تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” التقرير الذي صدر البارحة الأربعاء عن لجنة تابعة للأمم المتحدة، وجاء فيه قيام قوات نظام الأسد وحلفائه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك تجويع المدنيين والقصف العشوائي، عندما استعادة الغوطة الشرقية من المعارضة.
واستطاعت الصحيفة الحصول على نسخة من مسودة سابقة لهذا التقرير من أحد أعضاء اللجنة الأممية (رفض الكشف عن هويته)، وتكشف هذه المسودة عن حذف فقرات تدين استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية.
وتمحورت بعض الفقرات من التقرير النهائي المكوّن من 28 صفحة إلى عدة فقرات تحتوي على ما قيل إنه دليل على استخدام متكرر للأسلحة الكيماوية، لكن التقرير لم يتطرق إلى هوية المسؤول عن هذه الهجمات.
على خلاف ما جاء في المسودة الأولى للتقرير، التي خصصت أكثر من 20 فقرة تحوي أدلة على استخدام واسع للأسلحة الكيماوية من قبل نظام الأسد، مرفقة بشهادات وتوصيف مفصّل حول 6 هجمات على الأقل في الثلث الأول من هذا العام، وأبرزها هجوم 7 أبريل/نيسان الذي أودى بحياة 40 شخص.
وأكدت المسودة التي حصلت عليها الصحيفة أن قوات الأسد والميليشيات التابعة لها استمرت في استخدام الأسلحة الكيماوية في مناطق مدنية مكتظة بالسكان في جميع أنحاء الغوطة الشرقية، ووصفت هذا الاستخدام بأنه “واحد من أكثر أنماط الهجوم الشرسة التي تم توثيقها خلال الفترة التحقيق”.
وجاء أيضاً في المسودة أن بعض الذخائر الكيماوية تم تسليمها عبر صواريخ مدفعية صممتها إيران، مضيفةً أن استخدام العوامل الكيماوية، على الأرجح الكلور، نُفّذ بواسطة ذخائر بدائية بمساعدة الصواريخ، المعروفة باسم “إيرام”.
وقال “هاني مجلي”، أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر والذي يعمل في اللجنة، في مقابلة هاتفية إن التقرير الأصلي عن الأسلحة الكيميائية “كان أطول بقليل مما تراه الآن” في النسخة النهائية، وأن اللجنة قررت تقصير الجزء لأن مسألة الهجمات كانت لا تزال قيد التحقيق.
وأضاف: “عندما حللنا المعلومات، كان هناك عدد من التناقضات، وكنا نظن أننا بحاجة إلى القيام ببعض العمل الإضافي في هذا الشأن”، وعلّق “المجلي” بخصوص المسودة المسربة، التي أشارت إلى وجود معارضة داخل اللجنة بعد أن كشفت أدلة راسخة على استخدام نظام الأسد جرائم حرب منذ فترة قصيرة، من خلال بريده الإلكتروني قائلاً أنها: “مسودة سابقة تم إعادة صياغتها بشكل مختلف”.
ويُشار إلى أن هذه الأسلحة محظورة بموجب معاهدة دولية وقعها الأسد تحت ضغوط في عام 2013، عندما تم اتهام حكومته لأول مرة باستخدام الأسلحة الكيماوية في الصراع، ولا سيما الغوطة، حيث تسبب هجوم 7 أبريل/نيسان في دوما، في انتشار غضب دولي واسع النطاق، ولا سيما أن العديد من الضحايا كانوا من الأطفال الذين ظهروا مختنقين، استناداً إلى مقاطع الفيديو التي نشرها الشهود والنشطاء.
وقالت اللجنة في تقريرها، الذي سيتم تسليمه إلى مجلس حقوق الإنسان الأسبوع المقبل، إن عمليات القصف، وهي الغارات الجوية التي شنتها طائرات نظام الأسد وطائرات العدوان الروسي، أسفرت عن مقتل 1100 مدني وجرح 4000 آخرين في فترة تقل عن الشهر منذ 18 فبراير/شباط.
وقالت اللجنة إنها تنظر في الطريقة التي اتبعت بها قوات الأسد ومليشياته حصار الغوطة الشرقية بشكل غير قانوني، واختتمت اللجنة بالقول: “إن بعض الأفعال التي ارتكبتها قوات الأسد خلال الحصار المفروض على الغوطة الشرقية، بما في ذلك التجويع المتعمد للسكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية، مما يتسبب في معاناة عقلية وجسدية خطيرة”.
عذراً التعليقات مغلقة