عجت وسائل التواصل في الأيام القليلة الماضية بصور المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب في السجون السورية والتي جمعها ووثقها وسربها الملقب “قيصر”المصور السابق في أجهزة الأمن السورية بعد انشقاقه عنها، مما سبب مشاعر سلبية كثيرة تمتزج بين الحزن والغضب والتذكير بقضايا المغيبين قسرا و توحي فداحة الصور كيف أن أغلبهم قضى تحت التعذيب بطرق بالغة التوحش والإجرام.
لكن هل سألنا أنفسنا مدى تأثير هذه الصور على عائلات الضحايا التي مازالت تملك أمل بأن أولادهم أو أقربائهم على قيد الحياة؟ أو ما مدى الأذى النفسي الذي سيلحقه رؤية المعني لابنه أو أخيه لهذه النهاية المفجعة وربما كانت آخر ذكرى عنه وهو على قيد الحياة صور مفعمة بالحياة والأمل.
من الطبيعي أن يبحث الأهل عن مصير أولادهم واحبتهم للتأكد من مصيرهم ولكن هل يحق لأي إنسان يملك حساب على وسائل التواصل أن بعرض الصور بكل بساطة دون أن يفكر بنتائج هذا التصرف مهما كانت الغاية نبيلة؟
هل تحولت وسائل التواصل الإجتماعي لمركز توثيق وهل هذه مهمتها من الأساس؟ وهل يعرف كل شخص قام بالمشاركة بالتأثير السلبي لهذا العمل؟
تناقلت وسائل الإعلام وفاة مسن بعد رؤيته لصورة ابنه أثناء البحث وربما توفي قبل أن يصل لصورته من هول المشاهد التي اضطر لرؤيتها أثناء البحث الطويل بين آلاف الصور ،هل هذه طريقة صحيحة لتعرف الآباء على مصير أبنائهم؟
هل سألنا أنفسنا عن رغبة الأهل حول هذه القضية؟ هل يريدون للجميع رؤية أحبتهم بهذه الصورة؟ ربما لهم رأي آخر أو الاحتفاظ بذكرى أقل وحشية في ذاكرتهم أو ذاكرة المحيطين بالضحية .
بعد أيام من نشر الصور بالفضاء العالم، ظهرت أكثر من دعوى لمستخدمي الفيس بوك يطلبون من الناس التوقف عن النشر والمشاركة ، احتراما لمشاعر الأهل وعدم قدرة بعضهم على تحمل قساوة الصور مما يؤكد أن قرار النشر بهذه الطريقة العشوائية كان لها تأثير سلبي أكثر بكثير من الغاية النبيلة التي رافقت هذا الفعل بحسن نية.
ولكن هل تصب دائما حسن النوايا في الطريق الصحيح للوصول للعدالة؟ وهل رد الفعل الجمعي المنبثق من مشاعر إنسانية تتمثل بالغضب أو الحزن الآني كاف لإحداث هذا الأثر؟ ربما هذه الحادثة وطرق التعامل معها يفتح أعيننا أن ليس كل قضية عامة هي ملك للجميع وليس كل شخص يملك حساب على وسائل التواصل الإجتماعي يحق له أن يتخذ قرارات تعود لآخرين ربما لا يرغبون بسلك هذا الطريق المؤلم.
عذراً التعليقات مغلقة