ياسر محمد – حرية برس:
شهد فجر العاشر من أيار/ مايو 2018، أكبر تصعيد عسكري “إسرائيلي” باتجاه الأراضي السورية منذ ما يسمى “حرب الاستنزاف” عام 1974م. حيث اندلعت فجر أمس الخميس، أكبر مواجهة عسكرية بين “إسرائيل” وسوريا نظرياً، وبين “إسرائيل” وإيران عملياً، وما كانت “سوريا الأسد” سوى ساحة مُستأجرَة لتلك المواجهة. فقد أطلقت ميليشيات إيران 20 صاروخاً باتجاه مواقع في الجولان السوري المحتل، لترد “إسرائيل” بأكبر حملة قصف صاروخي وجوي ومدفعي منذ 44 عاماً، مستهدفة مواقع للحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء ودمشق وريفها (جنوب سوريا)، وحمص (وسط).
وفيما أعلنت “إسرائيل” أن لا ضحايا مدنيين أو قتلى عسكريين جراء الهجمة الصاروخية الإيرانية على الجولان المحتل، تفاوتت تقديرات وسائل الإعلام لأعداد قتلى إيران وقوات الأسد جراء الهجمة الإسرائيلية الواسعة، ورجحت معظم المصادر سقوط عشرات القتلى ومثلهم من المصابين، فيما أعلنت “إسرائيل” تدمير معظم القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا.
صراع أجنبي على أرض عربية.. ما موقف العرب؟
سرعان ما صدرت ردود أفعال دولية على المواجهة، كان معظمها مؤيداً لـ”إسرائيل” في “الدفاع عن نفسها”، خاصة من الحليف الأمريكي والحلفاء الأوربيين، بينما كان لافتاً أن روسيا حليفة إيران الأوثق في سوريا، اكتفت بالدعوة للحوار وضبط النفس، كما أنها لم تحرك صواريخ “إس400” المضادة للصواريخ، والتي تلوح بها مراراً وتكراراً من دون التفكير باستخدامها ضد أي ضربات تستهدف قوات الأسد أو ميليشيات إيران في سوريا.
إلا أن الغائب الأبرز عن الحدث – على الصعيد الرسمي- كان الدول العربية، والتي هي أولى بإبداء مواقفها كون المعركة جرت على أرض عربية. الموقف العربي الرسمي الوحيد، صدر عن مملكة البحرين، التي قال وزير خارجيتها خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة – في تغريدة على تويتر- إنه “طالما أخلّـت إيران بالوضع القائم في المنطقة واستباحت الدول بقواتها وصواريخها، فيحق لأي دولة في المنطقة، ومنها إسرائيل، أن تدافع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر.”
أما الدول العربية الأخرى، وعلى الرغم من صمتها الرسمي، فيمكن استشفاف مواقفها من خلال تغطيات وسائلها الإعلامية، خاصة وأن الإعلام العربي خاضع للسلطة بشكل مباشر أو غير مباشر، ويعبر عن توجّهات “الدولة” مع سماحية هامشية لا تصل حد الخروج عن رأي وتوجهات السلطة، إلا فيما ندر.
صحيفة الاتحاد الإماراتية عنونت تقريرها حول الحدث: “إسرائيل: أصبنا كل البنية التحتية الإيرانية في سوريا”، واستعرضت “الاتحاد” في تقريرها حجم الهجمة الإسرائيلية على مواقع “الحرس الثوري” الإيراني، وفداحة الخسائر، مستعرضة تصريحات المسؤولين الإسرائيليين في هذا الصدد.
وعنونت “عكاظ” السعودية تقريرها “إسرائيل تعلن تدمير المواقع العسكرية الإيرانية في سوريا”، آخذة نفس المسار في إظهار فداحة الخسائر الإيرانية.
فيما نحت الصحافة القطرية منحى آخر، فاختارت “الشرق” القطرية لتغطيتها عنوان: “23 قتيلاً في غارات إسرائيلية على سوريا”.
أما صحيفة “الوطن” العُمانية فتحدثت بلسان نظام الأسد، وعنونت: “دمشق تتحدث عن مرحلة جديدة من العدوان.. ودفاعاتها تسقط عشرات الصواريخ الإسرائيلية”، والصحيفة معروفة بتبني موقف نظام الأسد ضد الشعب السوري.
ومن مصر، أشارت جريدة “الأهرام” إلى أن “قاسم سليماني” هو من قاد الهجمة الصاروخية على مواقع الاحتلال في الجولان، ونقلت ستة أخبار أخرى عن وكالة أنباء النظام “سانا” تتعلق بتفاصيل العمليات.
ويبقى خيار الوقوف إلى جانب “إيران” من بوابة الوقوف إلى جانب “سوريا” و”حلف المقاومة” خياراً ممكناً للصحافة، بل وينظر إليه بإعجاب وتقدير، وهذا ما اشتغلت عليه واستثمرته الصحافة “الطائفية ومدعية القومية” في لبنان والعراق وبعض دول المغرب العربي.
وفي المقابل، فإن الوقوف مع الطرف الآخر – وإنْ إيحاءً- سيترتب عليه اتهامات جاهزة بالتطبيع مع العدو الصهيوني، علماً أن إيران باتت تحتل أربع عواصم عربية احتلالاً عسكرياً مباشراً أو عبر وكلاء، ويبرر لها جمهورها العربي هذه الاحتلالات تحت ستار وشعار “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل”، بينما ضحاياها يسقطون كل يوم في دمشق وصنعاء وبغداد!..
عذراً التعليقات مغلقة