ترجملة رانيا محمود – حرية برس:
نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالة تناقش الفجوة السياسية الأمريكية تجاه إيران، واعتبرت الصحفية “جينيفر روبن” في مقالتها التي عنونتها ب”بإمكاننا أن نتفق جميعاً بأنه ليس هناك خطة B تجاه إيران” أن المعلقين والسياسيين الذين إما عارضوا الصفقة النووية في ذلك الوقت وابتهجوا لانسحاب ترامب منها، أو الذين عارضوا الصفقة في ذلك الوقت، إلا أنهم كانوا قلقين من تأثير الانسحاب الأحادي، يمكن لكلا هذين الطرفين على الأقل أن يتفقوا مع أولئك الذين أيدوا الصفقة وعارضوا الانسحاب منها، بأنه ليس هناك خطة B.
وترى روبن التي تُعنى بتغطية مجموعة من القضايا السياسية الداخلية والخارجية بأنه يحق للفئتين الأخيرتين (التي عارضت كل منهما الانسحاب من الصفقة النووية، بغض النظر عن موقف كل من الفئتين تجاه الصفقة النووية الأصلية) الإشارة إلى عدم وجود خطة احتياطية سواءً في الماضي أم الآن. ويمكن للجميع فهم عدم ثقتهم في أولئك الذين أيدوا انسحاب ترامب، دون أن يقدموا توضيحاً متكاملاً حول كيفية سير الأمور. مشيرةً إلى الغضب الشديد الذي كان يتملك ترامب، وعدم تمكّن أولئك الذين مهّدوا لتوليه أمور البلاد من فهم تداعيات رغبته بتدمير كل ما قام به سلفه.
وتابعت الصحفية تحليل الوضع قائلةً: “بالتأكيد هناك حديث هستيري حول “تركيع إيران”، لكن ذلك يتطلب تحالفاً موحداً وتجديداً للعقوبات الدولية، وكلا الأمرين صعب للغاية ما لم يكن مستحيلاً بعد قرار ترامب. وقد يستدعي ذلك مواجهة بين الولايات المتحدة وحلفائها، وتهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على الدول التي تختار التمسك بالصفقة. كما سيتطلب سياسة فعلية للتعامل مع العدوان الإيراني في أماكن مثل سوريا، وهذا ما لا نملكه في الوقت الحاضر. وسيتضمن ذلك أن يكون التهديد المؤكد بالعمل العسكري حرب أخرى في الشرق الأوسط صريحاً”.
واقتبست روبن جزءاً مما كتبته “سوزان مالوني” نائبة مدير برنامج السياسة الخارجية في مركز “بروكينغز” لسياسة الشرق الأوسط: “لطالما أصر ترامب على أنه سيبعد أمريكا من التورط في نزاع آخر طويل ومرهق ومكلف في الشرق الأوسط، لكن قراره باستهداف الاتفاق النووي يزيد من احتمالات التصعيد الإيراني، ويحمل معه تهديدات أكبر لمصالح وحلفاء الولايات المتحدة. وتأتي المفارقة الحادة في سخرية ترمب من خطة العمل المشتركة الشاملة المشتركة (JCPOA) لأنها “لم تجلب الهدوء، ولم تحقق السلام”، لكن إلغاء الاتفاق لن يؤدي إلا إلى تأجيج منطقة ممزقة بالفعل من التطرف والمنافسات الطائفية، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة تخليص نفسها كما وعد الرئيس. وإلى أن تحسم الإدارة التناقضات بين أهداف الرئيس المتطرفة، وعدم ارتياحه لمواجهة الإيرانيين على الأرض، واختلاف واشنطن عن حلفائها الأساسيين في هذه المسألة، لا يمكن لترامب أن يأمل في إحراز تقدم في أي عنصر من عناصر التحدي الإيراني”.
وتضيف روبن في مقالتها “ربما لم يقصد مناصرو استراتيجية ترامب جلعنا أقرب إلى خيار المواجهة العسكرية، لكن تأثير المتابعة بهذه الطريقة دون وسيلة معقولة للحصول على نتيجة أفضل من خطة العمل المشتركة سيؤدي بنا بالتأكيد إلى القتال أو الإذعان لبروز إيران كقوة نووية”.
وتأييداً لفكرة النزاع المحتمل، اقتبست روبن جزءاً مما كتبه الدبلوماسي الأمريكي ورئيس مجلس العلاقات الخارجية “ريتشارد هاس”: “قد يفرض قرار ترامب مواجهة حول البرنامج النووي الإيراني لم تحدث خلال عقد من الزمن. إذا كانت إيران ستستأنف أنشطتها النووية المحظورة في خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) ، فثمة خطر حقيقي بأن تقوم الولايات المتحدة أو إسرائيل بشن هجمات ضدها ، مما يؤدي إلى نشوب صراع إقليمي ذي أبعاد غير معروفة. لم تكن هناك حاجة ملحة لتغيير سياسة الولايات المتحدة الآن. كان من الممكن أن يكون المسار الأكثر حكمة هو العيش مع خطة العمل المشتركة، ومواصلة المفاوضات مع الأوروبيين وغيرهم حول ميثاق آخر لتوسيع القيود النووية الإيرانية، والضغط من أجل فرض عقوبات جديدة مرتبطة ببرنامج الصواريخ البالستية الإيراني، والعمل أكثر لإحباط جهود إيران حول الشرق الأوسط، بما في ذلك إبقاء القوات العسكرية الأمريكية في سوريا “.
علقت روبن على ما كتبه هاس بأن ذلك كان يتطلب رئيساً عقلانياً، وليس واحداً مدفوعاً بالاستياء والعداء الشخصي تجاه باراك أوباما. مضيفةً: ” يبدو أن أنصار النهج الحالي قد نسوا دروس حرب العراق: المضي قدماً بحذر، والنظر في العواقب غير المقصودة، ودراسة السلبيات إذا ثبت أن افتراضاتك خاطئة وتعمل بالتنسيق مع الحلفاء والكونغرس”.
واعتبرت روبن أنه يجب على المرء أن يتساءل حقاً عما إذا كانت الإدارة الأمريكية تملك إجابات على أي من الأسئلة التالية:
*ما هي الإجراءات التي تعتبر الولايات المتحدة نفسها قادرة للقيام بها إذا استمرت إيران والأطراف المتبقية في الاتفاق في الالتزام بشروطها؟
*هل الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراءات اقتصادية ضد حلفائها لمنعهم من البقاء في الصفقة؟
* هل الولايات المتحدة على استعداد لجعل شركاتها تتخلى عن الصفقات الجارية في إيران؟
* إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على إجبار القوى الأخرى على التخلي عن الصفقة، ماذا سنفعل إذا طردت إيران المفتشين؟
* إذا غادر المفتشون، كيف ستكون الولايات المتحدة في وضع أفضل مما كانت عليه في إطار خطة العمل المشتركة الشاملة للكشف عن عملية إيران نحو حرب نووية؟
* إذا واصلت إيران عملها من حيث توقفت، أو ما هو أسوأ من ذلك، تسريع عملها في إنشاء قنبلة، هل الولايات المتحدة جاهزة لعمل العسكري ولو من جانب واحد؟
* ماذا ستكون نتائج هذا العمل العسكري؟
*ما الذي قد يدفع حلفاء الولايات المتحدة الآن للتعاون معها في فرض عقوبات ضد إيران بسبب سلوك غير نووي، أو الالتزام بمساعدة الولايات المتحدة في التحقق من العدوان الإيراني الإقليمي؟
* ماذا ستفعل الولايات المتحدة إذا جددت المملكة العربية السعودية تهديداتها للحصول على قنبلة خاصة بها؟
وأشارت روبن إلى أنه مهما كانت الأجوبة على هذه الأسئلة، فإن الجميع يتفق على أن الرئيس لم يخض في هذه الأمور ولا حتى في عشرات الأسئلة الأخرى قبل اتخاذ قرار بالانسحاب. إن مدى تفكيره هو: “صفقة إيران سيئة. أنا أنهي صفقة إيران “.
وأضافت روبن: “عند المطالبة بالانسحاب من الصفقة الإيرانية، كان ينبغي على السياسيين والنقاد أن يتعاملوا معنا. كان السؤال الصادق الذي طرحوه هو: هل يجب أن ننسحب من صفقة معيبة دون المرور بكل العواقب النهائية، وبدون فهم كامل مع الحلفاء فيما يتعلق بالخطوات التالية؟ ولأنه لا يوجد شخص عاقل سوف يستجيب لمثل هذا السؤال بـ “نعم”، فإن مهندسي هذه القفزة النوعية إلى الظلام جعلوا الأمر يبدو وكأنهم اكتشفوا كل شيء. كانوا سيصدقون أنه لا يوجد أي خطر، وأننا سنكون أسوأ حالاً بدون خطة العمل المشتركة المشتركة (JCPOA) مقارنة بحالنا في ظل وجودها. لذلك فإنهم يتحملون مسؤولية سياسية وأخلاقية كبيرة”.
واختتمت روبن مقالتها بالقول : “لنردد، ما الذي يأتي بعد ذلك يا رفاق؟”
عذراً التعليقات مغلقة