ياسر محمد- حرية برس:
امتصت فصائل المعارضة في إدلب وأرياف حماة وحلب، الهجوم العنيف الذي شنته قوات الأسد بمساندة سلاح الجو الروسي على مدى الأسبوعين الفائتين، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي أوقعها الهجوم في صفوف المدنيين، إلا أن آمال النظام بالتقدم في نصف قوس من جنوبي إدلب إلى غربها والسيطرة على سهل الغاب، تلاشت وآلت إلى فشل ذريع مترافق بخسائر فادحة في صفوف قوات “النمر” وعناصر “المصالحات”، فيما امتصت تركيا الصدمة وعادت لإملاء شروطها على روسيا، بعدما دعمت الفصائل عسكرياً وعززت نقاطها في أرياف إدلب وحماة.
خسائر وهروب من المعركة
ميدانياً، قالت وسائل إعلام محلية إن قوات “سهيل الحسن” خسرت أكثر من 210 قتلى و400 جريح في المعارك الدائرة بسهل الغاب وجنوبي إدلب، مما أدى لانكسار شوكة ميليشيات النظام هناك، كما خسرت ميليشيا “لواء القدس” الفلسطيني العشرات من عناصرها في جنوب إدلب وغرب حماة، ناهيك عن الخسائر الأكبر التي كانت في صفوف “الفيلق الخامس” الموالي لروسيا والمكون من عناصر “المصالحات” والذين أفاد شهود عيان أن النظام أحرق جثث بعضهم في حرائق الأراضي الزراعية التي افتعلها مؤخراً في المنطقة.
في سياق متصل، نفّذت قوات من “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة” التابعة لقوات النظام، عمليات إعدام جماعية بحق عناصر مجندين قسرياً من أبناء مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقي، بسبب رفضهم الذهاب إلى جبهات حماة.
ونقل موقع “بروكار برس” عن مصدر خاص أن قوات النظام أعدمت منذ عدة أيام 14 عنصراً من أهالي مدينة دوما، وسلمتهم لذويهم على دفعات، أمس الأحد، حيث وصلت جثث 6 شبان، وتأجلت عملية تسليم بقية الجثث لبضعة أيام أُخرى.
وأضاف المصدر أن قوات النظام أخبرت ذوي القتلى، بأنهم لقوا مصرعهم على جبهات ريف حماة، على يد فصائل المعارضة.
تعزيزات سياسية وعسكرية لفصائل المعارضة
يواصل “الجيش الوطني” المتمركز شمالي حلب إرسال التعزيزات العسكرية والمقاتلين إلى جبهات ريف حماة وإدلب، وأمس نشر فصيل “تجمع أحرار الشرقية” صوراً لرتل ضخم تابع لهم انطلق منتصف الليلة الماضية، لمؤازة الفصائل في إدلب وحماة، وكان قد سبقه عدة أرتال من مختلف فيالق “الجيش الوطني”، وذلك بعد أن قررت تركيا دعم جبهات إدلب وحماة، إذ لجأت إلى تعزيز وتدعيم نقطتها العسكرية في “شيرمغار” بسهل الغاب، لقطع الطريق على قوات النظام التي اقتربت من السيطرة على المنطقة، وقال عسكريون وإعلام محلي إن تركيا زودت الفصائل المقاتلة بصواريخ مضادة للدروع، وهو ما بدأ بتغيير الواقع على الأرض في الأيام الثلاثة الأخيرة، وأوقف تقدم النظام لصالح هجمات معاكسة للمعارضة كبدت العدو خسائر فادحة.
وعلى الصعيد السياسي، تواصل تركيا بحث ملف منطقة خفض التصعيد بإدلب مع شريكها الروسي، إذ ناقش وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، ونظيره الروسي، سيرغي شويغو، في اتصال هاتفي اليوم الاثنين، الوضع الراهن في مدينة إدلب.
وبحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، فإن آكار ناقش مع شويغو آخر التطورات في إدلب، والإجراءات التي يتعين اتخاذها للحد من التوتر في المنطقة، ضمن نطاق اتفاق سوتشي.
الاتصال بين الطرفين يعتبر الثالث خلال أسبوع، إذ أجرى الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين اتصالاً في 13 من أيار الجاري، تبعه اتصال بين وزيري دفاع البلدين في اليوم التالي، ولم يفصح الجانبان عن المضمون الحقيقي للمباحثات.
قياديون في الجيش الحر ووسائل إعلام قالوا إن تركيا تفاوض روسيا على وقف إطلاق النار والانسحاب إلى حدود منطقة “خفض التصعيد” قبل الهجوم الأخير.
وكان رئيس المكتب السياسي لـ”الجبهة الوطنية للتحرير”، أبو صبحي نحاس قال السبت الماضي، إن مفاوضات تدور بين الروس والأتراك للتوصل إلى وقف إطلاق نار في إدلب، بعد طلب الجانب الروسي الأمر.
وأضاف نحاس في حديث لصحيفة “عنب بلدي” أن روسيا اشترطت بقاء قوات الأسد في المناطق التي سيطرت عليها، في الأيام الماضية، في ريف حماة الغربي.
ووافقت تركيا على وقف إطلاق النار، لكنها اشترطت انسحاب قوات النظام من المناطق التي تقدم إليها.
فيما أفادت مصادر أخرى أن روسيا وافقت على سحب قوات الأسد من المنطقة مشترطة بقاء “شرطة عسكرية روسية” فقط، إلا أن تركيا تصر على عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل التصعيد الأخير.
Sorry Comments are closed