حرية برس:
احتشد السودانيون في الخرطوم، اليوم الخميس، بعد أسبوع على إطاحة الجيش السوداني الرئيس عمر البشير، عازمين على إكمال ثورتهم المطالبة بإقامة حكم مدني.
وتوافد عشرات الآلاف من السودانيين نحو القيادة العامة للجيش، في محاولة للضغط بتنفيذ مطالب الاعتصام بتسليم السلطة لمجلس مدني.
ويشير قادة الاحتجاجات إلى أنهم طالبوا بمجلس عسكري مدني مشترك، لكن كل ما حصلوا عليه كان مجلساً عسكرياً بالكامل يضم شخصيات عدة من النظام القديم، وعلى إثر ذلك، رفعوا سقف مطالبهم.
وقال ’’محمد ناجي‘‘ وهو من قادة ’’تجمع المهنيين السودانيين‘‘، الذي نظّم الحركة الاحتجاجية منذ اندلاعها، ’’نريد إلغاء المجلس العسكري الحالي واستبداله بمجلس مدني مع تمثيل للعسكريين‘‘.
ويطالب منظمو التظاهرات بأن يفسح هذا المجلس المدني الطريق أمام تشكيل حكومة انتقالية تتولى مهامها لأربع سنوات.
وكانت قد سلمت قوى ’’إعلان الحرية والتغيير‘‘ في السودان، مساء الأربعاء، تصورها لآليات ترتيب الحكم في اجتماع مع المجلس العسكري الانتقالي.
وقالت القوى في بيان لها، ’’انتهت قوى إعلان الحرية والتغيير من بلورة رؤيتها المتكاملة والنهائية حول هياكل السلطة المدنية الانتقالية ومهامها ولوائحها لإدارة الفترة الانتقالية وفقاً لإعلان الحرية والتغيير، وقد قام وفد اتصال من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير بإخطار قيادة قوات شعبنا المسلحة بملخص لهذه الرؤية والخطوات التي سيتم اتخاذها في الأيام التالية لعملية تسلم السلطة المدنية الانتقالية لمقاليد الحكم في البلاد‘‘.
وتلخصت رؤيتها في 3 مستويات للسلطة المدنية الانتقالية، تعمل وفق الدستور الانتقالي الذي تمت صياغته من قبلها كالتالي: ’’أولاً: مجلس رئاسي يضطلع بالمهام السيادية في الدولة، ثانياً: مجلس وزراء صغير من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالخبرة المهنية والنزاهة والاستقامة، يقوم بالمهام التنفيذية وتنفيذ البرنامج الإسعافي للفترة الانتقالية، ثالثاً: مجلس تشريعي مدني انتقالي يقوم بالمهام التشريعية الانتقالية، تُمثل فيه النساء بنسبة لا تقل عن 40%، ويضم في تكوينه كل قوى الثورة من الشباب والنساء ويراعى فيه التعدد الإثني والديني والثقافي السوداني‘‘.
وبحسب البيان، ’’سيتم الإعلان عن كل الشخصيات المكونة لهياكل السلطة المدنية الانتقالية في الأيام القليلة القادمة، عقب اكتمال عملية المشاورات الموسعة التي تضمن تمثيلاً عادلاً ومتوازناً لكل قوى الثورة السودانية‘‘.
وكانت قد قالت ’’جوان نيانيوكي‘‘ مديرة برنامج شرق إفريقيا والقرن الأفريقي والبحيرات العظمى، مساء الأربعاء، تعقيباً على الأنباء التي تفيد بأن الرئيس السوداني السابق عمر البشير محتجز في سجن كوبر في الخرطوم، ’’إن عمر البشير متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية، ويجب تسليمه فوراً إلى المحكمة الجنائية الدولية لاتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ويجب ألا تتم المحاكمة في قضيته على عجل عبر نظام السودان القانوني المتسم بالقصور، ويجب تحقيق العدالة‘‘.
وأشار نيانيوكي إلى أن ’’المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ليست مهمة فحسب بالنسبة لضحايا الجرائم الفظيعة التي أدت إلى إدانته، بل يجب أن تشكل خطوة أولى لضمان تحقيق العدالة وإجراء المساءلة في البلاد، ويجب أن يتخذ السودان خطوات عاجلة لإعادة بناء نظامه القضائي، ولكن في الوقت ذاته، فإن الطريقة الوحيدة لضحايا جرائمه المزعومة لإحراز تقدم نحو تحقيق العدالة هي إذا واجه البشير محاكمة عادلة أمام المحكمة الجنائية الدولية‘‘.
وأضافت ’’يجب على السلطات في السودان ضمان توفير الحماية للبشير، إلى جانب جميع الأشخاص الآخرين الذين اعتقلوا واحتُجزوا منذ الانقلاب العسكري، من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي كانت سائدة في السودان‘‘.
واختتمت نيانيوكي قولها: ’’بعد مضي أكثر من عقد على صدور أول مذكرة توقيف ضده في 2009، فقد حان الوقت لكي يواجه البشير العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية‘‘.
وكانت قد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق البشير على أساس وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأنه، إلى جانب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من بينها عمليات القتل والإبادة والاغتصاب، قد ارتكب جرائم إبادة جماعية ضد قبائل الفور والمساليت والزغاوة العرقية.
وحذرت منظمة العفو الدولية الدول من عرقلة تحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، التي اتهم بها البشير، عبر منحه حق اللجوء.
وفي 11 نيسان/أبريل، أقصت المؤسسة العسكرية البشير بينما اعتصم عشرات آلاف المتظاهرين خارج مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم مطالبين برحيله.
وتولّى البشير السلطة عبر انقلاب دعمه الإسلاميون عام 1989 وترأّس نظاما عرف بقسوته على مدى ثلاثة عقود، فيما شهدت البلاد في عهده نزاعات في مناطق عدة حيث انفصل الجنوب ليتحول إلى دولة مستقلة بينما نفّذت عمليات اعتقال طالت قادة في المعارضة وناشطين وصحافيين.
وانطلقت المظاهرات في 19 كانون الأول/ديسمبر للرد على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، لكنها سرعان ما تحولت إلى حركة احتجاجية واسعة في أنحاء البلاد ضد حكم البشير، حيث تردد صدى هتافات ’’حرية، سلام، عدالة‘‘ و’’ارحل‘‘ في المدن والقرى والبلدات.
ورغم أن المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلّم الحكم قام باعتقاله، إلا أنه يرفض تسليمه إلى لاهاي حتى الآن مشيرا إلى أن البت في هذه المسألة يعود إلى الحكومة المدنية التي تعهد تشكيلها.
عذراً التعليقات مغلقة