بسام الرحال – حرية برس:
مع انتهاء العام الخامس من الثورة السورية وتشرد آلاف الأسر من منازلها داخل سوريا وخارجها، أصبح من الملحّ على رب الأسرة إيجاد حلول إسعافية تنموية لإغاثة أسرته، وإيجاد مصدر رزق دائم بدلا من انتظار المساعدات التي شحت أو انتظار المعونات التي تذهب غالبا الى غير مستحقيها، لكن تدهور القطاع الاقتصادي وتزايد حالات البطالة وتوقف المعامل والشركات أو انتقالها الى مناطق أخرى وتوقف الزراعة بسبب قصف الحقول والأراضي التي كانت مصدر رزق للكثيرين حال دون ذلك، ما يجعل رب الأسرة يقف عاجز أمام القيام بأي مشروع لاسيما إذا كان من أصحاب الدخل المحدود ولا يملك المال الكافي لتمويله، خاصة إذا كان ينوي القيام به بمفرده مما اضطر الكثير من العائلات إلى المشاركة برأس المال لإنشاء مشروع تنموي مع اتفاق فيما بينهم على تقسيم الربح بين المساهمين.
ومع الحملات العسكرية المتكررة من النظام على ريف حمص الشمالي وازدياد الصراع المسلح على الأرض وعدم وجود بريق أمل يؤكد على انتصار الثورة السورية في المدى المنظور، هذا كله أدى الى تفاقم الأزمة يوميا وجعل الفقر هو الحالة السائدة بين السكان، مما دفع بعض الأسر إلى حلول مستحدثة تعتمد على مبدأ المساهمة في مشروع واحد وتوزيع الربح حسب نسبة المال المقدمة لكل من المشاركين.
وعن ذلك يحدثنا “منار أبو الزين” من سكان مدينة الحولة قائلاً :”اتفقنا أنا وعدة أصدقاء مؤخرا على المشاركة برأس مال واحد للقيام بمشروع من المشاريع المتوسطة، وقمنا بافتتاح مطعم للوجبات السريعة وأسميناه (مطعم السلطان )، وهو الآن يعمل بشكل جيد و يدر علينا الأرباح التي نقوم شهريا بتوزيعها علينا كل حسب نسبته في رأس المال”.
ويضيف “منار” قائلا : “أحصل شهريا على دخل قليل بسبب تقسيم الأرباح على عدة أشخاص من الذين ساهموا معي بهذا المشروع لكني الآن استطيع تأمين الحد الأدنى للعيش لي ولأسرتي، و لولا رأس المال الذي ساهم به الجميع ما كنت اقدر على القيام بهذا المشروع بمفردي، وينطبق هذا الكلام على شركائي بالمطعم جميعا، فنحن نكمل بعضنا بعضا والجميع راض عن ما يقدمه لنا من إيرادات مالية شهرية حتى وإن كانت بسيطة”.
إن انتشار مثل هكذا مشاريع في المناطق المحررة برأس مال كبير نوعا ما سيلقى رواجا بين المواطنين، لأنها ستكون بديلا عن أي عمل منفرد يقوم به أي شخص برأس مال صغير مصيره الفشل ذلك بسبب تحكم تجار الأزمات بكافة الأسواق مستغلين رأس مالهم الضخم وحاجة الناس خصوصا المهجرين منهم، وهناك العديد من المشاريع التي تعتبر تجارب ناجحة بدأت تتشكل مؤخرا بمناطق عدة في الريف الحمصي، ويعمل أصحابها على تنميتها وتوسيع موارد الدخل فيها من خلال ازدياد رأس المال الذي يساهم به المشتركين.
يقول “رائد” وهو تاجر يعمل بمجال الاتصالات في مدينة كفرلاها بريف حمص الشمالي : “مهنتي هي الاتصالات وأملك (مركز الرائد للاتصالات) حيث أقوم بصيانة وتصليح جميع أنواع الأجهزة بالإضافة إلى تحويلات الرصيد، لكن إقبال الكثيرين من سكان المنطقة على هذه المهنة جعل مردودي المالي ضعيف جدا، فقمت منذ مدة أنا وصديقي “بشار” بتأمين مبلغ من المال مناصفة للعمل في تجارة الهواتف النقالة والذي يحتاج الى رأس مال كبير نظرا لارتفاع أسعارها وخاصة الحديثة منها، وبتوفيق من الله تعالى تجارتنا مزدهرة ورأس المال في إرتفاع مستمر والأرباح معقولة وجيدة وأستطيع أن أشتري لأسرتي جميع متطلبات المعيشة”.
ويرى رائد : “أن الكثير من الشباب استسلموا للبطالة نتيجة إتكال فئة كبيرة منهم واعتمادهم على الدعم المجاني والإغاثة وامتهنوا مهنة مقارعة رزقهم على أبواب الجمعيات الخيرية التي تكاد لا تكفي لـ 30% من فقراء المنطقة، فعندما لا يحصلون على مساعدات من هذه الجمعيات ذلك سيؤثر سلبا على طريقة معيشتهم وسيؤدي إلى ضياع وتشتت أسرهم، مما يدفع بعض الأشخاص ذوي النفوس المريضة والتي دفعتهم الحاجة إلى طرق ربما تكون غير شرعية لتأمين موارد مالية تكفل له ولعائلته البقاء.
يشهد ريف حمص الشمالي معوقات عسكرية واقتصادية واجتماعية وخدمية تؤدي الى تفاقم ظاهرة البطالة بشكل مخيف ويجعلها من اخطر المشكلات التي تواجه المنطقة واستقرارها، كما تعد أيضا إحدى التحديات التي يجب الانتباه لها والإسراع في إيجاد الحلول من قبل الفعاليات الاجتماعية، حيث عمدت المجالس المحلية التي تدير المنطقة منذ تشكيلها على تشجيع قيام مشاريع صغيرة ومتوسطة وكبيرة وتمويلها إن أمكن، والاهتمام بالصناعات الصغيرة والحرف اليدوية العاملة وتفعيل نشاط لجان الزكاة ومصاريفها في تمويل بعض المشروعات الفردية الخاصة.
يقول”عبد العليم خرفان”رئيس المجلس المحلي الموحد في مدينة الحولة: “نقوم بالتواصل بشكل دائم مع مسؤول المشاريع التنموية في الحكومة السورية المؤقتة، وقمنا برفع عدة دراسات لمشاريع تفيد المنطقة وتوفر فرص عمل للشباب العاطل عن العمل لكن دون جدوى وإلى الآن لم تأتي الموافقة، ولا نعلم لماذا وعند سؤالنا عن السبب تكون الإجابة دائما (مافي دعم حاليا )”.
عذراً التعليقات مغلقة