بين الجسد والروح آلام شتى

فريق التحرير1 أغسطس 2019آخر تحديث :

وليد أبو همام – حرية برس:

قد تكون الآلام الجسدية مؤلمة لدرجة كبيرة، ولكن ما تضمره الروح من أوجاع لا يعلم قدرها إلا من يعانيها، فكيف إن اجتمعت هذه وتلك وتحاملت على الإنسان!

قصة “نصر سبيع” المنحدر من مدينة كرناز تشبه كثيرا قصص السوريين الذين ذاقوا الكثير من ويلات نظام الأسد الأب واستمر مع الأسد الابن، فأحداث الثمانينات وارتباطها بمدينة حماة جعل النظام السوري يكيل بالاتهام إلى كل شخص على الهوية بانتمائه للإخوان المسلمين التي وقع ضحيتها نصر. ففي عام 1982 تم اعتقاله لهذه التهمة في سجن تدمر العسكري الذي شهد إعدام الآلاف من السوريين في تلك الفترة، ترافق نصر مع أوجاعه التي ولدت بعضها معه، فهو يعاني منذ ولادته من شلل الأطفال فزاد من صعوبة تحمله لذلك الجحيم وبعد عشر سنوات خرج إلى حياة جديدة لا تقل سوءا عن ذلك السجن، فآثار تلك الحقبة حصدت ومازالت تحصد كل شخص تبدو عليه إمارات التدين.

كل ذلك لم يثن نصر عن إكمال تعليمه واستطاع الحصول على الثانوية العامة ليلتحق بكلية الحقوق، وبعد تخرجه منها حاول الانضمام لنقابة المحامين في حماة لكنه كان ممنوعا من ذلك بسبب الحكم السابق وكان عليه الانتظار حتى إعادة اعتباره.

في العام 2000 تمكن نصر من الانضمام لنقابة المحامين في حماه بعد إعادة اعتباره، عمله في المحاماة لم يكن بتلك السهولة ووضعه الصحي لم يكن يسمح له التحرك بحرية لذلك قرر الحصول على وظيفة لكن هذا الأمر كان يشكل تحديا كبيرا له مع الخطوط الحمراء التي وضعت تحت اسمه، لكنه استطاع أخيرا الحصول على موافقة أمنية لوظيفة في أمانة السجل المدني في كرناز ثم نقله إلى أمانة قلعة المضيق، ومع انطلاقة الثورة أصبح الحصول على الوثائق أمرا مستحيلا لكن نصر كان يساعد من يريد الحصول عليها مخاطرا بحياته وبقي كذلك حتى العام 2014 عندما تم توقيف امرأة على أحد حواجز النظام بحوزتها أوراق ثبوتية، فاعترفت باسم نصر وزوجته ليتم اعتقالهما بتهمة الضلوع بأعمال إرهابية، بقيت زوجته معتقلة لمدة شهرين ثم أخلي سبيلها، أما نصر فقد كان يرزح تحت التعذيب وجسده لا يكاد يقوى على التحمل وتم ضربه على مفصل رجله السليمة فتعطل ولم يعد يستطيع المشي وتم تحويله إلى المشفى العسكري فقرر الأطباء أن المفصل تالف وبحاجة لتبديل.

بعد سنة ونصف أخلي سبيل نصر ليجد عائلته وأقربائه قد تركوا بيوتهم وانتقلوا للعيش في المخيمات فلحق بهم ليعيش عاجزا عن المشي دون مساعدة أحد ترافقه أمراض السكري وضغط الدم والتهاب المفاصل، لكنه مازال يمتلك الرغبة في الحياة ورؤية بلده محررا من استبداد هذا النظام والعودة لبيته شامخا دون ذل.
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل