حرية برس:
أصدرت منظمة العفو الدولية ومجموعة (إيروورز) لمراقبة الهجمات الجوية تقريراً يوم الخميس ذكرتا فيه أن هجوماً دعمته الولايات المتحدة، لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من معقله في مدينة الرقة السورية في العام 2017 تسبب في مقتل أكثر من 1600 مدني، وهو رقم أعلى عشر مرات من الذي أقر به التحالف.
كما أطلقت المنظمتان موقعاً تفاعلياً يحمل عنوان: “لغة الخطاب تفندها الوقائع: كيف حولت أكثر الحملات الجوية دقة في التاريخ الرقة إلى أكثر المدن دماراً في التاريخ الحديث” وذكرت أنه حصيلة أكثر التحقيقات شمولاً وعمقاً في مقتل المدنيين إبان الحروب الحديثة، وذكرتا أنه سيتوفر باللغة العربية في وقت لاحق.
ويتضمن الموقع أعمال بحث استغرقت سنتين، ويسرد الرواية الصادمة لمقتل ما يزيد على 1,600 مدني قتلوا بشكل مباشر جراء آلاف الضربات الجوية، التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، وعشرات الآلاف من عمليات القصف المدفعي، التي شنتها قوات الولايات المتحدة، في سياق الحملة العسكرية للتحالف ضد الرقة ما بين يونيو/حزيران وأكتوبر/تشرين الأول 2017.
وقالت العفو الدولية و(إيروورز)، وهي منظمة مقرها لندن تأسست عام 2014 لمراقبة تأثير الحملة التي تقودها الولايات المتحدة على الدولة الإسلامية، إنهما أجرتا أبحاثاً مدة 18 شهرا بشأن القتلى المدنيين منها شهران على الأرض في الرقة.
وقامت المنظمتان لأغراض هذا البحث، بتجميع وتنسيق خطوط متعددة لمصادر البيانات، وبالتحقق من صحتها.
إذ قامتا بأربع زيارات منذ اندلاع المعارك، وقضى باحثو منظمة العفو الدولية ما مجموعه قرابة شهرين على أرض الميدان في الرقة، حيث أجروا تحقيقات ميدانية في ما يزيد عن 200 من مواقع الهجمات، وقابلوا أكثر من 400 شاهد عيان وناج من القصف.
وتبادلت كلتا المنظمتين ما توصلتا إليه من معطيات، عبر تحليل البيانات وصور الأقمار الصناعية وقواعد البيانات التي اشتملت على وسائل التواصل الاجتماعي ومعلومات المدنيين، مع “التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة” ومع حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
ونتيجة لذلك، اعترف التحالف بالمسؤولية عن مقتل 159 مدنياً- أي نحو 10% من إجمالي عدد القتلى في التقرير- بيد أن التحالف ظل بصورة روتينية ينكر مسؤوليته عمن تبقوا، ويصف البيانات المتصلة بهم بأنها “غير ذات مصداقية”، كما ظل التحالف يتقاعس عن كل مطالبة بإجراء تحقيقات كافية في التقارير المتعلقة بمقتل المدنيين، ويرفض مقابلة الشهود والناجين، مما يشكل اعترافاً بأنه لا يجري تحقيقات في موقع الحدث.
وفي هذا السياق، قالت “دوناتيلا روفيرا”، كبيرة المستشارين في برنامج مواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية: إن “آلاف المدنيين قتلوا أو جرحوا في هجوم تحالف الولايات المتحدة لتخليص الرقة من قبضة تنظيم الدولة الذي حوّل قناصوه وألغامه المدينة إلى مصيدة للموت، إذ افتقرت العديد من عمليات القصف إلى الدقة، بينما اتسمت عشرات الآلاف من عمليات القصف المدفعي بالعشوائية، ولذا فليس من المستغرب أنها قتلت وأصابت المئات من المدنيين”.
وذكر التقرير أن قوات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا قد شنت آلاف الضربات الجوية على أحياء مدنية، وأدت عشرات الضربات منها إلى وقوع إصابات بالجملة في صفوف المدنيين، ووصل الأمر أحياناً إلى تسوية أحياء بكاملها في الأرض، وأضافت أن الحالات التي وثقتها المنظمتان تصل على الأرجح إلى حد انتهاك القانون الدولي الإنساني، ودعتا الدول الأعضاء في التحالف إلى تشكيل صندوق لتعويض الضحايا وأسرهم.
وكانت العفو الدولية قالت العام الماضي إن هناك أدلة على أن ضربات التحالف الجوية والمدفعية في الرقة مثلت انتهاكاً للقانون الدولي من خلال تعريض حياة المدنيين للخطر، لكنها لم تعط حتى الآن تقديراً لعدد القتلى خلال المعركة.
وصرح التحالف مراراً أنه يتوخى الحذر الشديد، لتفادي سقوط قتلى أو مصابين في صفوف المدنيين وإنه يحقق في اتهامات له بفعل ذلك.
تجدر الإشارة إلى أن الدولة الإسلامية قد استولت على الرقة في مطلع 2014 خلال تقدمها الخاطف عبر سوريا والعراق الذي أعلنت خلاله خلافة اتسمت بإعدام الخصوم دون محاكمة، الأمر الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية.
وقد هزم مقاتلو “قسد” المدعومون من الولايات المتحدة التنظيم في آخر معقل له في “الباغوز” في سوريا في العام الجاري.
Sorry Comments are closed