يقول الشاب السوري “ماجد” إنه “يفضل البقاء في هذا السجن مدى الحياة على العودة إلى سوريا”، ورغم ذلك تجري السلطات الفرنسية المعنية اتصالات مع نظام بشار الأسد، رغم قطع العلاقات الدبلوماسية معه، لترحيل ماجد (22 عاما) إلى وطنه، وهو قيد الاحتجاز حاليا قرب مطار شارل ديغول رواسي، وذلك بعد أن أعطت العدالة الفرنسية الضوء الأخضر لطرده من الأراضي الفرنسية.
موقع “ميديابارت” الاستقصائي الفرنسي أضاف أن ماجد، وصل يوم الخامس من أكتوبر الماضي إلى أحد المراكز حيث تحتجز الشرطة الأجانب غير النظاميين تمهيداً لطردهم، على الرغم من أن وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان نفسه أوضح قبل شهر أن “السوريين والأفغان، تصدر في حقهم OQTF (وثيقة إجبارية لمغادرة الأراضي الفرنسية) لكن لا يمكن طردهم بحكم الأوضاع في بلدهم”. لكن في هذه الحالة ما الذي يفعله ماجد إذن في مركز الاحتجاز هذا على مرمى حجر من مطار شارل ديغول رواسي؟ يتساءل “ميديابارت”.
ويوضح الموقع الفرنسي أنه تم القبض على ماجد في باريس أثناء تفكيك مخيم اللاجئين. في ذلك اليوم، أصدرت محافظة باريس وثائق OQTF لسبعة وأربعين شخصا. تم وضع سبعة وعشرين شخصًا من الأشخاص الذين ليست لديهم وثائق المستهدفين بهذا الإجراء الإداري، بمن فيهم ماجد، في مركز للاحتجاز تمهيداً للترحيل، وذلك بعد أن قلل الشاب القادم من مدينة حلب من احترام أحد أفراد الشرطة، وفق المحضر الذي حرره الشرطي.
بعدها دخلت السلطات القرينة في اتصالات مع السلطات السورية في 7 أكتوبر، أي بعد يومين من وضع الشاب رهن الاعتقال، وسماع “قاضي الحريات والاعتقال” إلى أقواله. في ملحق المحكمة، أكد القاضي استمرار احتجازه بهدف ترحيله إلى بلده الأصلي. يرى القاضي أنه لم “يُثبت أن ترحيل الشخص المعني لا يمكن أن يتم خلال فترة الاحتجاز” (بحد أقصى 90 يومًا مسموحًا به)، ويحرص على تحديد أنه تم إجراء اتصالات مع سلطات نظام الأسد (جميع عمليات الإعادة تخضع لإصدار بلد المنشأ لتصريح قنصلي).
بعد شهر، أي في 4 نوفمبر، قام قاض آخر بتمديد فترة احتجاز ماجد وأكد مجدداً أنه تم الاتصال بسلطات نظام الأسد بهدف ترحيله إلى دمشق. حتى إنه أضاف أنهم أجابوا لكنهم رفضوا إصدار تصريح للشاب في الوقت الحالي، لأنه غير قادر على إبراز جواز سفره. وبحسب اثنين من قضاة التحقيق، فقد تم إجراء اتصالات مع نظام “مذنب بارتكاب جرائم حرب”، على حد تعبير ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة.
وتابع ”ميديابارت” التوضيح أن ماجد رفع القضية أمام القضاء الإداري، لكن خلال جلسة الاستماع العلنية في 12 أكتوبر، أكد القاضي أنه يمكن تسليم الشاب إلى سوريا، البلد الذي دمرته إحدى عشرة سنة من الحرب. وكتب في حكمه: “إن وقوع اشتباكات عنيفة في البلاد لا يمثل وصفًا لحالة العنف المعمم بحيث يكون مواطن البلد بهذه الحقيقة وحدها كما لو كان معرضًا شخصيًا للمخاطر، خلافا لأحكام المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية”.
وينقل “ميديابارت” عن المحامية لوسي سيمون احتجاجها بالقول: “من الواضح، بحسب هذا القاضي، أنه لا يوجد عنف معمم في سوريا، ولا خطر على ماجد بالتعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة. هذا القرار هو عكس كل ما تقوله التقارير الدولية عن الوضع في سوريا”.
وتتحدث مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في تقرير حديث لها، عن مقتل أكثر من 306 آلاف مدني منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011. وقتل قرابة 100 ألف شخص في سجون نظام الأسد.
وفقًا لمنظمات حقوقية تم وضع عشرة سوريين في مركز للاحتجاز بفرنسا منذ بداية العام، حيث ورد في خمس حالات أنه تم إجراء اتصالات مع السلطات السورية بهدف إعادتهم إلى دمشق. وعبرت منظمات عن قلقها من مصادقة القضاة على قرارات الطرد هذه، ومن أن Ofpra [المكتب الفرنسي المسؤول عن منح أو عدم منح وضع اللاجئ]، لم تعد تقبل طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بشكل منهجي، وهي نقطة تحول.
وأشار “ميديابارت” إلى أنه يفترض أن يتم الاستماع إلى ماجد مرة أخرى في يوم الرابع من ديسمبر الجاري من قبل قاضي الحريات والاعتقال، الذي سيتعين عليه أن يقرر، مرة أخرى، استمرار احتجازه أم لا.
عذراً التعليقات مغلقة