أقلعت ثمان طائرات مروحية من قاعدة «خراب عشق» الجوية الأمريكية جنوب مدينة عين العرب/ كوباني، فجر الاثنين، هبطت ثلاث مروحيات فيما استمرت الأخريات بمهمة الرصد والتغطية النارية على كامل محيط قرية السويدة الجنوبية بمنطقة الغندورة التابعة لبلدة جرابلس بريف حلب الشرقي.
بدأت العملية الساعة 1:30 فجرا واستمرت قرابة الساعتين، حلقت الطائرات الثماني في محيط المنطقة، قرابة الساعة، حتى ضمنت توقف الحركة بشكل كامل ومن ثم هبطت ثلاث منها ونزل قرابة 30 جنديا من القوات الخاصة الأمريكية بهدف مطاردة قيادي في تنظيم «الدولة الإسلامية» وطالب رجل يتحدث اللغة العربية بلهجة عراقية الهدف بتسليم نفسه وطالب أهالي القرية بالتزام منازلهم.
وقصفت الطائرات المروحية المكان بواسطة صاروخين على الأقل وطارد الجنود إبراهيم الشيخ موسى الملقب بـ «الدليهم» وهو قيادي محلي سابق لتنظيم «الدولة الإسلامية» ومن أبناء القرية، وروى أحد شهود العيان أن القتيل جرى استهدافه بنحو20 رصاصة بعد هروبه من المنزل الطيني الذي كان يقيم فيه باتجاه أحد الأزقة ولكن تمكنت القوات من اللحاق به وإطلاق النار عليه من مسافة قريبة جدا.
يأتي الهجوم الأمريكي الثالث ليعزز فرضية وجود صلة بين القادة الثلاثة ويشير إلى أن التنظيم أصبح أكثر قدرة على خلق تهديدات خارج منطقة نشاطه الفعلية في الصحاري العراقية والسورية.
كما دفع الانزال غير المنسق عناصر من فصيل «صقور الشمال» في الفيلق الأول بالجيش الوطني السوري المعارض للاشتباك مع فرقة المهام الخاصة الأمريكية، وأدى ذلك إلى مقتل عنصرين من الفصيل المعارض. واستمرت عملية الهجوم البري من لحظة هبوط الطائرات قرابة 50 دقيقة، حسب مصدر عسكري معارض في المنطقة.
بعد الانسحاب الأمريكي وصلت سيارات الدفاع المدني ونقلت جثتي العنصرين في الجيش الوطني إلى مستشفى الأمل في الغندورة، فيما قام أقارب القيادي في التنظيم بسحب جثته ودفنها، ومن المرجح أن القوات الأمريكية قد قتلت القيادي وسحبت جثته إلى مكان أقرب للطائرات بهدف أخذ عينات الحمض النووي والتحقق من شخصه.
من جهة أخرى، قالت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان لها، الاثنين، أن الشخص المستهدف في الهجوم هو عبد الهادي محمود الحاج علي وهو المخطط العملياتي المسؤول عن التخطيط لهجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا.
وأشارت أنه «قتل في غارة جوية أحادية الجانب أُعلن عنها سابقا في شمال سوريا» مشيرة إلى أن الحاج علي كان «الهدف الرئيسي للعملية» في تجنب واضح إلى مقتل عناصر الجيش الوطني التابعين لفصيل «صقور الشمال». ولفت البيان إلى أن هذه العملية مرتبطة بكشف استخباراتي «عن مخطط لداعش لاختطاف مسؤولين في الخارج واستخدامهم كأحد وسائل الضغط». وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية جو بوتشينو «نعلم أن لدى التنظيم التوجه في ضرب أهداف خارج منطقة الشرق الأوسط» وقيم الغارة بأنها تشكل «ضربة كبيرة لعمليات داعش في المنطقة لكنها لا تقضي على قدرة داعش على القيام بعمليات».
وفي تعليقات أخرى حول العملية، قال البيت الأبيض أنه جرى التخطيط المكثف لهذه العملية بهدف «ضمان تنفيذها بنجاح. ولم يصب أي جندي أمريكي، ولم تتضرر أي طائرات هليكوبتر أمريكية، وتقديراتنا تشير إلى أنه لم يسقط قتلى أو جرحى بين المدنيين».
تضارب الأنباء بين الإعلان الأمريكي وشح المعلومات وتكتم الجيش الوطني تشير إلى وجود شخص رابع غير معلن عنه أو جرى تجاهله عن قصد وهو قيادي آخر غير «الدليهم» المعلن عنه. وهو عبد الهادي الحاج علي والذي ينحدر من منطقة السفيرة حسب مصادر محلية وهو هدف العملية الأمريكية، ويبدو أنه معروف بالنسبة لقادة «صقور الشمال» باسم هلال العايد، وليس المستهدف هو «الدليهم» رغم أن الأخير – حسب تقصي «القدس العربي» واتصالاتها- كان يشغل منصب أمني منطقة الغندورة في تنظيم «الدولة الإسلامية» قبل عام 2016.
وحسب معلومات متقاطعة من شهود عيان، فقد تفاجأ أهالي القرية بوجود إبراهيم الشيخ موسى «الدليهم» في القرية منذ طرد تنظيم «الدولة» من المنطقة بعد معركة «درع الفرات «عام 2016. وهو الذي سجن عدة سنوات في سجون «قسد» وجرى إطلاق سراحه قبل نحو عام ليقيم في مدينة منبج التي ما زالت «قسد» تسيطر عليها. والسياق الأكثر منطقية أن يكون الشيخ موسى قد عاد بمهمة للقاء الهدف الذي تسعى له القوات اأامريكية.
وفي سياق منفصل، علمت «القدس العربي» أن صلة قرابة تجمع بين الشيخ موسى وأحد قتلى عناصر «صقور الشمال» ونفى مصدر محلي ما جرى تسويقه أن يكون الشيخ موسى قد سجن لدى الشرطة العسكرية في جرابلس، مؤكدا أن دخوله إلى القرية حديث ولم يفت عليه أكثر من أسبوع.
اللافت، أن واشنطن نفذت عمليتين منفصلتين في وقت متقارب، استهدفت الأولى القيادي اليميني المعروف باسم حذيفة اليميني وهو «المسؤول عن تسهيل العمليات الهجومية في تنظيم داعش واثنين من مساعديه في غارة نفذتها مروحية» في شرق سوريا. كما قتلت القوات الأمريكية القيادي في تنظيم «الدولة» خالد اياد أحمد الجبوري، وزعمت القيادة المركزية الأمريكية أنه «خطط لتنفيذ هجمات في أوروبا». ويأتي الهجوم الثالث ليعزز فرضية وجود صلة بين القادة الثلاثة ويشير إلى أن التنظيم أصبح أكثر قدرة في خلق تهديدات خارج منطقة نشاطه الفعلية في الصحاري العراقية والسورية.
وفي إطار محاربة تنظيم «الدولة الاسلامية» اعتقلت «قسد» بدعم من قوات «التحالف الدولي للقضاء على داعش» قيادياً في التنظيم خلال عملية أمنية شرقي سوريا.
وقال المكتب الإعلامي لـ«قسد» الخميس، إن قوات «مكافحة الإرهاب» شنت عملية أمنية في بلدة جديد بكارة بريف محافظة دير الزور الشرقي، وأدت العملية إلى اعتقال «متزعم سابق في تنظيم داعش بدعم جوي من التحالف الدولي» وإن المعتقل كان «ينشط في نقل الأسلحة والعبوات الناسفة والذخيرة والأموال إلى خلايا التنظيم» في منطقة دير الزور وشمال وشرق سوريا.
وقبل ذلك بيوم، قامت القيادة المركزية الأمريكية بعملية إنزال جوي بمساندة برية من قوات مكافحة الإرهاب في وحدات «حماية الشعب» الكردية في قرية السجر بدير الزور.
في المقابل، تستمر خلايا التنظيم بمهاجمة الموظفين المدنيين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، حيث تبنى مقتل عنصرين من عناصر «مجلس دير الزور العسكري» الأربعاء، وفقد العنصران منذ قبيل ظهر نفس اليوم، ووجدت جثتيهما على طريق أبو خشب غرب دير الزور ويشير مقتلهما إلى أنهما قتلا برصاصات في الرأس. وأعلنت وكالة «أعماق» الناطقة باسم التنظيم تفجير عربة عسكرية تتبع لـ«قسد» جنوب الحسكة بالقرب من قرية جزمر.
وجرح عنصران من «قسد» في إطلاق نار، الخميس، بهجوم نفذه ملثمون مسلحون يستقلون دراجة نارية، أطلقوا النار على حاجز في قرية الحريجي شمال دير الزور.
وتعتبر عملية الإنزال الأمريكي الثانية من نوعها في منطقة جرابلس، حيث نفذت قوات التحالف الدولي إنزالا سابقا استهدف والي الرقة في تنظيم «الدولة الإسلامية» في 16 حزيران (يونيو) 2022 في قرية أم دم.
وأعلن «التحالف الدولي للقضاء على داعش» في آذار (مارس) القضاء على التنظيم رسمياً في جيب الباغوز الحدودي مع العراق، شرق نهر الفرات، ولا يزال التنظيم منذ تلك اللحظة يعمل بنظام «الولايات الأمنية» في سوريا والعراق وينشط على شكل خلايا ولا يفضل إعلان سيطرته على منطقة جغرافية مطلقا، تجنبا لاستهدافها من قبل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
عذراً التعليقات مغلقة