كيف ينعكس تصنيف واشنطن للحرس الثوري الإيراني على الشأن السوري؟

فريق التحرير11 أبريل 2019آخر تحديث :
عناصر من مليشيا الحرس الثوري الإيراني – أرشيف

عائشة صبري – حرية برس:

يرى أغلبية المعارضين السوريين في القرار الأمريكي الجديد، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الاثنين الماضي، بإدراج ميليشيا ’’الحرس الثوري‘‘ الإيراني في لائحة المنظمات الإرهابية، إنه يقوّض من جهود إيران التوسعية في الشرق الأوسط بالتوافق مع دعم ’’إسرائيل‘‘، ويُضيف عليها أعباء اقتصاديةً وأمنيةً جديدة، كما يأتي من أجل تقوية موقف ترامب لدى الناخبين.

ويتفاءل آخرون بأن المستقبل القريب قد يشهد ضربات عسكرية مكثفة ضد مواقع المليشيات الإيرانية في سوريا، ولن تقتصر على الضربات “الإسرائيلية”، بل ربما نشهد ضربات أمريكية أيضاً، وهنا يطرح ’’حرية برس‘‘ بعض من آراء المعارضين السوريين حول التصنيف الأمريكي الأخير وانعكاساته على الشأن السوري.

وحول تأثير القرار الأمريكي على علاقات البلدين مع دول أخرى، والنتائج التي يُمكن أن تنعكس على الشأن السوري بهذا الخصوص، قال النقيب “رشيد حوراني” الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام: إن “المسألة بشكل عام تتعلق بأنه ليس هناك معياراً ثابتاً لتصنيف هذه المنظمة أو الدولة إرهابية، أو غير إرهابية وبات الموضوع يخضع لاعتبارات سياسية ليس إلا”.

وأضاف: أن “تأثير ذلك على العلاقة بين البلدين لن يتعدى تأثير هذا الأمر على مصالح البلدين، لأن بين الطرفين تبادل مصالح ضمني، فأمريكا لو كانت جادة في وضع حدّ للتمدد الإيراني لكانت وجدت ذلك مناسباً في سوريا، وإلا ما معنى السماح لميليشياتها حتى الآن تسرح على الساحة السورية في الوقت الذي يضيق، ويهجر أهل الأرض الأصليين (درعا مثالاً)؟”.

ويضيف حوراني: يُمكن قراءة انعكاس القرار على الشأن السوري من خلال ما صرّح به الرئيس الإيراني روحاني بأنّ القرار مجرّد شعار سياسي ودعائي، ويُمكن أن تستخدمه أمريكا في ضبط وتحديد سلوك إيران في المنطقة، وفي المقابل ممكن لإيران أن تستخدم أوراقها في المنطقة حيال القرار بهدف تحسين وضعها التفاوضي في كل من سورية واليمن والعراق.

خطوات استراتيجية

بدوره يرى “صالح المبارك” الأكاديمي والباحث في الشأن الأمريكي، أنَّ العلاقة بين أميركا والنظام الإيراني “مثيرة للتفكير”، فالكثير من العرب غارقون في نظرية “التحالف الصفوي الصليبي الصهيوني” بمعنى أنَّ العداء بين إيران من جهة وأميركا وإسرائيل من جهة أخرى هو “تمثيلية”، وهذه النظرية “تُجافي العقل السليم والحقائق على الأرض”.

وقال: إن “إيران تصعّد اللهجة مع أميركا بين فينة وأخرى، وتُغازلها أحياناً، فهي تُريد الموازنة بين سمعتها كدولة مقاومة وممانعة (كما تزعم) من جهة، والبراغماتية والمصلحة من جهة أخرى، وكذلك التصعيد الكلامي مع إسرائيل لكن لا أعتقد أن أيّاً منهما تريد حرباً مباشرةً رغم أن التوتر والعداء حقيقيين”.

ويعتقد أنَّ التصنيف الأمريكي الأخير وبشكل عام التضييقات الأمريكية على إيران التي بدأت بإلغاء الاتفاق النووي معها، له تأثير إيجابي على الشأن السوري، لأنَّها تُساهم في إضعاف إيران اقتصادياً، معتبراً ’’نحن مع تشديد القبضة على طهران التي تستخدم أموال النفط وتجلب المليشيات لتُحارب الشعب السوري‘‘.

ويضيف “المبارك” أن “الإدارة الأميركية السابقة (أوباما) كان لها نهج منفتح على عدد من أعداء أميركا التقليديين، ومنهم إيران وكوبا وفنزويلا، بينما نرى الإدارة الجديدة تلجأ للقبضة الحديدية معهم، ويبدو واضحاً لي أن الإدارة الأميركية تشدّد الخناق على إيران الآن، وخاصة على الصعيد الاقتصادي لتصل إلى أحد مخرجين”. ويتابع: “إمّا تغيير جوهري في النظام بحيث تستلم السلطة إدارة علمانية موالية للغرب (وهذا مستبعد)، أو أن يحدث تغير داخلي من وسط المؤسسة الدينية بحيث يتغلب الجناح البراغماتي الذي يُمكن أن يكون صديقاً للغرب، وبعيداً عن الشعارات: أميركا يُمكن أن تتعايش مع أيّ شكلٍ من الحكم هناك طالما يُحقق لها مصالحها”.

ولهذا السبب، برأي “المبارك” يأتي تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية بغية “زيادة الضغط على إيران، فالآن على كل الدول والشركات التي تُصدّر منتجاتٍ عسكرية، أو غير عسكرية للحرس الثوري أن تتوقف، وإلا تعرضت لعقوبات أميركية”.

ويضيف أن “إيران لا يُمكنها الاعتماد الكلي على حليفتها روسيا، فالعلاقات بينهما ليست متينة، ويمكن أن تزيد في التردي على ضوء التنافس في سوريا، كذلك روسيا صديقة لإسرائيل، ولن تقف إلى جانب إيران في حال المواجهة، فهي لم تعترض أصلاً على الضربات الإسرائيلية المتكررة للأهداف الإيرانية في سوريا، بل باعتقادي كانت مسرورة بتلك الضربات التي تصب في المصلحة الروسية”.

تأثير محدود

فيما يرى الدكتور “فواز العواد” الأكاديمي في التربية وعلم النفس، أنَّه “من الواجب علينا ألّا نبالغ في التفاؤل في تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية للحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، فقد سبق تصنيفها لحزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية منذ عام 1995، ولم يتم تفعيل هذا التصنيف بأيّة إجراءات عملية مضادة لهذه المنظمة إلا ما تم في جانب العقوبات الاقتصادية في آخر عامين”.

وقال: “على الرغم من تنفيذه عشرات من جرائم الحرب ضد المدنيين داخل سوريا، أيضا قوات حزب الله ما زالت تنتشر في الأراضي السورية جنباً إلى جنب مع قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وليس بعيداً عن أنظار قوات التحالف الدولي التي لا تتعرض لهم بأيّة مواجهات مباشرة”.

وأضاف “العواد”: أنّ “حزب العمال الكردستاني التركي الذي تُصنّفه واشنطن كمنظمة إرهابية منذ العام 1997، يُثبت وجود تعامل مباشر مع وحدات حماية الشعب الكردية السورية المتفرعة عن حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، ولاشكّ أنّ هناك عمليّات تسليح ممنهجة لهذه المنظمة الإرهابية تحت مسميات مختلفة”.

وفي هذا السياق، ذكر أنّه يُمكن قراءة الموقف الأمريكي بأنّ “تصنيف منظمة ما بالإرهابية لا يعني إعلان حرب عسكرية، وربما لا يعني أيّة تحركات عمليّة كما هو الحال مع حزب الله اللبناني وحزب العمال الكردستاني، ولكن خطوة تصنيف الحرس الثوري الإيراني سيتم من خلالها زيادة الخناق على أنشطة الحرس الثوري الاقتصادية بالمقام الأول ومحاولة عزل إيران أكثر عن محيطها الاقليمي، وكذلك تضييق الخناق على العلاقات الاقتصادية مع الدول الأوروبية التي تُدار مشاريعها الضخمة من خلال الحرس الثوري”.

وأردف د. “العواد”: أنّ “هذه الخطوات الأمريكية لا يُمكن أن تُفسّر إلّا بالبحث عن صفقات مستقبلية مع إيران وفق منطق السياسة الأمريكية في السنوات الأخيرة، أو بصفقات مع الدول العربية التي تخشى من تمدّد الحرس الثوري الإيراني الذي أصبح له اليد الطولى في العراق وسوريا واليمن”.

ورجح “أنّنا لن نشهد تصعيداً عسكرياً على الأرض ضد الحرس الثوري الإيراني، بل سيترك هذا العمل للاحتلال الإسرائيلي ليقوم بهذه المهمة بالنيابة عن أمريكا من خلال الضربات المتقطعة ضمن الأراضي السورية، وواشنطن ليست مستعدة لأيّة مواجهات عسكرية مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني، وسيبقى الأخير مع حزب الله اللبناني، وباقي الميليشيات الشيعية يعيثون فساداً في الأراضي السورية بدون أيَّة تحركات أمريكية قريبة”.

وأمّا إزاء إعلان واشنطن قرارها بتصنيف مليشيا الحرس الثوري الإيراني في هذه الفترة بالذات، مع أنّ البلدين يحتفظان بعلاقات سيئة على الصعيد السياسي منذ مدة طويلة خاصة في ظل ردود أفعال دولية متباينة أكدت بعضها على خطورة هذا القرار على الوضع الدولي. أفاد النقيب ’’حوراني‘‘، بأنَّ ’’التوقيت يتناسب مع زمن اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، بمعنى حشد التأييد الشعبي لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية، والجميع يعلم تخوّف إسرائيل من التمدّد الإيراني عامةً، وفي سوريا خاصةً، أمَّا عن ردود الأفعال الدولية، فالقليل منها اعترض، أو لم يوافق ذلك، لأنّ الجميع استشعر خطر المشروع الايراني، وستكون علاقاتهم محددة، وليست مفتوحة في إطار المصالح، وليس التعاون والتنسيق‘‘.

بدوره، اعتبر ’’المبارك‘‘ أنَّ ’’هناك تصاعداً في وتيرة اللهجة، والقرارات من الإدارة الأميركية تجاه إيران بدأت بإلغاء الاتفاق الذي وقعه الرئيس السابق أوباما، والاتحاد الأوروبي مع إيران ثم انسحب منه ترامب، والضغوط الأميركية على إيران تصاعدية وخانقة، وهي تصب في مصلحة الثورة السورية‘‘.

وحول تأثير الأمر على مشروع إيران النووي، أشار المبارك إلى أنّه ’’سيكون لها تأثير بالتأكيد على المشروع النووي الإيراني والاقتصاد الإيراني بشكل عام، فلن تجد إيران أحلافاً لها في أوروبا، وغيرها إذ لن يُجازف هؤلاء بمخالفة الأوامر الأميركية، لكن الأمل الوحيد لإيران برأيي هو في الصين وحتى الصين لا تريد أن تُغضب أميركا، فهي براغماتية إلى أبعد الحدود وستفعل ما هو بمصلحتها‘‘.

وتطرّق المبارك إلى أنّ ’’الإدارة الأمريكية بقرارها تُريد إقناع دول الخليج بأنّ خطر إيران أكبر من خطر إسرائيل، وأنّ واشنطن تبذل جهوداً مع بعض دول الخليج للتطبيع المباشر مع إسرائيل، وبالتالي من مصلحة السوريين إضعاف إيران، ولكن ليس لحساب التسويق لإسرائيل‘‘.

يُشار إلى أن مجلس الأمن القومي الإيراني أصدر قراراً بإدراج القيادة المركزية للقوّات المسلحة الأمريكية المسؤولة عن أنشطة الولايات المتحدة العسكرية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في القائمة الإيرانية لـ’’المنظمات الإرهابية‘‘، وذلك رداً على الخطوة الأمريكية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل