عندما تبكي أم عدنان!!

فريق التحرير30 أكتوبر 2017آخر تحديث :

لم تترك الحياة على وجهها آثار التعب والحزن والألم فقط، بل حفرت أيضاً بقسوتها خطوط التجاعيد إلى أن وصلت إلى قلبها الذي أرهقته أثقال الحياة.. ولم تكن الحرب أقل قسوة من سنوات الشقاء، فزادت على وجهها قناع قهر لم يعد ممكناً انتزاعه!

تدمع عينا أم عدنان ما إن نسألها عن حزنها الذي نعلم له أسباباً بعدد الآهات التي تطلقها كل يوم.

تدمع عينا هذه العجوز الطيبة التي دلفت إلى عقدها الثامن بكل ما لسطوة هذه السنوات من قسوة.

تدمع عينا العجوز التي تحفظ ريف درعا وسهل حوران عن ظهر قلب عاشق، وعاصرت الكثير الكثير من أحداث سوريا، بحلوها ومرها، ولكنها كما تقول، لم تتخيل يوماً أن يأتي عليها يوم وتشاهد فيه كل هذا الموت والخراب في البلاد التي لا تعرف حباً لبلاد سواها؟

لم تتخيل أنها ستعيش لتشهد حرباً ملعونة إجرامية يقتل فيها حاكم البلاد وجنوده أبناء بلدها، ولا تكاد تصدق حتى الآن أنها تعيش في زمن احتلال ايران ومليشياتها الطائفية وروسيا ومرتزقتها لبلادها.

تتنهد أم عدنان وهي تروي مشاهداتها عن صبر السوريين وجهادهم حتى نالوا الاستقلال عن المستعمر الفرنسي.

تتنهد أم عدنان وتأمل أن تعيش لتشهد جلاء المحتلين الجدد الأكثر دموية وإجراماً.

لم تنته قصة أم عدنان بعد..

تدمع عيناها بمرارة هذه المرة وهي تروي ألمها لفراق حفيدها.. إبن ابنتها، الذي ضربها خبر استشهاده كصاعقة لم تنهض من فاجعتها بعد.

لم تنته قصة أم عدنان بعد..

فالسيدة التي عاشت في بيتها أكثر من سبعين عاماً .. أجبرتها وحشية القصف على مغادرته مكرهة.. غادرته رغم أنه يعني لها الكثير، فيه فرحت واستقبلت وودعت وربّت أولادها وأحفادها.. وفي جنباته تعيش ذكريات حياتها.

كانت تتمنى أن تموت فيه وحولها أولادها وبناتها وأحفادها ولكن حتى هذه الأمنية لم تتحقق، وأصبحت نازحة غريبة في بلادها عاجزة فوق عجزها لا ولد ولا معيل سوى رب العالمين وابنتها فقط.

بدت حزينة جداً والبؤس يصرخ من تفاصيل وجهها وهي تنظر إلى العدسة عندما التقطنا لها الصور، تكاد عيناها تنطق وتقول لنا: مانفع هذه الصورة؟ ماذا سوف تنفعكم عجوزٌ مثلي؟ دعوني وشأني!

كانت تنظر إلينا بحسرة .. وقوة أيضاً، وربما خطر في بالها أن أولادها وأحفادها قد يرون صورها .. فأشرق بوجهها بارق أمل.. وأخفت عينيها التي لا تستطيع أن تغالب الحزن فيها.

ولأننا أبناء أم عدنان .. لا ننشر لها صورة الدموع… ونكتفي بلقطة لخجلها الذي يفوق بجماله روعة شروق شمس حوران!

  • لجين مليحان – عمر إدلبي
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل