اختتمت أمس الأحد في زيوريخ السويسرية فعاليات برنامج “تحت سماء واحدة – المنظورات الجندرية في العالم العربي”، التي جرت على مدار خمسة أيام، في مركز روت فابريك الثقافي، وتضمنت عروضاً لأفلام من الأردن، لبنان، فلسطين، سوريا وتونس، أنتجت بين عامي ١٩٨٤ – ٢٠١٨. وهي أفلام وثائقية أو إثنوغرافية، اعتمد مخرجوها مقاربات مختلفة لقضايا الأدوار الجندرية، القضايا الدينية والثقافية، وقضايا ما بعد الاستعمار، وتمتاز بطابع محلي وعابر للحدود في آن معاً.
الكاتبة والمتخصصة في تنظيم الفعاليات الثقافية، راييل نايمان، والتي نظمت البرنامج، قالت “لحرية برس” إن هذه العروض تأتي ضمن سلسلة فعاليات تعمل عليها خلال السنوات الأخيرة. نايمان التي عاشت في الشرق الأوسط مدة عقد كامل، تحاول التجسير ثقافياً بين سويسرا والعالم العربي بشكل خاص، وهي تركز في هذه المرحلة على الأبعاد الجندرية في العمل الثقافي العربي، خصوصاً في فترة الثورات العربية.
وتشير نايمان إلى الدوافع وراء اختيار الأفلام: “اهتمامي بهذا النوع من الأفلام تولد في منتصف ثمانينات القرن الماضي، حين حضرت عرضاً لفيلم ليلى والذئاب للمخرجة اللبنانية هيني سرور. بالنسبة لي، كان فيلماً نسوياً بديعاً من الشرق الأوسط، يتعامل مع حضور النساء في حركة المقاومة في فلسطين ولبنان. اختياري لعرض هذا الفيلم مثلاً جاء للإشارة إلى أن حقوق النساء في العالم العربي هي داخل دوائر الاهتمام والنقاش منذ وقت طويل. وأن ما نشهده اليوم من تركيز على قضايا النساء العربيات ليس بدعاً ولا طارئاً، بل هو تتمة لمسيرة طويلة بدأت قبل عقود.
وتضيف: “لقد بنيتُ على وقع هذا الفيلم رؤية بعيدة المدى، قد يكون هذا البرنامج أحد وجوهها، وما يعرض اليوم من أفلام أنتجت مؤخراً ليس إلا الجهة الأخرى من قوس قزح”.
وعن تفاعل الجمهور السويسري، تقول نايمان: “عدت من الشرق الأوسط نهاية عام ٢٠١٢، بالكثير من الأفكار. ما أفعله اليوم هو دعوة فنانين ومثقفين من الشرق الأوسط ليتحدثوا عن أنفسهم وعن تجاربهم، وهي بالنسبة لي أشبه بعملية تثقيفية للسويسريين، تمكنهم من اكتساب المعرفة حول الحياة والواقع الاجتماعي في الشرق الأوسط بعيداً عما تصدّره لنا الصحافة الأوروبية بقوالبها الجاهزة”.
أما عن الأفلام التي عرضت من سوريا، فكانت: ملكات سوريا لياسمين فضة، وإجهاض الروح لبهراء حجازي.
يسلط الأول الضوء على تجربة المخرج المسرحي السوري عمر أبو سعدة في العمل مع نساء سوريات لاجئات في الأردن، في مسرحية “نساء طروادة”، وفتح الأفق أمامهن لرواية قصصهن بقالب درامي يعود للتراجيديا اليونانية “طروادة”.
ومن خلال الفيلم، تعرض المخرجة لأسباب لجوء أولئك النساء، المتمثلة في ما جرّته الثورة السورية من عنف النظام السوري، كما تسلط الضوء على ما يواجهنه من تحديات اجتماعية واقتصادية في الأردن.
أما إجهاض الروح، فهو نافذة واسعة تفتحها بهراء حجازي على قضية الحمل جراء الاغتصاب في المعتقلات، وكذلك الإجهاض داخل المؤسسة الزوجية، وما يترتب على الحالتين من إجهاض روحي يتمثل في انعكاسات نفسية وصحية على النساء، وكيف ساهمت الثورة السورية في خلق حالة من القدرة على المواجهة لدى النساء اللواتي خضن هذا النوع من التجارب. كما تسلط المخرجة الضوء على إجهاض روحي من نوع آخر، يتعرض له الذكور الذي اغتصبوا داخل المعتقلات السورية أو هددوا بالاغتصاب.
أما عن الأفلام التي عرضت من باقي الدول العربية، فنذكر منها: ليلى والذئاب، للبنانية هيني سرور، ١٩٨٤. اسمي ليس علي، للمصرية فيولا شفيق، ٢٠١١. من أجل نساء مصر للمصرية تهاني راشد، ١٩٩٧، حكي فاضي لمجموعة مخرجات فلسطينيات، ٢٠١٦، وغيرها من الأفلام التي تقدم طروحات صادقة وعميقة حول واقع وتطلعات نساء المنطقة، وحول سبل النهوض بهذا الواقع، حتي وإن أخذ عليها طابعها المفرط أحياناً في الثورية من جهة، واقتصار فرص مشاهدتها على المحظوظين ممن يحضرون المهرجانات السينمائية من جهة أخرى.
يشار أن عدداً من الكتب والروايات النسوية أو التي تنطوي على بعد نسوي، لمؤلفات عربيات، عرضت على هامش البرنامج بنسخ عربية، إنجليزية وألمانية، جاء ضمنها: رائحة القرفة لسمر يزبك، أبنوس لروزا ياسين حسن، وكتب أخرى لنورا أمين، لطيفة الزيات، شيرين الفقي، علوية صبح وغيرهن.
عذراً التعليقات مغلقة