يعتبر التصريح الذي أدلى به مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، حول اللجنة الدستورية السورية، بأنه تعمد روسي مباشر للقضاء على المسار الذي أنشأته هي بالتفاف على القرار الدولي 2254.
لافرنتييف قال إن إنشاء الدستور السوري الجديد يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة أو تغيير صلاحيات الرئيس. ما قد يعني إغلاق أبواب الحل السوري، فضلا عن أنه أوقع المعارضة في مأزق.
وتسبب حديث لافرنتييف، باستقالة عضو اللجنة الدستورية السورية، العميد السوري السابق، إبراهيم الجباوي، وانسحابه من اللجنة التي تفاوض من أجل وضع دستور جديد للبلاد، ما طرح تساؤلا حول مسار اللجنة وهل قُضي على مشروع الحل السياسي في سوريا؟
تصريح بمنزلة رفع السقف
قال عضو اللجنة الدستورية، المحامي حسن الحريري، لـ”الحل نت”، إن تصريح لافرنتيف هو “إعلامي موجه إلى دول تواجه روسيا بملفات أخرى”. وهذا التصريح وفق رأيه بمثابة رفع السقف.
وأضاف الحريري، “خصوصا بأن العملية الدستورية لم تصل بعد إلى مناقشة السلطات. ولا سيما السلطة التنفيذية ورأسها، إذ ما زالت بالمبادئ الأساسية”.
واعتبر الحريري، أن التصريح الروسي مؤشر على أن هذا الأمر قد تم مناقشته بدوائر أخرى، والروس يرسلون رسائل بهذا الخصوص.
ومن جهته، أكد أحد أعضاء اللجنة الدستورية السورية، الدبلوماسي السابق، بشار حاج علي، لـ”الحل نت”، أنه “ما زالت روسيا تدعم نظام السلطة الحاكمة في دمشق بشتى الوسائل وتأتي تصريحات المبعوث الروسي لافرنتييف. ضمن المحاولات الروسية لتطبيق حل سياسي وفق رؤيتها”.
وأضاف “من الطبيعي أن تكون هذه التصريحات هي تهديد واضح للمسار السياسي الأممي. والذي يستند على القرارات الأممية خاصة 2254، الذي ينص على انتقال سياسي ومن ضمن مفرداته دستور جديد”.
وبرأي الحاج علي، أن التصريحات هي عبارة عن رسائل دولية في ظل تصاعد المواجهات مع الغرب الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا في أوكرانيا وبولندا والبوسنة.
هل فعلا قُضي على مسار اللجنة الدستورية السورية في جنيف؟
وبيّن الحريري، أن الروس لم يكونوا يوما جادين بإيجاد حل في سوريا، قائلا: “الشواهد كثيرة أقلها استخدامهم الفيتو لتعطيل أكثر من 12 قرارا بشأن الملف السوري. وعليه “هم يخشون الانتقال السياسي”. مضيفا، “كما يخشون استقرار الوضع كي لا يتم بحث الاتفاقات المبهمة التي تم توقيعها مع بشار الأسد”.
وحول استقالة الجباوي، عدّ الحريري، أن الانسحابات “ليست حلا ولم تكن حلا”؛ لأن الجهة التي يمثلها الشخص المستقيل بإمكانها تعويض المكان بشخص آخر، وهذا برسم هيئة المفاوضات كونها المرجع للجنة الدستورية.
وفي السياق ذاته، لا يعتقد الحاج علي، أن هناك إنهاء للمسار السياسي في جنيف، ولا تؤدي هذه التصريحات إلى إنهاء اللجنة الدستورية. بل هي محاولة لرفع السقف التفاوضي، وفرض رؤيتها حيث لا ترى مصالحها إلا مع بقاء السلطة الحاكمة. “دون أي اعتبار للضحايا والمعتقلين والمهجرين واللاجئين ولا لإرادة السوريين في سوريا”.
وحول مجابهة التصريحات الروسية، يرى الحاج علي، أنه على قوى المعارضة اتخاذ تصعيد مقابل. من خلال اتخاذ خطوات وإرسال رسائل لمجلس الأمن والمبعوث الأممي، غير بيدرسون، من أجل حثه على تفعيل آلية منتجة لتطبيق القرار 2245.
تصريح أعقبه انسحاب
وانسحب الجباوي من اللجنة الدستورية السورية، يوم الاثنين الفائت، على الهواء مباشرة في إحدى المداخلات التلفزيونية، بعد وصف تصريحات لافرنتييف على أنها داعمه للرئيس السوري، بشار الأسد، ومحاولة إنتاجه من جديد.
وكان المبعوث لافرنتييف قال في مقابلة مع وكالة “تاس” الروسية، إن “إنشاء الدستور السوري الجديد يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة في ذلك البلد. وإذا سعى شخص ما إلى هدف وضع دستور جديد من أجل تغيير صلاحيات الرئيس. وبالتالي محاولة تغيير السلطة في دمشق، فإن هذا الطريق لا يؤدي إلى شيء”.
وأوضح المبعوث الروسي بأن حكومة دمشق راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديله. وإذا رأت المعارضة ضرورة في ذلك يمكن النظر في المقترحات. وطرحها على التصويت في استفتاء أو الموافقة عليه بأي صيغة أخرى.
الجدير ذكره، أن اللجنة الدستورية عقدت 6 جولات من المفاوضات في مدينة جنيف السويسرية، دون أي نتائج تذكر. كما ومن المزمع عقد الاجتماع السابع للجنة الدستورية في يناير/كانون الثاني 2022.
عذراً التعليقات مغلقة