أحوال درعا الاقتصادية في تدهور مستمر

فريق التحرير6 مارس 2020آخر تحديث :
أحد حواجز قوات الاسد في درعا – رويترز

لجين المليحان – حرية برس:

ليس حال الوضع الاقتصادي في درعا بأفضل من باقي المناطق في سورية، فالتدهور الاقتصادي في في تزايد وتفاقم مستمر، وبحسب إحصائيات عالمية فإن سورية تصنف من أكثر الدول فقرا في العالم بنسبة82%، وليست درعا بمعزل عن هذا فهي الأخرى تعاني من وضع اقتصادي متردي وخصوصا بعد مرور عام ونصف على اتفاق التسوية 2018، الذي جاء بعد حملة عسكرية شرسة أكلت البشر والحجر، وحصدت كالجراد كل مايملكه المواطن، مما فاقم وضعه المعيشي وتردي حاله.

“الوضع الاقتصادي في درعا سيء، ولا يحمل في طياته أي نوع من أنواع الاستقرار لا الجزئي ولا الكلي، وارتفاع في الأسعار، فقر، بطالة، فساد، تعطل في عملية الإنتاج والأهم انخفاض كبير في الزراعة” هكذا وصف الباحث الاقتصادي (مناف قومان) لـ”حرية برس” حال المحافظة، مضيفاً “فالنظام بعد سيطرته على الجنوب السوري في2018 يفعل مؤسسات الدولة ولكنه لأسباب كثيرة غير قادر على تحقيق الاستحقاقات المعيشية، لذا إذا كان هناك نوع من الاستقرار المعيشي في المحافظة فهو يعود لطبيعتها الزراعية وأهلها المغتربين، إذ تقوم كل عائلة بالاعتماد على الاكتفاء الذاتي من طعام وشراب بما توفر من المحصول الزراعي، وتأتيها مساعدات مالية من أقارب لها في الخارج”.

ويعتقد (قومان) أن “الحوامل المالية اليوم للمواطنين في درعا بين العمل في مؤسسات الدولة نفسها والاعتماد على الراتب الذي يتقاضاه نهاية كل شهر، والأعمال اليومية التي لا تنقطع بطبيعة الحال، والحامل الآخر هو المساعدات المالية من الخارج التي تأتي من الأقارب والأصدقاء”.

وأضاف “كما تلجأ العائلات لاستراتيجيات التكيف مع شظف العيش مثل إخراج الأطفال من المدارس وزجهم في سوق العمل، السفر خارج البلد، العمل في أمور غير مشروعة مثل التهريب والرشوة والفساد المالي، التقشف في تكاليف المعيشة اليومية”.

وفيما يخص ارتفاع الدولار والأسعار يشير (قومان) إلى “الأساس أن سورية اليوم دولة غير منتجة أو بالأحرى غير قادرة على الإنتاج بسبب ظروف الحرب وحالة عدم الاستقرار والعقوبات المفروضة، وبالتالي تضطر الحكومة لاستيراد مادة القمح، التي كانت سورية مكتفية منها ذاتيا، من الخارج وكذلك الأرز والزيوت إضافة إلى مواد المحروقات والمواد الأولية والأساسيات الأخرى، وكل هذه المواد يتم دفع فواتيرها بالدولار، ما يحصل أن شح الدولار في السوق المحلية السورية وسياسات البنك المركزي إضافة لوضع الحرب تدفع قيمة الليرة للانخفاض أمام الدولار، فما كان يتم شراءه مقابل كل دولار 500 ليرة يدفع اليوم ألف ليرة للحصول على الدولار فترتفع الأثمان الداخلية مرتبطة بالسوق السوداء وحالة الضبابية، ونتيجة ارتفاع الأسعار تنخفض القوة الشرائية لدخول الموظفين والعمال”.

ولفت (قومان) الانتباه إلى عجز نظام الأسد بأنه لا يملك دولار في خزينته، ويفقد السيطرة على محافظات تمتلك أهم موارد البلد من نفط وغاز إضافة إلى العقوبات التي تحاصره من كل جانب وتمنعه من التحرك بسهولة.

يقترح (قومان) في النهاية أنه يجب الاعتماد على مواد الطاقة البديلة بشكل أكثر من المعتاد لتوليد الكهرباء، زراعة الأراضي الزراعية وتفعيل هذا القطاع الهام الذي من شأنه أن يوفر الغذاء وحاجات الأهالي، التقشف في المعيشة، واستقبال المساعدة المالية من الخارج، تسهم هذه المقترحات في الصمود بالحد الأدنى.

من جانبه تحدث لنا الدكتور (بسام السلامات) قائلاً: “بعد اعادة سيطرة نظام الأسد على محافظة درعا تم تدمير و نهب عدد كبير من القرى، فالوضع الإقتصادي لايختلف عن الوضع السياسي في المنطقة الجنوبية فكلاهما يسيران بخط مستقيم حيث تراجع المستوى المعيشي في محافظة درعا كثيرا، ويعود هذا التراجع بسبب القبضة الأمنية ووضع الحواجز وانقطاع المساعدات كالغذائية والطبية التي كانت تصل إلى المنطقة الجنوبية في فترة تحرير هذه المنطقة، كما تراجعت كذلك فرص العمل وكذلك المباني مباني قطاع الخدمات التي دمرها النظام لم يعد تأهيلها بعد أن دمرها النظام وأحرقها”.

ويضيف السلامات أن “الكثير من أهالي بلدات ومدن درعا حاولوا التعايش مع الوضع الراهن من تدني للخدمات وارتفاع أسعار المواد الغذائية بين الحين والآخر وندرتها وهناك طوابير على المخابز ومحطات الوقود حتى ندرة مياه الشرب وإن وجدت هذه المياه فإن اسعارها باهضة ويتم بيعها عن طريق صهاريج واستغلالها عن طريق التجار”.

ونوه إلى إن أهالي درعا يتخوفون من المرحلة المقبلة محاولة النظام التضييق عليهم، فالنظام ينشر عدد كبير من الحواجز الأمنية، كما يغادر درعا يوميا مابين 10 إلى 20 شخصاََ وأكثرهم من فئة الشباب بسبب تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية بحيث يتعرض هؤلاء الراغبين بالخروج إلى رحلة تهريب محفوفة بالمخاطر وجميع أنواع الابتزازات مقابل مبلغ 3000 دولار للشخص الواحد إلى لبنان وفي بعض الاحيان يتم تسليم هؤلاء الشباب إلى الأجهزة الأمنية.

‏ويشير (السلامات) إلى أن حوالي88 % من أبناء حوران يعملون في دول الخليج، وبسبب اغترابهم يتم إرسال الأموال إلى عائلاتهم وذويهم، هذه الأموال تصرف بمدن حوران في المحال تجارية ومنشآت ومشاريع وعقارات وغيره،أما الآن فإن جميع هؤلاء لا يرسلون أموالا كما السابق بسبب تهجير عائلات بعضهم للخارج، ومن بقي منها بداخل ترسل إليهم مبالغ مالية قليلة فقط للمعيشة اليومية.

وذكر (السلامات) أن النظام السوري لم يصلح شيئا من البنى التحتية في مدن وقرى حوران، فعلى سبيل المثال في مدينة الحراك تم ترميم 3 مدارس و3 مساجد وأبار المياه على النفقة الخاصة لأشخاص من أبناء المدينة يقيمون في الكويت، فتدهور الأوضاع الاقتصادية وعجز نظام الأسد والغلاء المتزايد آفة عطلت الكثير من الأمور، فالمزارع لا يستطيع زراعة أراضيه بسبب غلاء المحروقات وقلة السيولة النقدية بيده، وأيضا تراجعت تربية المواشي بسبب غلاء أسعار الأعلاف، وحركة النقل شبه معدومة وغيرها من مصالح خدمية ومعيشية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة