ياسر محمد – حرية برس:
بدل انكماش الهجوم أو تراجع حدته بعد تصريحات دولية وإقليمية وخسائر موجعة، زادت قوات النظام وروسيا حدة هجومها الجوي وقصفها البري على مناطق داخلية في إدلب، مرتكبة مجزرة في مدينة أريحا، فيما تلقت تلك القوات خسائر فادحة في ريف حماة وسهل الغاب، وما زالت عاجزة عن السيطرة على نقطة “كبينة” في ريف اللاذقية التي سقط فيها ضابط روسي قتيلاً أمس.
ميدانياً، ارتكبت الطائرات الحربية التابعة للنظام مجزرة في مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي، اليوم الاثنين، راح ضحيتها سبعة شهداء، وعشرات الجرحى، بينهم نساء وأطفال.
وكان متوقعاً أن تستهدف طائرات روسيا والنظام مناطق إدلب الداخلية بعد انتكاستها في معارك ريف حماة وخسائرها الكبيرة هناك.
واليوم الاثنين، رصدت المراصد العسكرية في ريف إدلب الجنوبي تسع طائرات مروحية تستهدف المنطقة في نفس الوقت، في تصعيد واسع من قوات الأسد والروس تجاه المنطقة.
كما حلق طيران حربي من نوع “ميغ 23” وسوخوي من مطارات حمص وحماة باتجاه ريف إدلب الجنوبي لاستهداف المنطقة بشكل جماعي، بحسب المراصد.
وازدادت وتيرة التصعيد العسكري من قوات الأسد والروس تجاه أرياف حماة الشمالية والغربية وريف إدلب الجنوبي، لتصل المناطق الداخلية مؤخراً.
واعترفت وكالة “سبوتنيك” الروسية أن قوات الأسد وروسيا وسعوا هجومهم على مناطق بإدلب، مستهدفين “معرة حرمة وكفرسجنة” اليوم الاثنين. زاعمة أنهم يستهدفون (جبهة النصرة)، فيما قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 200 ألف مدني تم تشريدهم في الأسبوعين الماضيين من جراء هجمات روسيا والنظام على ريف حماة وإدلب، فيم قال “فريق منسقو استجابة سوريا”، إن عدد النازحين من ريف إدلب وحماة نتيجة الحملة، بلغ أكثر من 425 ألف شخص، كما أعلن توثيق استشهاد 568 شخصاً بينهم 162 طفلاً.
وشملت المناطق التي قصفتها الطائرات الحربية التابعة لروسيا والنظام، اليوم الاثنين، عدة قرى وبلدات منها (الشيخ مصطفى، ومعرة النعمان، والهبيط، وعابدين، وكفرسجنة، ومعرة حرمة، والنقير، والقصابية، وكفرعويد، وكفرنبل، وإحسم، والبارة، وكنصفرة، وأرينبة، وسفوهن، وكرسعة) متسببة بسقوط عشرات الجرحى ومخلفة أضراراً في الممتلكات العامة، ودماراً كبيراً في المنازل وحرائق في الأرضي الزراعية.
الفصائل المقاتلة في الشمال بدت متأكدة من قدرتها على دحر العدوان، وبالفعل فقد كبدت النظام وروسيا خسائر فادحة وصفت بأنها الأكبر منذ أشهر، ووقعت هذه الخسائر في صفوف “الفرقة الرابعة” وميليشيا “قوات النمر” التابعة لسهيل الحسن، و”الفيلق الخامس” التابع مباشرة لروسيا والمشكل من عناصر “المصالحات”.
وبعد اجتماع استثنائي جمع قادة فصائل الشمال أمس الأحد، تحدث قائد “صقور الشام”، أحمد الشيخ (أبو عيسى)، عن تجاوز الخلافات بين فصائل الشمال السوري، كخطوة لصد هجوم النظام المدعوم من روسيا.
وقال الشيخ عبر حسابه في “تلغرام” اليوم الاثنين: “في وجه هذه الهجمة الروسية المجرمة على بقية الأرض والدم أيهما خير، الوقوف على تفاصيل الخلاف الفصائلي أمام هجمة لن تفرق بين أطيافنا وألواننا ومسيئنا ومحسننا، أم ردم الهوة وتناسي شعث الماضي أمام هول الحاضر”، وأضاف: “ما هو مؤكد أننا لن نستطيع دحرهم أشتاتاً، ولكن بعون الله ندحرهم جميعا”.
كما أكد فواز هلال رئيس “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ”تحرير الشام”، والتي تدير محافظة إدلب، عن ثقته في أن مقاتلي المعارضة المتجمعين في إدلب من شتى أنحاء سوريا قادرون على مقاومة الهجوم ودحره.
وقال هلال لوكالة رويترز في مقابلة اليوم الاثنين: “هذه الهجمة شرسة وهي معركة كسر عظم، فالنظام إن استطاع أن يكسر خطوط دفاعنا في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي فلن يتوقف إلا في الحدود”.
وأشار هلال إلى أن دفاعات إدلب تلقت تعزيزات من مقاتلين نزحوا من مناطق سوريا الأخرى مثل الغوطة وحمص ودرعا، مؤكداً أنهم “يمتلكون عقيدة قتالية رائعة”.
أما الردود الدولية والمواقف من التصعيد في إدلب، فاقتصرت على التحذير من استخدام “الكيماوي”، وقال مبعوث وزير الخارجية الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، إن بلاده ستركز على مواصلة الجهود لتهدئة العنف في سوريا مع التركيز حالياً على إدلب، وتنشيط العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
وشدد جيفري خلال تصريحات نشرتها وزارة الخارجية الأميركية على أن واشنطن وحلفاءها لن يتسامحوا مع استخدام أي جهة للسلاح الكيماوي في سوريا، وتابع: “نبقى يقظين لأي استخدام جديد للأسلحة الكيمياوية من قبل النظام السوري في إدلب… في حال استخدم النظام هذه الأسلحة، فإنّ الولايات المتحدة وحلفاءنا سيردون بسرعة وبشكل مناسب”.
وكانت واشنطن ولندن وباريس حذروا نظام الأسد الأسبوع الفائت من أن أي استخدام للأسلحة الكيماوية في إدلب سيُواجه برد “سريع ومناسب”، وذلك بناء على معلومات عن احتمال استخدام تلك الأسلحة في بلدة “كبينة” بريف اللاذقية والتي ما زالت مستعصية على نظام الأسد وروسيا.
Sorry Comments are closed