوائي المجرم بتدميره ومحوه، حيث حول كفرزيتا من حاضرة الى ركام، بعد أن رماها بأكثر من 3500 برميل متفجر أي بنسبة برميل واحد لكل عشرة مواطنين وأكثر من 5000 غارة جوية أي بنسبة 3 غارات لكل عشرين مواطن.

وقد قدمت كفرزيتا أكثر من 700 شهيد قضوا ببارود الحقد الطائفي الهمجي لدى نظامك، وبنسبة تصل إلى أكثر من 2 شهيد لكل 100 إنسان، وكل شهيد منهم كان إنساناً لديه مشاعر وأحاسيس وأحلام وأمنيات وأهل وأبناء وأقرباء وأصدقاء…

فالعشوائي ليس كفرزيتا، العشوائي والهمجي هو من يضرب الزيتون والياسمين بالقنابل والبارود، العشوائي والهمجي هو الذي يقتل الأطفال والنساء والشيوخ بلا أي ذنب، العشوائي والهمجي هو الذي يهدم البيوت على أهلها، ويكفيك قبحاً أنك مع نظام لم تعرف البشرية أكثر منه همجية وعشوائية عبر العصور والأزمان.

وأخيراً أقول لك: كفرزيتا بدوية بكرمها، قروية بطيبتها، مدنية بعلمها وأدبها وثقافتها، راقية بأحرارها، جنة بحنطتها وزيتونها…

وأنا عندما كتبت عن كفرزيتا كتبت عن اللطامنة وعن مورك وعن كفرنبل وعن معرة النعمان وعن سراقب وعن أريحا وعن خان شيخون.. وعن… وعن كل قرية وكل حي وكل مدينة فضلت الحرية والموت على العيش بالذل والهوان.

التعليقات تعليقان

عذراً التعليقات مغلقة

  • سوري حر
    سوري حر 8 أغسطس 2019 - 10:21

    سلمت يداك أستاذ معاذ

  • حسام
    حسام 9 أغسطس 2019 - 12:23

    لم يتغير نسق من يقف مع النظام من المسلمين، فقط عليهم أن يقتلوا أهلهم ويتبرؤوا منهم ليثبتوا الولاء للنظام

عاجل